خالد العبود: من “برنار ليفي” إلى “قاسم سليمانيّ”.. واختصار مشهديّة الصراع
خالد العبود: من “برنار ليفي” إلى “قاسم سليمانيّ”.. واختصار مشهديّة الصراع
-في مشهد العدوان على المنطقة، من خلال “ربيعهم العربيّ”، حاولت جهات معنيّة ضمن هذا المشهد تنظيف العدوان، وتقديمه تحت عناوين مؤثرة في حياتنا، مثل الحريّة وحقوق الإنسان والديمقراطية ومواجهة الاستبداد، إلى آخره، فتمّ اعتماد مجموعة من المؤثرات والمغريات، إضافة إلى مجموعة من الشخصيات المؤثرة والفاعلة في الوجدان الجمعيّ للجماهير، فكان “برنار ليفي” رئيسيّاً في مشهد “ثورات الربيع العربيّ”..
-طبعاً كان يتمّ العمل على هذه الشخصيّة كي تتحوّل إلى أيقونة نضالية، تشكّل دافعاً معنويّاً كبيراً في وجدان “الجماهير الثائرة”، وكي تكون هذه الأيقونة فيما بعد عاملاً من عوامل ترسيخ فعل الثورة في حياة الناس، وثقافاتهم التي سوف تتشكّل لاحقاً، والتي ستكون أساساً قائمة على نتائج سياسيّة مغايرة تماماً لما نعيشه الآن..
-العقل الخطير الذي دفع بشخصية مثل “برنار ليفي” إلى مسرح الأحداث، كان يدرك أنّ الوعي الجمعيّ لجماهير المنطقة، بحاجة ماسة لشخصيّة تشكّل حامل المشروع، تظلّ مسؤولة عن تحريك هذا الوعي الجمعيّ وترفده بحرارة الحضور والإنجاز والانتصار، وتتحوّل إلى موقعٍ جامعٍ للحَراك الذي حصل على مستوى المنطقة، كي يتحوّل “ليفي” إلى “أيقونة نضالية” تحاكي أيقونات نضالية حقيقيّة مرّت بتاريخ العالم..
اقرأ المزيد في قسم الاخبار
-لم يفشل “برنار ليفي” في تحويل نفسه إلى أيقونة نضالية بالنسبة “لثوّار الربيع العربيّ”، وإنّما فشل المشروع الذي كان فيه “ليفي” أداة من أدوات السيطرة والتوجيه والتحريك!!..
– في المقابل نجح مشروع صدّ العدوان، من خلال حلف المقاومة، في تظهير نماذج مضادة، تحمل القيمة الحقيقية لمشروع الثورة في مواجهة “الثورة”، فكان “قاسم سليمانيّ”!!..
-“قاسم سليمانيّ” ضابط عسكريّ إيرانيّ، صاحب دور أمنيّ صرف، البعض يظنّ أنّ دوره كان عسكريّاً، والحقيقة أنّ دوره ومهمته الدقيقة لم تكن عسكريّة، وإنّما هي أمنيّة، ولاحظوا أنّنا لم نحفظ من أسماء العسكريين الإيرانيين إلا “قاسم سليمانيّ”، علماً أنّ آلافاً من ضباط الارتباط الإيرانيين وغير الإيرانيين الذين يعملون على ربط الجسم العسكريّ في حلف المقاومة، غير أنّ أحداً منهم غير معروف..
-“قاسم سليمانيّ” تمّ تظهيره عمداً وقصداً، ليس باعتباره سياسيّاً أو عسكريّاً محترفاً، وإنّما باعتباره نموذجاً نضالياً يحمل قيمة المشروع الذي يمثّله..
-“قاسم سليمانيّ” هو الضابط العسكريّ الوحيد في حلف المقاومة الذي تمّ تعويمه، والسماح له بالظهور علناً، علماً أنّه يجب أن يكون سرّاً عسكريّاً، خاصة لجهة الدور الذي يلعبه، فهو الشخصيّة الوحيدة التي كان مسموحاً لها أن تتحرّك علناً، وأن تظهر في مواقع مختلفة من الجغرافيا التي هي مسرح الأحداث والصراع..
-قد يقول لي قائل بأنّ هناك أسماء أخرى لعلها لعبت ذات الدور، ومنهم “عماد مغنيّة”، أقول انتبهوا جيداً، “عماد مغنيّة” لم يكن مسموحاً الظهور ابداً خلال حياته..
-والبعض يقول هناك ضباط سوريون أو شخصيات عراقيّة يلعبون ذات الدور الذي ذكرته، أقول أيضاً انتبهوا، السوريون والعراقيون ظهروا في بلادهم فقط، أي أنّ دورهم بقي دوراً داخليّاً..
-“قاسم سليمانيّ” أيقونة نضالية سوف تنغرس في الوعي الجمعيّ لجماهير أبناء المنطقة، وسوف تكون قيمة أخلاقية عالية تستند عليها ذاكرة الناس، وسوف تتحوّل لاحقاً إلى وجهٍ جامعٍ لنضال شعوب قاتلت واستبسلت وضحّت لكنّها انتصرت..
– من هنا يمكننا الجزم أنّ انزياح اختصار الصراع في مشهديته الروحيّة، كان يتمّ التركيز عليه، من خلال “برنار ليفي”، باعتباره “أيقونة” مزيفة تحاكي ثورة وربيعاً ونضالاً، إلى أيقونة حقيقية، مثّلت واختصرت وكثّفت جوهر الصراع الذي حصل، والأهداف والاصطفافات والمواقف والمشاريع، تسمى “قاسم سليمانيّ”!!..
-ومن هنا يمكننا الجزم أيضاً، أنّ اغتيال “قاسم سليمانيّ”، ومن قبل الولايات المتحدة الأمريكيّة، لا يعني أبداً أنّ الولايات المتحدة أنهت حياة الرجل، أو أنّها شطبته من على مسرح الصراع، بمقدار ما وهبته عمراً أبديّاً، وثبّتته أيقونة نضالية حيّة تمنح أحرار العالم قيمة نضالية كبيرة، في وجه من؟، في وجه غطرسة الولايات المتحدة ذاتها!!..