تركيا تهدد أوروبا باللاجئين وسجناء داعش
تهديدات وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، بإعادة أعضاء تنظيم “داعش” الإرهابي الأسرى إلى بلدانهم الأصلية، أثارت الكثير من ردود الفعل داخل الاتحاد الأوروبي وتساءل مراقبون عن كيفية مواجهة الغرب لتلك الأزمة وتداعياتها على الأمن والاستقرار الدوليين وما الذي دفع أنقرة للحديث عن تلك الكارثة في هذا الوقت.
انتظار الفرصة
قال الدكتور قيس النوري أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد والسفير السابق بالخارجية العراقية لـ”سبوتنيك”، النظام التركي لم يهدد باعادة الدواعش الموجودين في سجونه إلى بلدانهم خاصة الأوربيين منهم، إنما السلطات التركية لمحت إلى فتح الأبواب على اللاجئين الذين يقيمون في تركيا بغرض التوجه إلى أوربا وهم بالآلاف، واصل تواجدهم هنا مؤقت بانتظار الفرصة لهم والسماح بالعبور نحو دول الاتحاد الأوروبي.
ضغط سياسي
وأضاف النوري، سبق وأن عقد الاتحاد الأوروبي اتفاق مع الحكومة التركية بغلق المنافذ ومنع تدفق اللاجئين انطلاقا من الأراضي التركية مقابل وعد أوروبي لتركيا بتغطية مالية مقابل بقائهم لكن الاتحاد لم يكمل بنود هذه الصفقة.
وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى أن النظام التركي يستخدم هذه الورقة لأغراض سياسية بحتة في إطار ضغوطه على الجانب الأوربي وهى ورقة ما زال يلوح بها، علما بأن عدد اللاجئين ومن مختلف الجنسيات يبلغون حوالي ٢ مليون إنسان من دول عربية وأفريقية وجنسيات أخرى.
تحمل المسؤولية
قال محمد زاهد جول الكاتب والمحلل السياسي التركي لـ “سبوتنيك”، إن هناك سجناء ومعتقلين من تنظيم داعش منذ عملية درع الفرات في شرقي سوريا، والتصريحات التركية حول إعادتهم إلى بلادهم لا تتعلق بعملية “نبع السلام” التي تقوم بها القوات التركية في شمال شرق الفرات، حيث توجد عدد من السجون على الأراضي السورية في المناطق التي يسيطر عليها “الجيش الحر” يحتجز بها الدواعش.
وأضاف جول، أن تلك السجون بها أتراك وبطبيعة الحال هؤلاء سيحاكمون داخل الأراضي التركية، وبالنسبة للأجانب فقد طلبت أنقرة من دول الاتحاد الأوروبي بأن تتولى مسؤولية مواطنيها المحتجزين في نفس السجون، وهو نفس الطلب الذي كرره الرئيس الأمريكي بضرورة التفاعل الأوروبي وتحمل جزء من المسؤولية تجاه هؤلاء.
وأكد الكاتب والمحلل السياسي، أن تلك الدعوات التركية والأمريكية لم تجد استجابة حتى الآن ما عدا دولتين فقط، وقد تم بالفعل ترحيل هولنديتين من زوجات الدواعش، ولا يوجد حتى اللحظة تفاعل من فرنسا وألمانيا صاحبتا النصيب الأكبر من عناصر التنظيم بشكل عام، وستبقى تلك السجون على الأراضي السورية إلى أن يكون هناك تجاوب دولي.
حقيقة الابتزاز التركي
وحول ما تناولته بعض وسائل الإعلام عن استخدام تركيا لهذا الملف من أجل ابتزاز الغرب قال جول، في تلك النقطة تحديدا لا أرى أن هناك ابتزاز تركي، لأن مخيمات وسجون منتسبي داعش تعاني منها الدولة العراقية أيضا، حيث تشرف حكومة بغداد على مخيم “أبو الهول” والذي يضم أكثر من 70 ألف من أبناء وزوجات عناصر داعش، والذين يعيشون بشكل طبيعي في المخيم وبالتالي سيكون لنا جيل من أبناء التنظيم إذا ما تركت الأمور كما هى عليه اليوم.
الكارثة الكبرى
وطالب جول، المجتمع الدولي بتحمل مسؤوليته تجاه هؤلاء، إما بسجنهم أو إعادة تأهيلهم وإن لم يتم تضافر الجهود الدولية تجاه هذا الأمر فأعتقد أننا أمام كارثة كبيرة سوف تنفجر بعد سنوات قليلة.
وأشار المحلل السياسي إلى أن تركيا والعراق ليس هما المسؤولين وحدهما عن معتقلي ومعتقلات داعش على الأراضي السورية، والأزمة ليست في المعتقلات فقط بل في أسر هؤلاء من النساء والأطفال والذين يمثلون الخطر الأكبر لأنهم تربوا في مدرسة التنظيم وزرعت أفكاره في رؤوسهم، وهؤلاء يحتاجون إلى إعادة تأهيل بطرق طويلة الأمد، ولا يجب أن يترك هؤلاء بأي حال أحرارا، لأنهم قنابل يمكن أن تنفجر في أي مكان.
وكرر جول أن العراق وحدها بها 5 مخيمات لأسر الدواعش خلافا للمعتقلات التي تشرف عليها “قسد” وباقي تلك الأماكن على الأرض السورية والتي يبلغ تعدادها بالآلاف، تلك كارثة كبرى ستحل على الجميع لذا وجب التعاون من أجل السلم الدولي وتحمل المسؤولية.
أوراق النازحين واللاجئين
قال ثائر البياتي السياسي العراقي لـ “سبوتنيك” إن الاتراك بيدهم ورقة النازحين واللاجئين من الدواعش على الأرض السورية، ويمكنها دفع الكثيرين عبر فتح طريق التهريب كما حدث من قبل، وكل التحضيرات جاهزة والأمور ستتطور إن لم تستجب الدول الغربية ويمكن أن تتحول إلى فوضى.
وأشار السياسي العراقي إلى أن جهات تركية قامت بتجهيز الزوارق، وخيارات اللاجئين في تركيا اصبحت محدوده وأغلبهم يريد الهجرة إلى أوروبا، ومازالت تنتظر تركيا تنتظر التجاوب الأوروبي.
وأوضح البياتي، أن الملف فيه تداخلات كثيرة إقليمية ودولية وخصوصا فيما يتعلق بالسجون التي يسيطر عليها الكرد من ذوي العلاقات الوطيدة مع إيران وبالاخص جناح PKK والذي أصبح جناح من قسد، وإذا استمر الوضع على ما هو عليه علينا أن ننتظر ظهور تنظيم جديد من داعش خلال الفترة القادمة.
اقرأ أيضا: هل يتم إقصاء تركيا من حلف الناتو؟
تهديدات متكررة
أما محمود البتاكوشي الباحث في الشأن التركي فقال لـ”سبوتنيك” تهديد وزيرالداخلية التركي، سليمان صويلو، بإعادة سجناء تنظيم داعش الإرهابي إلى بلدانهم الأصلية في الدول الأوروبية، ليس الأول من نوعه فطالما هدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بفتح حدود بلاده أمام اللاجئين السوريين، والذين يقدر عددهم أكثر من 3.5 مليون شخص للتوجه نحو أوروبا.
وتابع الباحث في الشأن التركي، تحاول أنقرة الحصول على مكاسب ومساعدات من الدول الأوروبية وفي مقدمتهم انجلترا وفرنسا وألمانيا تنعش الاقتصاد التركي.
مأزق خطير
ولفت البتاكوشي إلى أن التهديد التركي بعودة عناصر داعش إلى بلدانهم يضع الدول الأوروبية في مأزق بالغ الخطورة أمام شعوبهم لخطورة ذلك على أمنهم القومي، لاسيما أن تلك الدول تعرضت لعدة هجمات إرهابية في السابق، لذا فليس أمامها سوى محاولة ترضية تركيا ماليا مقابل عدم تصدير عناصر داعش.
وأوضح الباحث، ليست هذه هى السابقة الأولى فقد هددت بفتح الحدود في السابق أم اللاجئين نحو أوربا ودفع الاتحاد الأوروبي وقتها عدة مليارات كمساعدات لتركيا، لكن تلك التهديدات قد تتعدى الحصول على مساعدات من دول أوروبا، حيث تسعى انقرة منذ عقود طويلة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي ولكنها تقابل بالرفض.
الغرب لا يريدهم
وتوقع البتاكوشي، أن تشهد الأيام المقبلة قيام وكالات الأمن والاستخبارات الأوروبية المتواجدين في أوروبا باستهداف عناصر داعش المقاتلين وتصفيتهم، لأنه حال عودتهم إلى بلدانهم في أوروبا لن يتمكنوا من التعامل معهم بسبب قيود قانونية تخص عدم وجود أدلة دامغة بشأن إثبات مشاركتهم في أعمال عنف بالشرق الأوسط، وهو ما يضعهم فقط تحت المراقبة التي لا تكون ناجحة أحيانا في إحباط أي هجوم محتمل، ويعرضهم لأزمات مع شعوبهم.
قال وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، أمس السبت، إن “تركيا ستعيد أعضاء تنظيم “داعش” الإرهابي الأسرى إلى بلدانهم الأصلية وشكا من تقاعس الاتحاد الأوروبي عن هذه المسألة”.
وعن مغادرة أوروبا للتعامل مع السجناء وحدهم قال صويلو: “هذا غير مقبول بالنسبة لنا، إنه أمر غير مسؤول”، وذلك حسب وكالة “الأناضول” التركية.
وأضاف: “سنرسل أعضاء داعش الذين تم أسرهم إلى بلادهم”، وقال “ليس هولندا فقط تجرد إرهابيي “داعش” من الجنسية، يوجد بريطانيا أيضا تقوم بذلك، فالجميع يلجأ لأسهل السبل للتملص من المسؤولية الملقاة على عاتقه”.
وأعلنت تركيا مؤخرا، أنها اعتقلت بعض أعضاء تنظيم “داعش” الإرهابي الذين فروا في شمال شرق سوريا خلال الشهر الماضي بعد أن قامت أنقرة بعملية عسكرية أطلقت عليها “نبع السلام”.