أساطير طبية خاطئة.. العا دة السر ية تسبب ضعف البصر واحلق شاربك لينمو!
العا دة السر ية تسبب ضعف البصر وتُحدث ألمًا في مفاصل الرُّكبة، وخروجك عا ريًا في الطقس البارد سيجعلك تُصاب بالإنفلونزا؛ ربما سمعت الكثير من هذه الإشاعات في فترةٍ ما من حياتك؛ إذ إنه وقبل ظهور الإنترنت كان من السهل لأية إشاعة أن تنتشر بين الناس، دون أن تجد من يتحرّى البحث عنها ويكتشف حقيقتها.
لكن حين يتعلق الأمر بصحة الإنسان، فإن الأمر يصبح خطيرًا ومصيريًّا؛ إذ تُنسج الكثير من الخرافات التي يتداولها البعض، وينبِّهون بها غيرهم حرصًا على صحتهم، ونتيجةً لذلك انتشر الكثير من الأساطير الطبية في مختلف أنحاء العالم، والتي لا يزال البعض يرددها على أنها حقائق، بالرغم من أن العلم أثبت خطأها.
في هذا التقرير نستعرض 10 من أشهر هذه الأساطير وإجابة العلم عليها.
1- احلق شاربك أكثر لينمو أسرع
هذه الأسطورة تحديدًا لاقت الكثير من الرواج لدى الشباب في سنّ المراهقة، فعندما كان يعاني أحدٌ من عدم ظهور الشعر في مناطق معينة، كاللحية أو الشارب، كان يُنصح بحلاقته عدة مرات إلى أن يظهر، ولكن في حقيقة الأمر هذا الاعتقاد خاطئ.
حلاقة الشعر عدّة مرات لا تؤدّي إلى نموّه بشكل أسرع أو أكثر كثافة، حسب «دورية الأمراض الجلدية الاستقصائية» (Journal Of Investigate Dermatology) الصادرة عام 1970، وفي دراسةٍ من 170 صفحة قامت بها الدورية شارك فيها خمس أفراد، إذ قاموا بحلاقة شعر أرجلهم اليمنى مراتٍ عديدة لأشهرٍ متتالية، بينما تركوا اليسرى دون حلاقة لنفس الفترة، وبعد ذلك قاموا بقياس حجم وكثافة ووزن ولون الشعر الناتج عن حلاقة كلتا القدمين، وتبين أنه لا فارق تقريبًا بين كليهما.
أمَّا سبب انتشار هذه الشائعة بين المراهقين حتى يومنا هذا، فيرجع إلى أنه في سن المراهقة تتحكم في جسد الإنسان العديد من الهرمونات، ومن بينها الهرمون المسؤول عن نموّ الشعر وظهوره في مناطق مختلفة من الجسد، فعندما يقوم المراهقون بحلاقة شعرهم يربطون بين نموِّه وبين الحلاقة، ولكن – في الحقيقة – ظهور الشعر يرجِع إلى نشاط الهرمون المسؤول عن ذلك، وليس له أية علاقة بعدد مرات الحلاقة، أي أن الأمر كله محض تتابع زمنيّ، كما تؤكد الطبيبة «إيمي مايكل» رئيسة قسم الأمراض الجلدية في مستشفى «ويك فورست» بولاية كارولينا الشمالية لموقع «ساينتيفك أمريكان».
2- التوتر والقلق والوجبات السريعة تسبّب قرحة المعدة
إنها إحدى أكثر الشائعات التي ظلّت متداولة بين الناس لفترات طويلة، وحتى في الوسط الطبيّ، إلى أن أثبت العلم عدم صحتها، ولكن كشف هذه الحقيقة تحديدًا لم يكن سهلًا؛ إذ تطلب الأمر تضحية كبيرة من الطبيب الأسترالي باري مارشال. في عام 2005 أُعلن عن الفائز بجائزة نوبل في الطب، وكانت مشتركة بين الطبيب الأسترالي باري مارشال ومواطنه روبين وورن؛ لاكتشافهما السبب الحقيقيّ وراء الإصابة بقرحة المعدة: إنها جرثومة المعدة «الملوية البوابية» (H.Pylori)، وهي نوع من البكتيريا يعيش في المعدة والأمعاء الدقيقة لجسم الإنسان، ويسبب التهابًا في الجزء المخاطيّ المبطَّن لهما.
قوبلت نظرية باري مارشال بالكثير من الانتقادات في بادئ الأمر، ولكنه لم يكن يملك ما يثبت صحة نظريته، فقام بشرب وعاء من هذه البكتيريا مخاطرًا بصحّته إذا ثبت خطأ استنتاجه، وقد أُصيب الطبيب بالفعل بالتهابات في المعدة، وقد بدأ في التعافي بعد أسبوعين من تناوله المضادات الحيوية لهذه الجرثومة، لتثبت الأبحاث بعد ذلك صحّة نظريته، وتتم تبرئة الأطعمة السريعة، والتوتر، والقلق، وكذلك الشيكولاتة، من علاقتها بقرحة المعدة. قررت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم منح باري مارشال جائزة نوبل مناصفة مع زميله بعد هذا الإنجاز الذي ساعد الكثيرين على التعافي من هذا المرض من خلال العلاج بالمضادات الحيوية.
إلى جانب البكتيريا المذكورة، فإن الإسراف في تناول بعض المسكِّنات، كالإسبرين، وأقراص الحديد، قد يتسبَّب في الإصابة بالقرحة. لذا فكن حذرًا عند تناول المسكنات بعد ذلك بشكل متكرر دون استشارة الطبيب.
3- الجلوس طويلًا أمام شاشة التلفاز يؤدي إلى ضعف البصر
من منا لم يمر يومًا بهذه النصيحة التي كان يقدمها الآباء تارة بصيغة النصح، وتارة بصيغة الأمر، ابتعد عن جهاز الكومبيوتر حتى لا يضعف بصرك، ابتعد 3 أمتار عن شاشة التلفاز حتى لا تضرَّ عينيك، لكن في حقيقة الأمر هذه النصائح غير صحيحة على الإطلاق من الناحية العلمية.
الاقتراب من شاشة التلفاز أو الهاتف لفترات طويلة لا يتسبب في ضعف البصر، ولا توجد علاقة بين فقدان دقة النظر وبين الجلوس المتكرر لساعاتٍ طويلة أمام شاشة التلفاز أو الهاتف، كما يؤكِّد دكتور لي دافنر من الأكاديمية الأمريكية لطب العيون. ويضيف دافنر أنّه من حسن حظ الأمهات والأطفال، فإن شاشات التلفاز والكومبيوتر لا علاقة لها بضعف البصر، إلا أنها قد تتسبب في إجهاد للعينين يزول عند إراحتهما.
4- العلاج الكيميائي مؤلم للغاية ويفوق وجع الحروق ولا فائدة منه
تُصادفنا الكثير من المنشورات على مواقع التواصل الاجتماعيّ التي تتحدث عن مدى بشاعة الألم الذي يشعر به متلقو العلاج الكيميائي للسرطان، وكيف أنه أكثر إيلامًا لهم من الحرق، ويوغل بعضهم في بثّ الإشاعات غير العلميّة ليزعم أنّ هذا العلاج غير مُجدٍ. في حقيقة الأمر هذا الكلام لا أساس له من الصحة، بل قد تكون له آثار كارثية على معنويات من يتلقى العلاج لأول مرة.
يُستخدم العلاج الكيميائي في قتل الخلايا السرطانية، وتتنوع طُرق إعطائه للمريض عن طريق الفم، أو عن طريق الوريد، أو الحقن بالعزل داخل الرئة أو الكبد، إلا أن أشهر تلك الطرق هي الحقن بالوريد.
لا يشعر المريض بالألم أثناء عملية الحقن، إلا بألم وخز الإبرة للمرة الأولى، وقد يحدث بعض التعب أثناء سريان العلاج الكيميائي في دمائه، لكن لا توجد آلام رهيبة لا يمكن تحملها في العلاج الكيميائي. بالتأكيد للعلاج الكيميائيّ العديد من الآثار الجانبية، مثل أي دواء آخر، كالصداع، والدوخة، وآلام المعدة، وتساقط مؤقت، وليس دائمًا للشعر. ويقوم الأطباء بتنبيه مرضاهم جيدًا إلى الآثار المحتملة للعلاج قبل البدء فيه، وإعطائهم أدوية مساعدة تُقلل من الآثار الجانبية للعلاج الكيميائي.
أما كون العلاج الكيميائي لا فائدة منه، فهو كلام عارٍ من الصحة؛ إذ ساهم العلاج الكيميائي في شفاء ملايين البشر من السرطان، فعلى سبيل المثال: قبل عقود قليلة كان معدّل موت الأطفال المصابين بسرطان الدم «اللوكيميا» يبلغ 90%، ونسبة النجاة 10% فقط، أي أن تسعة من بين كل 10 أطفال يموتون بسبب هذا المرض، أما الآن وبعد اكتشاف العلاج الكيميائي، وسائر أدوية علاج السرطان، فقد ارتفعت نسبة الناجين من المرض من 10% إلى 80%.
5- العا دة السر ية تُسبب آلام المفاصل وتُضعف البصر
دائمًا ما يثير الحديث عن العا دة السر ية الكثير من الجدل في أوساط الشباب، بالنظر إلى الأساطير الطبية المنسوجة حولها منذ قديم الزمان.
اعتبر الأطباء أن العا دة السر ية مرضًا يفوق الجُدري خطورة، وقاموا بتحذير الناس منها، ولذلك اختُرع العديد من الأدوات الحادّة لمنعهم من القيام بهذه العادة، كان أبرزها حلقة شائكة تُلفّ حول العض و لمنع الشاب من القيام بهذه العادة.
وبالرغم من تطوُّر الطب وازدياد الوعيّ الصحي؛ إلا أنه لا تزال تُحاك الكثير من الأساطير حول هذه العادة حتى يومنا هذا، أبرزها أنها تسبب ضعف البصر، أو آلامًا في مفاصل الركبة، أو قد تسبِّب العقم، والعجز. لكن هذا الكلام عار تمامًا من الصحة، ولا يوجد أي سند علميّ له.
في الحقيقة لا توجد علاقة بين العا دة السر ية وبين العين أو حاسة الإبصار من قريب أو بعيد، وكذلك لا توجد علاقة بينها وبين مفاصل الركبة.
وبشكل عام يُجمع الأطباء على أنه لا يوجد أي ضرر جسدي وراء هذه العادة للرجال، أو للنساء، طبقًا لموقع «webmedicine» أحد أشهر المواقع الطبية.
6- لو خرجت إلى الشارع بملابس خفيفة ستُصاب بالبرد!
تنتشر هذه الأسطورة بين الآباء والأمهات بشكل كبير، فدائمًا ما يحذرون أبناءهم من الخروج إلى الشارع بملابس خفيفة في طقس بارد، ولكن في حقيقة الأمر لا توجد أية علاقة بين كثافة الملابس التي ترتديها وبين الإصابة بالبرد، كذلك لا توجد علاقة بين الخروج بشعر مبلّل عقب الاستحمام في طقس شديد البرودة وبين الإصابة بالبرد.
تحدث نزلات البرد نتيجة لإصابة الجهاز التنفسيّ للإنسان بعدوى فيروسية عن طريق دخول فيروسات متعددة لجسم الإنسان (أكثر من 200 نوع).
هذه الفيروسات تنتقل عن طريق العطس أو السعال، أو رذاذ الشخص المريض، أو النَفَس. بالتالي فحتى يُصاب الإنسان بالبرد، ينبغي أن يدخل الفيروس إلى جسده، الأمر الذي ليس له أيه علاقة بملابسه التي يرتديها، أو بشعره، وما إذا كان مبللًا أو جافًا. وبخصوص تزايد حالات الإصابة بالبرد والإنفلونزا في فصل الشتاء، فيرجع ذلك إلى ميل البشر للبقاء لفترات طويلة في المنازل، والاختلاط والاقتراب من بعضهم البعض، ومن ثمّ تزداد فرص انتقال الفيروس من شخص مُصاب إلى شخص سليم عمَّا هي في فصل الصيف.
7- ينبغي عليك أن تشرب 8 أكواب من المياه يوميًا
مع كل يوم جديد، يفقد جسد الإنسان الكثير من الماء عن طريق التبول أو التنفس أو التعرق، ويحتاج في المقابل إلى تعويضه، فالماء يشكل جزءً كبيرًا من جسده، ويلعب دورًا هامًا في غالبية العمليات الحيوية التي تتمّ داخل جسم الإنسان. ومع الاعتراف بأهمية الماء في حياة كل شخص، إلا أنه لا يوجد أي دليل علميّ ينص على تحديد كمية معينة من المياه لشربها في اليوم الواحد، إذ إنّ استهلاك كل فرد يعتمد على نشاطه وحاجة جسده، وبالتالي فلا يوجد معيار واحد ثابت لتحديد عدد أكواب المياه اللازمة لكل إنسان.
ربما يرجع مصدر هذه الشائعة إلى عام 1945 عندما نصحت إحدى الوكالات الحكومية الأمريكية المواطنين بشرب 8 أكواب من «السوائل» يوميًا، السوائل هنا تشمل المياه في صورتها الطبيعية، وكذلك المياه في الفواكه والخضروات والعصائر وغيرها، وعلى مدار السنين تم تحريف كلمة «السائل» إلى كلمة «الماء» للدلالة على حاجتنا لشرب ثمانية أكواب من الماء النقي يوميًا، وهو ما لم يقم عليه أي دليل طبيّ حتى الآن.
8- الأكل قبل النوم يُصيبك بالسمنة!
أحد أكثر الشائعات التي لاقت رواجًا هائلًا بين الناس في شتى بلاد العالم، ومع اختلاف الثقافات، وحتى لدى العديد من العاملين في المجال الطبي، فدائمًا ما تجد من ينصحك بعدم الأكل قبل النوم؛ كي لا تُصاب بالسمنة المفرطة، أو زيادة الوزن، لكن حقيقة الأمر مختلفة تمامًا.
تخضع عملية فقدان الوزن أو اكتسابه في جسم الإنسان لمعادلة رياضية بسيطة للغاية: لو أكلت ما يزيد عن سعراتك الحرارية في اليوم الواحد، فسيؤدي ذلك إلى زيادة وزنك، ولو أكلت ما يقلّ عنها، فسيؤدي إلى نقصان وزنك، أما لو أكلت ما يعادل سُعراتك الحرارية، فلن يتغيّر. الأمر هكذا بكل بساطة، مع الوضع في الاعتبار بكل تأكيد اختلاف عدد السعرات الحرارية من فرد لآخر، ومن رجل لأنثى، طبقًا لنشاط كل واحد منهما، ومعدل حرق الدهون في أجسامهم، لكن الأمر ليس له علاقة بالأكل أثناء الليل، أو النهار.
في دراسة أجرتها «جودي كاميرون» الباحثة في جامعة أوريجون للعلوم والصحة بأمريكا على مجموعة من القرود، قامت بتغذيتهم بما يشبه غذاء الإنسان، وبعد عام واحد لاحظت ازدياد وزن القرود جميعًا بمقدار ثابت تقريبًا، أي أنَّه لا يوجد أي فرق بين تلك القرود التي كانت تأكل بالليل غالبية طعامها، وتلك التي كانت تأكل بالنهار.
لذا تنصح الباحثة الأشخاص الذين يريدون خسارة الوزن بالتركيز على نوعية الطعام الذي يأكلونه، بدلًا عن وقت تناوله، فسواء كان بالليل أو النهار فالجسم يزداد أو يقل في الوزن بإجماليّ عدد السعرات التي تدخل إليه، لا بتوقيت دخولها.
9- شرب الماء البارد وسط الطعام يُزيد دهون البطن «الكِرش»
هذه الشائعة مرتبطة بسابقتها بشكل كبير؛ إذ إن الأشخاص الذين يخبرونك بألا تأكل قبل النوم، هم على الأغلب الذين سيخبرونك بأنّ شرب الماء البارد أثناء تناولك الطعام سيساعد على بروز دهون بطنك، وأن عليك الانتظار لمدة نصف ساعة عقب تناول الطعام لشرب الماء.
كل هذه الشائعات لا أساس لها من الصحة؛ فالماء لا يُسهم أبدًا في عملية اكتساب الوزن، أو زيادة دهون البطن، التي تنتج من الاستهلاك الزائد عن حاجة الجسم للسعرات الحرارية اليومية، كما تم إيضاحه بالتفصيل.
كذلك ينبغي التذكير بأن الأطعمة التي تحتوي الكثير من الدهون، والشيكولاتة، لا تتسبب بذاتها في زيادة الوزن؛ ففي تجربة أجراها بنفسه خبير التغذية في جامعة كنساس البروفيسور «مارك هود» قام بتناول «الشيكولاتة والأوريو والتوينكيز»، وعاش عليها لمدة شهرين، بشرط أن لا يزيد تناوله لها عن حدود سعراته اليومية، وبعد انتهاء التجربة؛ فاجأ مارك الجميع بفقدانه 13 كيلو جرام من وزنه، وتحسُّن صحته، وانخفاض نسبة الدهون المضرة لديه، بالرغم من تناوله لتلك الأطعمة فقط طيلة الشهرين.
استنتج البروفيسور من التجربة أن زيادة الوزن تعتمد بالأساس على عدد السعرات الحرارية الداخلة للجسم، وليس على نوعية الطعام. فيمكن لإنسان العيش على الشيكولاتة والوجبات السريعة، وفقدان الوزن في ذات الوقت، إلا أنه نصح الجميع بالابتعاد عن ذلك، والاعتماد على نظام غذائي متزنّ يحتوي على العناصر الغذائية كافة.
10- يستخدم الإنسان 10% فقط من قدرات عقله
تنتشر هذه المعلومة الخاطئة بشكلٍ كبير بين كثيرٍ من الناس؛ إذ إن ثُلثي العامة، وتقريبًا نصف المتعلّمين، يعتقدون بهذه المعلومة. ويبدو أن انتشارها جاء كنوعٍ من التحفيز للمستمعين، فرغم كل ما أنجزناه، فنحن نستخدم 10% فقط، ماذا لو استخدمنا 100% من عقولنا؟ ولكن من الناحية العلمية هذه المعلومة خاطئة تمامًا.
أظهر المسح الإشعاعي للدماغ من خلال موجات الرنين المغناطيسي، ومختلف أنواع الأشعة الأخرى، أن كل جزء في مخ الإنسان يعمل بشكل منتظم تمامًا، وبنسبة 100%، ولا توجد أية منطقة خاملة، أو هادئة، أو لا تعمل بصورة كاملة عند النظر إلى الدماغ البشري.
وكالات