” قراصنة” بهيئة باحثين في المياه الإقليمية السورية..
رغم التحذيرات التي تطلقها كل من الهيئة العامة للثروة السمكية والمديرية العامة للموانئ من مخاطر الصيد البحري الجارف القاعي، وما تسببه هذه الظاهرة من آثار سلبية تكمن في تدمير وتفتيت البنية الصخرية التي يمتلكها الشاطئ السوري، إلى جانب استنزاف المخزون السمكي من خلال الصيد البحري الجائر، كاستخدام مراكب الجرف القاعي الذي تزايد عددها مؤخراً وباتت تجرف في طريقها كل الكائنات البحرية وأعشاب البحر، حتى إنها تقتل البيوض الصغيرة وتعدم الحياة في المكان الذي تعبره، ناهيكم عن تصحر البيئة البحرية..!
نهب للثروات
بحسب رئيس جمعية الصيادين في اللاذقية نبيل فحام لم تستطع الجهات المعنية “هيئة الثروة السمكية، ومديرية الموانئ” ومنذ سنوات أن تضع حلولاً للحد من هذه الظاهرة، مستغرباً السماح لمراكب الصيد الجارفة باستمرارية الصيد في قاع البحر وذلك تحت مسمى وعنوان “الدراسة البحثية” التي تحولت من بحث ودراسة إلى صيد جائر وتجارة وأرباح هائلة تصب في جيوب من يستغل هذا البحث للتعرف على أنواع السمك في مياهنا الإقليمية، مطالباً الهيئة والمديرية بإيقاف العمل بمراكب الجرف القاعي المضرة بالثروة السمكية والقاتلة للحياة البحرية، مؤكداً أن ساحلنا السوري لا يحتمل هذا النوع من الصيد نتيجة قرب الرصيف القاري من الشاطئ، حيث إن المياه العميقة قريبة جداً من شواطئنا؛ ما يجعل أماكن الصيد قليلة وضيقة، مشيراً إلى خطورة الصيد بمراكب الجرف القاعي على الثروة السمكية وبيوض السمك والحياة البحرية، مبيناً أن غالبية المراكب غير مرخصة، وتقوم بنهب ثروات البلد، متسائلاً لمصلحة من التأخر بإنجاز دراسة تنظيم الصيد الجارف وطرق استخدامه..؟! ولاسيما أن وزير الزراعة أحمد القادري أكد منذ حوالي السنتين على ضرورة الإسراع بإنجاز هذه الدراسة..؟!
محددات الصيد
أشار مدير عام الهيئة العامة للثروة السمكية الدكتور عبد اللطيف علي إلى أن اللجنة العلمية المشكلة لدراسة الصيد الجارف القاعي توصلت إلى جملة مقترحات تم العمل عليها خلال الفترة الماضية والتي تتمثل بأن يكون الصيد الجارف وفق شروط ومحددات، منها أن يكون الجرف نهاراً يبدأ من شروق الشمس وينتهي بغروبها، وعلى أن يسمح بالصيد الجارف على أعماق لا تقل عن 250م شريطة أن تبعد عن الشاطئ مسافة لا تقل عن 6 أميال، وأن يبدأ تنفيذ السماح بالصيد الجارف مدة شهرين ونصف لكل منطقة من المناطق الثلاث التي تم تحديدها، مشيراً إلى أنه تم الصيد بداية في المنطقة A من 1/9/ من العام الفائت وانتهى في 15/11/ من العام نفسه، مبيناً أن هذه المنطقة تمتد من منطقة الحميدية جنوبي طرطوس إلى منطقة البصيرة، فيما بدأ الصيد الجارف في المنطقة B التي بدأ فيها الصيد بتاريخ 16/9/ من العام الفائت واستمر حتى تاريخ 31/1/ من العام الحالي، وتمتد هذه المنطقة من شمال البصيرة حتى منطقة شمال رأس ابن هاني، في حين بدأ الصيد في المنطقة C، وهي المنطقة الثالثة التي بدأت من بداية الشهر الثاني من العام الحالي واستمرت حتى 15/ 4/ منه، وهي تمتد من منطقة شمال رأس ابن هاني حتى منطقة السمرا شمال محافظة اللاذقية.
ستة مراكب فقط
وأشار علي إلى أن اللجنة العلمية التي تم تشكليها تقدمت أيضاً بجملة من المقترحات، أهمها ضرورة التوقف عن الصيد خلال الفترة الممتدة من 16/4/ من العام الحالي لغاية 31/8/ من العام نفسه، وهي فترة تكاثر الأسماك، مبيناً أن لجنة القرار 461 الخاصة باللجنة العلمية سمحت لستة مراكب جرف صيد فقط بالعمل وفق الشروط المذكورة، على أن يتم بنهاية موسم الصيد الحالي تشكيل لجنة فنية علمية لدراسة وتحليل النتائج ومقارنتها بالنتائج السابقة للوصول إلى إقرار نهائي بشأن الصيد الجارف.
جهة تنفيذية
بينت مديرية الموانئ العامة في المذكرة المرسلة إلى وزارة النقل أن هيئة الثروة السمكية ومنذ أكثر من سنتين تقوم بدراسة الآثار الناتجة عن طريقة الصيد بالجرف القاعي على الثروة السمكية في المياه الإقليمية، وذلك بناء على موافقة وزير الزراعة على إجراء هذه الدراسة والسماح لعدد محدد من الزوارق بالعمل بهذه الطريقة، وأشارت المذكرة التي حصلت البعث على نسخة منها إلى اقتراح تقسيم الشاطئ السوري والمياه الإقليمية السورية إلى ثلاث مناطق جغرافية هي “A-b-c”، طول كل واحدة منها بمحاذاة الشاطئ نحو 50 – 60 كم، مع الإشارة إلى أن الموانئ هي جهة تنفيذية، وأن الجهة التي تسمح بصيد الجرف هيئة الثروة السمكية وفق قرارات وكتب صادرة من وزارة الزراعة، ويقتصر دور المديرية على التدخل في حال تمت مخالفة الشروط المقترحة ووقف هذه المخالفة، وعند انتهاء المهل المحددة تمنع المراكب من الإبحار حتى الحصول على موافقات جديدة.
بالمحصلة
وهنا لابد من التأكيد على ضرورة أن تنهي الهيئة العامة للثروة السمكية إجراء الدراسة الفنية من خلال إجراء البحث العلمي للملف المذكور وفق أسس واضحة؛ وذلك لحماية هذه الثروة وحماية الشواطئ السورية بعيداً عن حسابات أخرى تتعلق بالمصالح والمنافع الخاصة.
يذكر أن قوارب الجرف البحرية الضخمة التي تقوم بـ”فلاحة أرض البحر” تستخدم شباكاً ناعمة تجرف بطريقها كل ما تصادفه أمامها من مرجان وأوكار الأسماك وبيوضها….
محمد زكريا – البعث