إحالة ترامب للمحاكمة أمام مجلس الشيوخ فهل يُنقذه الجمهوريون؟
أحال مجلس النواب الأميركي أمس الرئيس دونالد ترامب إلى المحاكمة أمام مجلس الشيوخ بتهمتي استغلال السلطة وعرقلة عمل الكونغرس، ليصبح بذلك ثالث رئيس في تاريخ الولايات المتحدة يطلق الكونغرس بحقّه إجراءً رسميًا لعزله.
وسارع الرئيس الجمهوري إلى التنديد بالتصويت التاريخي الذي جرى ضدّه في مجلس النواب، متهّمًا خصومه الديموقراطيين الذين يسيطرون على المجلس بأنّهم مدفوعون بـ”الحسد والحقد والغضب” و”يحاولون إبطال تصويت عشرات ملايين الأميركيين” الذين انتخبوه رئيسًا في 2016.
اذا ترامب هو ثالث رئيس أمريكي يطلق مجلس النواب إجراءات عزله بعد آندرو جونسون في عام 1868 وبيل كلينتون في عام 1998، غير أن الأخيرين تم تبرئتهما في مجلس الشيوخ، ومن المتوقع أن تتم تبرئة ترامب أيضا لأن المجلس يهيمن عليه الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه.
سيناريو المحاكمة
تتوقع وسائل إعلام أميركية أن تبدأ إجراءت محاكمة ترامب في كانون الثاني/يناير المقبل.
وبحسب الدستور الأميركي، سيؤدي أعضاء مجلس الشيوخ القسم بالتزام الحيادية وإجراء محاكمة عادلة للرئيس.
سيترأس المحاكمة رئيس قضاة المحكمة العليا (هو الآن القاضي جون روبرتس) وستتشكل هيئة المحلفين من أعضاء مجلس الشيوخ البالغ عددهم مئة، ويستطيع الرئيس اختيار المحامين الذين يمثلوه.
ومن المقرر أن يختار مجلس النواب ممثليه الذين سيظهرون في جلسات المحاكمة أمام مجلس الشيوخ والذين بدورهم سيمثلون دور المدعين الذين سيقدمون الحجج القاضية بعزل الرئيس.
وبحسب “سي أن بي سي”، ستختار رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي أسماء المدعين خلال الأيام المقبلة.
وسيقرر أعضاء مجلس الشيوخ مسألة استدعاء الشهود وتوجيه الأسئلة لهم، ويستطيع محامو الرئيس فحص الشهود الذين سيتم اختيارهم.
وسيتولى رئيس الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل قيادة العملية وبإمكانه إبقاءها مختصرة بأقل قدر من الشهادات والمناقشات.
وبإمكان رئيس قضاة المحكمة العليا أن يقضي في شرعية إجراءات المحاكمة، لكن بإمكان أعضاء المجلس تعطيل قراراته من خلال التصويت.
وتوقعت واشنطن بوست أن تظهر خلافات بين ماكونيل وزعيم الأقلية الديموقراطية تشاك شومر في مسألة الشهود. وقالت وسائل إعلام إن شومر يرغب في استدعاء مقربين من الرئيس من بينهم كبير موظفي البيت الأبيض بالإنانة ميك مولفاني ومستشار الرئيس للأمن القومي السابق جون بولتون، وهو ما يرفضه ماكونيل.
وقال روبرت تساي أستاذ القانون بالجامعة الأميركية في مقابلة إن روبرتس يستطيع أن يقدم طلبا مباشرا من الديمقراطيين لاستدعاء مولفاني أو بولتون للمثول أمام مجلس الشيوخ للإدلاء بشهادة حية.
لكن من المحتمل أن يطعن عضو جمهوري على القرار فتحال القضية للتصويت، وفقا للقواعد التي تم العمل بها أثناء محاكمة كلينتون. وقد يتمكن الديمقراطيون من التأثير على عدد من الأعضاء الجمهوريين للتصويت لصالح روبرتس.
الهيمنة الجمهورية قد تُنقذ ترامب
خلافًا لمجلس النواب، فإن مجلس الشيوخ يهيمن عليه الجمهوريون الذين سبق وأن أكدوا أنهم يعتزمون تبرئة ترامب من تهمتي “استغلال السلطة وعرقلة عمل الكونغرس”، التي صوت لصالحها مجلس النواب الأربعاء.
لذلك فمن المتوقع أن تكون إدانة ترامب صعبة في مجلس الشيوخ وبالتالي لن يتم عزله، إذ تتطلب إدانته موافقة ثلثي أعضاء المجلس، الذي يحظى الجمهوريون فيه بـ53 من عدد مقاعده الـ100.
وفرص إدانة ترامب ضعيفة في المجلس بالنظر إلى الوحدة التي أظهرها الجمهوريون خلال إجراءات العزل، إذ لم يصوت جمهوري واحد منهم لصالح إجراءات العزل، ومن المستبعد حدوث انشقاقات، بحسب واشنطن بوست.
وهناك ثلاثة أعضاء من الحزب الجمهوري فقط عارضوا ترامب هم المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة السابق ميت رومني من يوتا، وليزا موركوسكي من آلاسكا، وسوزان كولينس من ولاية مين.
لكن كبار قادة الحزب عبروا بشكل واضح عن موقفهم تجاه المحاكمة التي ستجري في المجلس.
ماكونيل قال في مقابلة مع شبكة فوكس نيوز يوم الثلاثاء: “أنا لست محايدا بشأن المحاكمة على الإطلاق”، مشيرا إلى أنه ينسق في القضية “مع مستشار البيت الأبيض”.
السناتور ليندسي غراهم، حليف ترامب، أكد أيضا في مقابلة: “أنا لا أحاول التظاهر بأنني عضو في لجنة التحكيم”.
ولا يضمن الحزب الديمقراطي بقاء أعضائه على الخط الحزبي فالنائب الديمقراطي عن ولاية نيوجيرسي جف فان درو المعروف بمعارضته إجراءات عزل الرئيس، أعلن مؤخرا رغبته في التحول إلى عضوية الحزب الجمهوري، وقد صوت هو والنائب الديمقراطي كولن بيترسون ضد التهمتي الواردتين في قرار العزل، أما النائب جاريد جولدن فصوت لصالح تهمة استغلال السلطة فقط.
وفي مجلس الشيوخ حاليًا 53 جمهوريا و45 ديمقراطيا، واثنان مستقلان عادة ما يتخذان موقف الديمقراطيين نفسه في التصويت، وتتطلب إدانة الرئيس وعزله 67 صوتا.
ويحتاج الديمقراطيون إلى 20 صوتا جمهوريا من الـ53 لتأمين ثلثي الأصوات المطلوبة لتمرير عزل الرئيس ومن ثم عزله من منصبه، وهو أمر مستبعد في ظل هذه الظروف، لكن وعلى الرغم من أن الأعضاء الجمهوريين لا يعتقدون بأن التهم الموجهة للرئيس تبرر عزله عن السلطة، يرى عدد منهم أن من “غير اللائق” أن يطلب الرئيس الأميركي من دولة أجنبية التحقيق بشأن منافس سياسي.
وهناك أعضاء آخرين يمثلون ولايات متأرجحة سياسيا بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، يصرون على التقيد بالإجراءات الدستورية ولعب دور “المحلف النزيه” الذي يستمع الى حجج الطرفين قبل إصدار الحكم.