نارام سرجون:الانذار الاخير للأمريكيين: أيامكم في الشرق معدودة .. خذوها من فم الاسد
نارام سرجون
كم توقفت أمام الحصون والقلاع وقاعات العروش التي تحولت الى متاحف ومسارح وبعضها تحول الى فنادق وبارات ومقاه .. لتلك الحصون ايام كانت لها هيبة .. ولكنها بعد كل أيام العز بدل ان تكون فراشا للملوك والقياصرة والفرسان وتصدح جدرانها بصهيل الخيول وانغام طبول الحرب والعروض .. صارت مقاهي وبارات وصارت اصوات الكؤوس والاطباق والجشاءات واصوات (الجراسين) هي مايدور فيها من أنغام .. وبدل الأحصنة والفرسان وأصوات سنابك الخيول صارت تعج بأصوات نعال الراقصين وخفوف الراقصات .. وأحس ان في تلك الأماكن انكسارا واذلالا لذكرياتها .. كسيد قوم ذل لم يرحم من أي أحد ..
وهذا ماينطبق على الخطابات والتصريحات السياسية الرنانة التي كنا نسمعها في بدايات الربيع العربي وتصدر عن عواصم الغرب .. كانت تلك الخطابات تبنى كالقلاع المتينة المخيفة وتحشى بالزمجرة والزئير وأصوات قعقعة السيوف وقعقعة الجهاديين .. ولكني اليوم اراها تحولت الى مسارح للكوميديا والنكتة والمهرجين .. وصارت أماكن للتسلي والتسري .. تعلق عليها أجراس وكشاكيل وخلاخيل .. وتعزف لها المزامير والطبول التي تحي السهرت الراقصة ..
هكذا هي تهديدات اردوغان بالصلاة في المسجد الاموي وأن صبره قد نفذ .. عبارة استفزتنا وقهرتنا باعتدائها علينا وعلى جامعنا الرمز لامبراطورية بدات من عندنا .. ولكن تهديدات اردوغان وصبره النافذ صارت ذكريات للضحك والتندر والسخرية .. وكذلك فان عبارة الايام المعدودة التي ترددت في الغرب كقرار وجاهي غير قابل للطعن كانت واحدة من الكلمات التي أهانتنا وهي تملي علينا بقوة السلاح والكذب والمال ارادة ليست من انتاجنا .. ولكن هذه القلعة من الكلمات سقطت جدرانها وأعمدتها وتحولت الى متاحف يزورها المؤرخون والمثقفون والسياح .. ويشربون الشاي والقهوة والعصير ويأكلون الفلافل على انقاضها ..
اليوم هذه أول مرة نجد أننا أمام تحول في القوة لم يعد ممكنا تجاهله .. تجلى بكلام صريح للرئيس الاسد لم يحمل شكل النصيحة بل فيه اعلان بالقرار .. وهو ليس على طريقة الازعر اردوغان يقول ان صبره قد نفذ .. فالتصريح الاردوغاني ان الصبر نفذ يعبر عن خواء القوة وتشبه مصارع سومو يقول للاعب كاراتيه ان صبري نفذ وهو يتمنى ألا يخوض مواجهة مع مقاتل كاراتيه رشيق ..أما كلام الاسد فانه تعبير دقيق جدا عن نفاذ الصبر من التموج في القرار الأمريكي .. فالتذبذب في التواجد الامريكي صار مثيرا للاشمئزاز .. مرة يخرجون وقبل ان تصل نهاية القافلة الى الحدود تعود ادراجها الى نصف المسافة .. ثم تغادر .. ثم تعود .. حتى الاغنام التي ترعى في حقول الجزيرة صارت تضحك من هذه القوافل التي تروح وتجيء وهي دائخة فيما تفعل .. ولذلك كان الاسد يقول في مقابلته الاخيرة مع التلفزيون الروسي بصراحة شديدة “ان زمن المقاومة قد أزف” .. اي أيها الامريكان والاكراد .. لقد نفذ صبرنا .. وننصحكم الا تنتظروا الى لحظة لاينفع فيها اي ندم .. وكذلك فان عبارة الاسد الدالة بقوة تشير الى أن الأسد قال مايعني أن (أيام الأمريكان في الشرق السوري صارت .. معدودة) .. وهنا الفرق بين الكلام التركي والغربي الذي كان قلعة وتحول الى منتزه ومقهى ومرقص .. وبين الكلام السوري الذي شرب من ثقافة: (السيف اصدق انباء من الكتب…. في حده الحد بين الجد واللعب) ..هذه الثقافة لاتبني قلاعا من ورق .. بل تعلق السيوف على جدران القلاع ..
لم يشعرني الوجود الامريكي في الشرق السوري بالقلق يوما .. كنت أدرك انه مزعج جدا ولكنه عبء على الامريكي اكثر من أن يكون عبئا علينا .. كان الارهابيون في غوطة دمشق وحلب اكثر خطرا بكثير .. وكانت أذرع اميريكا مخيفة اكثر من رأسها .. أذرعها المتمثلة بداعش وجبهة النصرة وكل المجاهدين المسلمين الذين كانوا يفتحون المدن في الشرق في طريق اميريكا .. لم يبق لامريكا سوى أنف صغير في الشرق السوري .. متمثل في مجموعة صغيرة من العسكريين الذين لايقدرون على خدمة محل ماكدونالد كبير فكيف سيحمون النفط والشرق والاكراد ..؟؟
أنا لاأحب الساسة الامريكيين ولاأجد فرقا بين الحمار والفيل في اميريكا .. ولكني وبكل جدية أحب ان أوجه نصيحة لهم أن يعيدوا الاصغاء لكلام الاسد عن (المقاومة) .. وأن العناد لن يجدي .. وأن الاعتماد على نصائح الاسرائيليين ووعود الاكراد رهان غبي جدا .. لأن هناك أكرادا يفاوضون الدولة السورية بسرية تامة .. وقد يكون رصاص المقاومة صاردا أولا عن قوى كردية وطنية كرسالة مباشرة لأميريكا وللأكراد الانفصاليين .. واذا مانهضت المقاومة وشاهد الناس ضعف اميريكا فان هذا سيشجع الشرق كله على تذوق الانكسار المريكي وستنتقل المقاومة الى خارج سورية كقرار لمحور المقاومة قرر الاسد ابلاغ العالم به ..
أميريكا في الشرق تشبه فارسا مقطوع الاذرع .. ولم يبق سوى الرأس الذي يقف فوق جسد بلا أطراف في الشرق السوري .. فماذا يفعل رأس أمام سيف دمشقي بتار .. بتر ارجل الفارس في العراق .. وبتر ذراعيه في سورية ؟ وبتر كل رمز للرجولة عند هذا الفارس الأمريكي .. فياأيها الفارس الامريكي .. لقد نفذ صبرنا .. حافظ على رأسك .. والا صارت ايامه معدودة .. هذه هي رسالة الأسد ..