استهداف الإلتهاب: الحلقة المفقودة في علاجات القلب
نالت الإلتهابات في الجسم البشري اهتمام الباحثين منذ بضعة عقود كمسبب رئيسي في تطور أمراض القلب والأوعية الدموية. ومع ذلك، فإن تحديد العلاج الذي يؤثر في هذا الارتباط كان أكثر صعوبة. ومع نتائج الدراسة الأخيرة (CANTOS) عن مخرجات عقار كاناكينوماب (Canakinumab) المضاد للالتهاب والتخثر، والتي نشرت في ٢١ سبتمبر ٢٠١٧ في مجلة الطب الباطني نيو انغلاند “The New England Journal of Medicine” فيبدو أن النقاط المجهولة بدأت بالإتصال أخيرا.
“للمرة الأولى فإن لدينا علاج مضاد للالتهابات يمكن أن يقلل من احتمال تكرار إصابة الشخص الذي أُصيب مسبقاً بنوبة قلبية “، كما يقول الدكتور بيتر ليبي -طبيب القلب في مستشفى تابعة لجامعة هارفارد. ويقول البروفيسور الدكتور بول ريدكر – أحد المؤلفين المشاركين في الدراسة: “هذا يفتح مجال جديد للعلاج ويقدم الأمل لمرضانا”.
♦الإلتهابات وأمراض القلب:
الالتهاب هو جزء من استجابة الجسم الطبيعية لحماية نفسه من الأذى، وله نوعان: الحاد والمزمن. يحدث النوع الحاد عند الإصابة أو العدوى. يعمل هذا التفاعل قصير الأمد على تطهير الجسم من المتطفلات الضارة وإصلاح الخلايا التالفة. أما الالتهاب المزمن -من ناحية أخرى- يمكن أن يتطور كاستجابة للتعرض طويل الأمد لمواد غير مرغوب فيها في الجسم، مثل السموم الناتجة عن دخان السجائر أو وجود فائض من الأنسجة الدهنية، خاصة حول الخصر.إن الالتهاب المزمن مهم لصحة القلب لأنه يلعب دورًا محوريًا في الإصابة بتصلب الشرايين (atherosclerosis) –وهو تراكم الدهون الغنية بالكولسترول داخل الشرايين على شكل صفائح (plaque). يدرك جسمك هذه الصفائح على أنها أجسام غريبة لذلك تبدأ الاستجابة الالتهابية لاحتواء الضرر. وتجذب المُراسلات الكيميائية التي يطلق عليها السيتوكينات (cytokines) خلايا الدم البيضاء إلى المنطقة لاستهلاك جزيئات الكوليسترول وتكوين حاجز يمنع التجلطات من الدخول في مجرى الدم. لكن إذا انكسر هذا الحاجز، فقد تنفجر الصفائح ثم تختلط المحتويات بالدم، مما يشكل جلطة يمكن أن تعيق تدفق الدم. هذه الجلطات مسؤولة عن معظم النوبات القلبية والسكتات الدماغية.
♦دروس من (CANTOS):
كان أكثر من عشرة آلاف مريض مسجلين في تجربة (CANTOS) قد عانوا مسبقا من نوبة قلبية. وجد أن لديهم أيضًا مستويات عالية من بروتين سي التفاعلي (C-reactive protein) -وهو مؤشر حيوي يشير إلى وجود التهاب في جميع أنحاء الجسم. كان جميعهم يتناولون أدوية القلب القياسية، لكن بعضهم تناول جرعات متفاوتة من عقار كاناكينوماب (canakinumab). هذا العقار لم يتم تطويره في الأصل كدواء للقلب، وهو عبارة عن جسم مضاد أحادي المنشأ يستخدم لعلاج حالات نادرة من اضطراب المناعة الذاتية لدى الأطفال. حيث يقوم بتعطل العملية الالتهابية من خلال إزالة مفعول سيتوكين معين فعال في تكون تصلب الشرايين.في نهاية الفترة التجريبية، كان الأشخاص الذين تلقوا جرعات أعلى من الدواء أقل عرضة بنسبة ١٥٪ للإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية أو أي حدث آخر للقلب والأوعية الدموية. علق الدكتور ليبي: “حدث هذا على الرغم من أن عقار كاناكينوماب لم يقلل من مستويات الدهون أو يؤثر على أي عوامل الخطر المعروفة للقلب”.
♦ماذا تعني نتائج اختبار CRP الخاصة بك:
يصنع كبدك بروتين سي التفاعلي (CRP) في ردة فعل على الالتهاب. المستويات المنخفضة من هذا البروتين تشير إلى الالتهاب المزمن الدقيق الذي يعكس التغيرات غير الصحية في جدران الشرايين. يقوم الأطباء بفحص مستويات CRP باستخدام اختبار بروتين C عالي الحساسية (hsCRP)، والذي يتطلب كمية صغيرة من الدم فقط. وتشير النتائج إلى ثلاث فئات من المخاطر:
احتمالية الإصابة بالجلطات مستوى البروتين (CRP)
قليل أقل من ١ (mg/dL)
متوسط من ١ إلى ٣ (mg/dL)
عالي أكثر من ٣ (mg/dL)
♦الخطوات القادمة:
كما يتوقع الدكتور ليبي فإنه من المحتمل أن يستغرق الأمر أشهرًا حتى تصل نتائج (CANTOS) إلى الممارسة الفعلية. تمت الموافقة بالفعل على عقار كاناكينوماب لحالات أخرى، ولكن لديه بعض الآثار الجانبية البارزة بما في ذلك خطر أكبر للإصابة بالالتهابات الخطيرة.
في هذه الأثناء، تقوم دراسة أخرى باختبار فعالية عقار الميثوتريكسيت (methotrexate) المنخفض الجرعة على أمراض القلب والأوعية الدموية. وعلى النقيض من كاناكينوماب، يعتبر الميثوتريكسيت عقارًا عامًا وغير مكلف يستخدم عادة لعلاج التهاب المفاصل الروماتويدي. يجب أن تكون نتائج هذه التجربة -التي يقودها أيضًا الدكتور ريدكر– متاحة في غضون السنوات القليلة المقبلة.
♦اختبار CRP:
تشير الأبحاث إلى أنه من بين الأشخاص الذين لديهم معدلات طبيعية للكوليسترول، فإن أولئك الذين يعانون من ارتفاع مستويات بروتين سي التفاعلي لديهم احتمالية خطر الإصابة بمشاكل قلبية أكبر مقارنة مع أولئك الذين لديهم انخفاض في بروتين سي. حتى الآن، مازال العديد من الأطباء يمانعون في التوصية باختبار CRP كجزء من الرعاية الروتينية لأنهم يعتقدون أن النتائج لن يكون لها تأثير على خيارات العلاج. ومع ذلك، يتنبأ الدكتور ليبي بأن العلاجات الجديدة للعقاقير التي تستهدف على وجه التحديد التهاب القلب والأوعية الدموية ستفتح الباب أمام الاستخدام الواسع لاختبار CRP.
اقرأ أيضا: بعد التعرّف على فوائده الصحيّة الكثيرة … لن تتردد بشرب الزنجبيل والليمون يومياً!