كيف تنشط قدرة عقلك على التعلم؟
في الموسيقى يوجد معيار، في الجوجيتسو يدعى ترويض، والغالبية تسميه تدرب.
أياً كان تعريفك، الكثير يعتقد بأن تلك العظمة مجرد قدره تتطلب التدرب على مهارة قبل احترافها. إنها الاستمرار بالتدرب على رميتك الحرة حتى بعدما أحرزت كل الرميات.
إنها عزف الأغنية مره أخرى حتى بالرغم من كونك لم تقترف أي خطأ.
يسمي العلماء هذه النقطة التي تسبق التطور “الإفراط في التعلم”. دراسة حديثة في علم الأعصاب الطبيعي تقترح بأنه من الممكن تطوير الأداء بتحفيز مواد كيميائية في الدماغ .
لفهم كيف يؤثر الإفراط في التعلم على قدرتنا لاكتساب مهارة جديدة، عرّض الباحثون فريقين لسلسة من تدريبات التعلم والإدراك البصري تحديدا خطوط توجيهية على شاشة تسمى ببقع جابور.
في الفريق الأول توقف المتعلمون عن التدرب فور عدم تحسنهم. حدث هذا غالبا في الدورة الثامنة من التدريب. ثم بعد ذلك أخذوا استراحة لمدة ٣٠ دقيقة. بعد الاستراحة، تدربوا على مستوى آخر لكن مقارب لتمرين التعلم البصري.
في اليوم التالي تم اختبار المتدربين, المتدربون أبلوا جيدا في المهمة الثانية التي تعلموها أكثر مؤخرا. وفشلوا في المهمة الأولى، كانت نتائجهم كما لو أنهم لم يتدربوا على الإطلاق.
“في الوضع العادي حين تتوقف عن التدرب على مهارة جديدة فور إتقانك لها، فإن المنطقة المرتبطة بالمهارة في المخ لا تزال بلاستيكية” قال تاكيو واتنابي بروفيسور في العلوم المعرفية اللغوية والنفسية في جامعة براون وكاتب هذه الدراسة.
الأدمغة مرنة، إنها ماهرة في تعلم مهام جديدة. ما يقترحه بحث واتنابي أنه إذا توقفت عن التدرب على مهارة فور اكتسابك لها فإن المخ يبقى في حالة الاستعداد للتعلم. ثم إذا تدربت على مهمة مشابهة بينما عقلك لا يزال في الوضع البلاستيكي، فإنه يقوم بإعادة كتابة المهارة الأولى. ثم يصبح كما لو أنك لم تتعلم المهارة الأولى على الإطلاق.
“قال واتنابي هذا يسمى تداخل انتكاسي” ويبدو أن هذه المشكلة تُعرف عليها منذ سنوات.
لكن في المجموعة الثانية – مجموعة المفرطون في التعلم – المتدربون واصلوا التدرب إلى ما قبل مرحلة الكفاءة، لثماني دورات إضافية عن المجموعة الأولى أو ١٦دورة إجمالاً. مثل المجموعة السابقة، بعد استراحة نصف ساعة تدربوا على مهمة ثانية وفي اليوم التالي تم اختبارهم.
المفرطون في التعلم أدوا المهمة التدريبية الأولى أفضل بكثير من أولائك الذين لم يكرروا التعلم. اتضح أن قضاء ٢٠ دقيقة إضافية في التدرب على مهمة أتقنتها بالفعل يؤدي إلى تحسنات دائمة
الفائدة هي أن التعليم الثاني لا يتداخل مع التعليم الأول. لكن هذه الفائدة بثمن.
“الجزء الثاني من القصة هو أنك تتعلم المهمة الثانية بشكل أقل من جيد” قال روبرت جولدستون بروفيسور في علم السلوك والمخ في جامعة إنديانا، جولدستون لم يكن مشاركاً في هذه الدراسة.
كان أداء الفريق الأول والذي لم يفرط في التعلم أفضل في المهمة الثانية لكن مجمل تقدمه في المهمتين كان أقل من الفريق الثاني المفرط في التعلم. بعبارة أخرى فريق المفرطين في التعلم تعلموا المهمة الأولى أفضل بكثير وتعلموا المهمة الثانية بنصف درجة تعلم الفريق الأولى. بالرغم من تدرب الفريق الأول على المهمتين بشكل أساسي إلا أنهم تعلموا المهمة الثانية فقط.
استخدم وانتابي وزملاءه الرنين المغناطيسي الطيفي (MRS) بدلا من أجهزة (MRI) الوظيفية والمعروفة بـ (FMRI) ، لأن أجهزة (FMRI) تقيس وظائف الدماغ بتعقب الأوكسجين في الدماغ، فالمناطق التي تبذل جهد أكبر تستهلك أوكسجين أكثر, لذلك من الممكن ربط وظيفة الدماغ باستهلاك الأوكسجين, في المقابل أجهزة (MRS) تتعقب المواد الكيميائية مثل الكربون والنيتروجين الموجودة في النواقل العصبية للدماغ، وتسمح للباحثين تقييم أي نواقل العصبية في الدماغ
اقرأ أيضا: فاكهة الكيوي.. تعرف على موطنها الأصلي وفوائدها
باستخدام أجهزة (MRS) أعاد الباحثون تجاربهم السابقة لكن مع تغيير أمرين. أولا: تدرب الفريقان كالعادة إما على وضع ٨ دورات أو وضع ١٦ دورة لكن بدون تمرين ثاني. ثانيا: قام الباحثون بمسح عقول المتدربين بجهاز الرنين المغناطيسي الطيفي قبل الاختبار الأول والتدريب ، أيضاً قاموا بالمسح بعد ٣٠ دقيقة من التدريب، وبعد ثلاث ساعات ونصف من التدريب. وتم إجراء الاختبار الثاني في اليوم التالي.
اكتشف واتنابي أن للدماغ كمية عالية من الغلوتامات في حالة التعلم غير المفرط. الغلوتامات مادة كيميائية تجعل دماغك بلاستيكي أو قابل للتعلم أكثر. أما في حالة التعلم المفرط تقلل كمية الغلوتامات وتزيد كمية GABA مادة كيميائية تحافظ على استقرار الدماغ.
قال واتنابي: ” إذا أفرطت في تعلم المهارة فإن حالة عقلك تتغير بسرعة من كونها بلاستيكية إلى كونها مستقرة” مما يعني بأن دماغك يملك وقت أطول ليحتفظ بالمهارة تجنباً لنسيانها
إذا كنت معلم وتريد التأكد من حصول طلابك على أساس متين في موضوع رئيسي قبل الانتقال إلى آخر أكثر تعقيداً وذا صلة, قد يكون من المنطقي أن تفرط في تعليم الموضوع الأول قبل الانتقال للثاني بهدف مراجعة السابق في وقت لاحق.
ويحذر جولدستون من عدم وضع كل البيض مره واحده في السلة.
بعض الدراسات تقترح بأن الفوائد المكتسبة من الإفراط في التعلم قد تتقلص خلال أقل من أربعة أسابيع. وربما علينا الدمج الإفراط في التعلم مع تقنيات أخرى. مثل التوسيع في التعلم, ودمج المواضيع يساعد أيضاً.
قال جولدستون “أنا مع فكرة أن الإفراط في التعلم يمكن أن يضيف إليك الطلاقة. من الممكن أن يجعلك تستجيب أسرع, من الممكن أن يجعلك تستجيب في حالات عندما يكون لديك مهمتين “.
لذا, إذا كنت الجراح الذي يعمل تحت ضغط الحياة و الموت, أو اللاعب خلف الوسط الذي عليه أن يمرر ولو كان متعب, الاستزادة في العلم قد تكون منطقية. بالنسبة للبقية قد يكون من المفيد دمج تقنيات تعليم أخرى.