هل إنتهى شهر العسل السوري- الكردي؟
يعقوب الاسعد
حدثان مهمان يسترعيان إهتمام المتابع العربي و العالمي للحرب السورية و لشقها الشرقي للفرات تحديداً. فبعد أن فتح الكرد قنوات الإتصال مجدداً مع دمشق مع إنسحاب القوات الأميركية من سورية و إعطاء الأتراك ضوءًا أخضراً لانطلاق عملية نبع السلام التي استهدفت قوات سورية الديمقراطية و عمودها الفقري حزب الإتحاد الديمقراطي المصنف إرهابياً في تركية، و ابعادهم عن حدودها و إقامة منطقة آمنة لتوطين اللاجئين السوريين في ما بعد و الذين باتوا يشكلون عبئاً إقتصادياً وإجتماعياً و لاستخدامهم و إستخدام تلك المنطقة في تفاهمات قادمة مع الحكومة في دمشق، عادت قوات سورية الديمقراطية للحنث بتعهداتها مع دمشق مع إعلان الجانب الأميركي إبقاء جزءًا من قوتها لحماية آبار النفط في تعدٍ صارخ لكل المواثيق الدولية.
حدثان يدلان على أن التفاهمات بين دمشق و قوات سورية الديمقراطية برعاية روسية لم تدخل مرحلتها الثانية، وأن نقاط الإنتشار للجيش السوري و للهجانة (حرس الحدود )، والتي حدثت تزامناً مع إنطلاق عملية نبع السلام التركية، كانت جزءًا من تفاهمات أوسع :
1 -تدمير مجموعات من صهاريج ومراكز تكرير النفط في مدينة الحسكة بعد التحقق من قيام بعض التنظيمات الكردية في الجزيرة السورية بتهريب النفط عبر صهاريج، نقلاً عن الوكالة الرسمية السوري “سانا”.
2 – دعوة وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، قوات سوريا الديمقراطية إلى “الدخول في حوار شامل متكامل مع الحكومة السورية”، مطالباً الكرد بتنفيذ التزاماتهم المتعلقة بالمذكرة الروسية التركية بشأن شمال شرق سوريا وأن “يكونوا ثابتين في مواقفهم ولا يحاولوا بشكل انتهازي الانخراط في ممارسات مريبة”، مذكراً اياهم بهرولتهم لطلب التدخل الروسي بعد إنسحاب أميركا حليفتهم السابقة.
استهداف قوافل النفط و عمليات بيعه ستتواصل وفق ما صرح به مسؤول سوري، وسيصل الأميركي لنتيجة ، عاجلاً أم أجلاً، أنه يحرس الهواء ، و سيعي للتكاليف الباهظة مع إنعدام الموارد، في ظل حكم إدارة لا يهمها إلا المال . وستصل قسد للنتيجة ذاتها التي سبقت عملية نبع السلام. هذا و إن لم نتحدث بعد عن ما ألمح إليه الرئيس السوري بشار الأسد من تفعيل المقاومة الشعبية ضد الوجود التركي والأميركي في مقابلته الأخيرة مع الإخبارية السورية على غرار لبنان و العراق .
يبدو بأن قوات سورية الديمقراطية تستنسخ تجربة بعض العرب الذين راهنوا وما زالوا على الحليف الأمريكي، إبتداءً من كامب ديفيد مروراً بأسلو وليس إنتهاءً بمؤتمر المنامة، تجربة الأمر والطاعة حتى مع غرس الخنجر في الظهر. ويبدو أنهم مجتمعون عرباً و كرداً من اللاهثين وراء الأميركي لم يفهموا بعد التحولات العالمية وعودة روسية لاعباً عالمياً ، وحليفاً قوياً ، أثبت ، ومن التجربة السورية ، أنه حليف يمكن الإعتماد عليه، ولاعباً أسقط أحادية القطب.
نرجوا أن تغلب قسد صوت الواقع و العقل و الوطنية على صوت المصالح و المطامع و لفدرالية، ففي سورية لن يصح إلا الصحيح …. فمن إستطاع في تسع سنوات من الحرب العجاف أن يعيد 90% من الأرض إلى الوطن قادر أن يحرر شرق الفرات و آباره و يعيده… انها مسألة وقت … وكما خرج الأميركي منهزماً من لبنان و أفغانستان والعراق سيخرج مهزوماً من سورية … والقادم من الأيام سيثبت ذلك !
رأي اليوم