المسنون في سورية : استروا أخرتنا
كوننا اليوم لا نملك احصائية دقيقة عن عدد المسنين في سورية ، ممن لا يملكون دخلا أو راتب تقاعدي ، وخارج دور الرعاية الاجتماعية ، الا انهم اليوم من اكثر الفئات المتضررة في سورية ، نتيجة انخفاض قيمة الليرة السورية، وارتفاع تكاليف المعيشة وأسعار الادوية المزمنة.
المسنون ممن هم فوق 70 عاما بحاجة الى ادوية بشكل شهري لا اقل من 20 ألف ليرة سورية للمسن ، والى غذاء وتدفئة بأكثر من 50 الف ليرة ، وتكلفة وضع المسن في دار الرعاية لا أقل من 75 الف ليرة، ويحتاجون الى مصاريف رعاية أخرى دون ان يكون لهم أي مصادر للدخل، كون ارزاقهم وزعوها على اولادهم ، وهم اليوم يقارعون من اجل الاستمرار في العيش وسط موجة الغلاء والفقر المدقع، ويصرخون “استروا أخرتنا” .
في شارع مرشد خاطر بدمشق ينتشر ثلاثة مسنين يحملون علب المحارم ويبتسمون للسيارات الفارهة لمحاولة البيع والاسترزاق، ويقول أحدهم لموقع بزنس 2 بزنس “نعتذر عن نشر الصور” : عمري 74 عاما واقوم ببيع المحارم لتامين لقمة العيش لي ولزوجتي.. اولادي يسعون لتأمين حاجات اطفالهم ، وغير قادرين على القيام بحملنا ،أعمل من باب الحاجة والأمر كل يوم يزداد صعوبة لكن الظروف قاسية وصعبة جدا .
ابو محمد التجاعيد تقسم وجهه وترسم ملامح تعبه خلال مسيرة حياته قال : “كان لدينا مبلغا من المال كنا نظن أنه سيقيمنا في أخرتنا وضعناه في البنك فخسرنا قيمته وصرفناه لم يبق لدينا سوى الايمان والدعاء بسترة الآخرة “.
الحكومة اليوم من خلال بطاقة تكامل للمحروقات يفترض ان يكون لديها قاعدة بيانات لأعداد هذه الشريحة، وخاصة ممن ليس لديهم اي راتب تقاعدي او تعويض من راتب، والعمل على النظر بعين الرأفة والرحمة لهذه الشريحة ،اما من خلال ايصال الادوية اللازمة لهم أو من خلال منحهم تعويضا، او حتى سلال غذائية مجانية، والعدول عن فكرة توزيع العينات المجانية التي يحتكرها بعض العاملين في المستوصفات الصحية ولا تصل الى مستحقيها، وان وصلت تكون غير الادوية التي يحتاجها المسن.
اقرأ أيضا: قلّة الضمير أم زيادة سعر الدولار…ما علاقة اللحوم المحلية بـ”الأخضر” ؟
رعاية الأبوين في سورية يعد أمراً مقدساً لكن ظروف الحياة التي وصلنا اليها لم تعد جريمة اجتماعية، وليس من ثقافة السوري ترك والديه لكن ،الواقع اليوم مأساوي ويفضل المسن الخروج الى الشارع للعمل وعدم مطالبة أولاده بالنفقة فهل ستنظر الحكومة الى واقع هذه الشريحة المعدومة من الدخل في سورية، أم ستزيد على أخرتها عصة الفاقة واليأس ؟!
بزنس 2 بزنس