ما حقيقة إقامة قاعدة عسكرية روسية جديدة في سوريا؟
تناولت بعض وسائل الإعلام خلال الأسابيع الماضية أخبارا حول قيام روسيا بالتجهيز لإقامة قاعدة عسكرية ثالثة في سوريا، الأمر الذي تهكم عليه السوريون، في إشارة إلى المشاركة العسكرية والتنسيق الكامل بين البلدين، الأمر الذي يعني أن هذا الحديث بات من الماضي.
فما هي حقيقة القاعدة العسكرية الثالثة، في الوقت الذي تحتفظ فيه روسيا بقاعدتين عسكريتيين داخل سوريا منذ سنوات.
حليف وصديق
قال اللواء محمد عباس، الخبير العسكري والاستراتيجي السوري لـ”سبوتنيك”، إن الحديث عن قواعد عسكرية روسية جديدة أو قاعدة عسكرية ثالثة كما يروج البعض، اعتقد أنه مضى زمان طرح مثل هذه المفردات، لأن روسيا حليف وصديق وتقف بجانب الدولة السورية بكل ما تعنية الكلمة، ولا اعتقد أنها بحاجة إلى قواعد عسكرية جديدة.
وأضاف الخبير العسكري، فهناك قاعدية جوية في حميميم وقاعدة أخرى بحرية لروسيا في سوريا، بالإضافة إلى التعامل اللوجستي الكامل بين القوات الروسية والسورية، والذي يعني أن هناك الكثير من المؤشرات التي تدعم وتؤيد هذا التشارك، فنحن جميعا شركاء دم في محاربة الإرهاب.
وأشار عباس إلى أن الحديث عن قاعدة عسكرية روسية ثالثة في سوريا يعني أن هذه محاولة جديدة لإخفاء الدور الروسي في سوريا والذي لا يتحدد من خلال عدد القواعد العسكرية بل من خلال الممارسات القوية من جانب روسيا في مكافحة الإرهاب، وكذا دور الشعب السوري في مكافحة الإرهاب الأمريكي.
وأكد الخبير العسكري أن التنسيق عالي المستوى بين القوات المسلحة في البلدين أنتج قوات قتالية عالية في سوريا تعمل على مكافحة الإرهاب، وما يشاع في الإعلام قد يكون له مقاصد أخرى.
حملات معادية
من جانبه، قال المحلل السياسي اللبناني نضال السبع لـ”سبوتنيك”، روسيا تدخلت في سوريا بنهاية العام 2015 وبعد أن فقدت الحكومة السورية 80 بالمئة من الأراضي السورية، فحققت الانتصارات التي نراها الآن على الارض، وعمليا كانت روسيا تحتفظ بقاعدة “حميميم العسكرية” فلماذ يثار في هذا التوقيت بعد أن سيطرت الحكومة السورية على أغلب المناطق بما فيها مناطق شرق الفرات بعد عقد التفاهمات مع الأكراد.
وأضاف المحلل السياسي، ما هو الداعي حاليا لأن تقوم روسيا الآن وفي هذا التوقيت بإقامة قاعدة أخرى، واعتقد أن خبر القاعدة العسكرية الروسية الثالثة في سوريا يتطابق مع كل أحاديث الأطراف المعادية لروسيا، من أجل تصوير الأمر وكأن روسيا تحاول ابتلاع سوريا والسيطرة على كل النفط والموارد ومصادرة القرار السياسي.
وتابع السبع، اعتقد أن تلك الشائعات هى جزء من الحملة على روسيا في ظل التخوفات الروسية الحالية مما يحدث في لبنان وما قد تؤدي إليه استمرار تلك الحالة من فراغ أمني يفتح الأبواب أمام التنظيمات المتطرفة للتدخل في لبنان وبشكل خاص المناطق الشمالية القريبة من قاعدة “حميمييم”، ولذا تسعى روسيا مع كل الأطراف من أجل الوصول إلى حل توافقي في لبنان.
تطورات في الشمال
أما تيمور دويدار المحلل السياسي المتخصص في الشأن الروسي فقال لـ”سبوتنيك”، روسيا متواجده بقواتها العسكرية لمساعدة الشعب السوري، وحققت الكثير من الانجازات على الأرض وليست بحاجة لقواعد عسكرية جديدة ولكن قد تكون تطورات الأوضاع الأخيرة على الأرض تستدعي ذلك.
وأضاف دويدار، قد تكون روسيا في احتياج لتلك القاعدة في الشمال السوري وشرق الفرات بعد تواجدها عسكريا في تلك المناطق وذلك لفرض الأمن وتقديم الدعم اللوجستي لقواتها في تلك المناطق وحتى لا تكون مناطق الإمداد والتموين بعيد عنها نسبيا، كما أنها بحاجة إلى مطارات لإقلاع وهبوط الطائرات للقيام بعملياتها داخل الأراضي السورية.
وأشار المحلل السياسي، إلى أنه في حال قيام روسيا بمثل تلك الخطوة، فإنها ستكون مؤقتة وتنتهي باستقرار الأوضاع في تلك المناطق خلافا لما يجري العمل به في القواعد العسكرية الروسية المتواجدة منذ سنوات في سوريا وقبل العام 2011.
قواعد أمريكية
يأتي هذا في الوقت الذي تحدثت فيه بعض المصادر في وقت سابق لـ”سبوتنيك”، بشروع الجيش الأمريكي بتجهيز المواد اللازمة لبناء قاعدتين جديدتين في محافظة دير الزور الغنية بالنفط في شمال شرق سوريا.
وأفادت مصادر محلية لوكالة “الأناضول”، بأن “الجيش الأمريكي يستعد لبناء قواعد في منطقه سور، ويوجد عدد كبير من معدات البناء في هذه الأراضي، وتم نشر 250-300 عسكري إضافي في المنطقة، فضلا عن ناقلات أفراد مصفحة وأسلحة ثقيلة وذخائر”.
وعلى الرغم من إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، انسحاب قوات بلاده من الشمال السوري، وذلك تزامنا مع بدء عملية “نبع السلام” التركية، إلا أنه أكد بقاء قسم منها بسوريا بهدف “حماية” حقول النفط.
وتسيطر القوات الأمريكية على أهم حقول النفط والغاز في شرق سوريا، وأكدت وزارة الدفاع الأمريكية، في وقت سابق، أنها خططت لتعزيز وجودها العسكري في شمال شرق سوريا، من أجل منع الإرهابيين من الوصول إلى حقول النفط، موضحةً أن واشنطن تدرس كيفية نقل القوات في هذه المنطقة لتعزيز حماية النفط.
وتقع في محافظة دير الزور العديد من حقول إنتاج النفط مثل حقل العمر وحقل التنك وكونيكو والرميلان ويعد حقل العمر النفطي أكبر حقول النفط في سوريا مساحة وإنتاجا، ويقع على الضفة الشرقية لنهر الفرات، على بعد حوالي عشرة كيلومترات شرقي مدينة الميادين في محافظة دير الزور. وتستخدمه القوات الأمريكية كقاعدة عسكرية.
اقرأ أيضا: دول الاتحاد الأوروبي تتفق على فرض عقوبات على تركيا
ويصل إنتاج الحقل وفق إحصائيات الحكومة السورية قبل اندلاع الأزمة إلى 30 ألف برميل يوميا.
وقال المبعوث الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرينتيف، في وقت سابق، بأن مناطق إنتاج النفط في شمال شرق سوريا يجب أن تسيطر عليها الحكومة السورية.
ومن جانبه أشار المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية، إيغور كوناشينكوف، في وقت سابق، إلى أن الهيئات الحكومية الأمريكية تتلقى أكثر من 30 مليون دولار شهريا من إنتاج النفط في سوريا.