السبت , نوفمبر 23 2024

Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73

روسيا: أميركا أشعلت فتيل الحرب

روسيا: أميركا أشعلت فتيل الحرب

خطوة متهورة من شأنها إشعال الشرق الأوسط… هكذا باختصار يمكن اختزال الموقف الروسي من اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي ابو مهدي المهندس.

في الخطاب الرسمي، تكرر هذا الموقف على اختلاف مستويات الحكم في روسيا بعبارات متقاربة، وما لم يُقال بلغة الدبلوماسية – ولو الصريحة – على التي صيغت بها بيانات الكرملين ووزارتي الخارجية والدفاع، أسهبت في شرحه الصحافة الروسية، على لسان المحللين، الذين تطرقوا إلى تداعيات “التهوّر” الاميركي.

“الولايات المتحدة تشعل فتيل حرب مدمرة”… تحت هذا العنوان أفردت صحيفة “كومرسانت” حيزاً واسعاً للحديث عن الضربة الصاروخية الأميركية في مطار بغداد، معتبرة أن “تصفية إحدى أكثر الشخصيات نفوذاً في الشرق الأوسط يمكن أن تؤدي إلى عواقب غير متوقعة في المنطقة”.

وبحسب “كومرسانت”، فإن رد الفعل متوقع من جانب إيران، حيث وعد المرشد الأعلى علي خامنئي بالانتقام، وكذلك في العراق، متطرقة إلى موقف المرجع الشيعي علي السيستاني باعتباره مؤشراً إضافياً على رد فعل عراقي مرتقب.

هذا ما يؤمن به خبراء روس كثيرون، تحدثوا إلى “كومرسانت”، ومن بينهم منسق برامج “المجلس الروسي للشؤون الخارجية” رسلان محمدوف الذي رأى أن موقف آية الله علي السيستاني “إشارة واضحة إلى دعم القوات المعادية لأميركا”.

وبحسب محمدوف، فإنه في الوضع الحالي ، يبقى أمام الولايات المتحدة طريقان: “البقاء وإغراق العراق بقواتها، وفرض المزيد من الاجراءات العقابية من عمليات قتل واعتقالات للسياسيين العراقيين، بما يؤدي إلى مزيد من العنف”؛ أو “الموافقة على تعديل شروط وجودها في العراق”.

“قصف” للاتفاق النووي

حتى الآن، لا يسع المرء إلا أن يحاول التكهّن بما يمكن أن يكون عليه رد الفعل الإيراني على اغتيال قاسم سليماني. ولكن وفقاً للباحثة يوليا سفيشنيكوفا، فإن السيناريو الأكثر ترجيحاً هو خروج إيران النهائي من “الصفقة النووية”.

تتشارك سفيشنيكوفا بذلك الرأي مع رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الاتحاد الروسي كونستانتين كوساتشيف، الذي كتب في تدوينة عبر صفحته على “فايسبوك” أن طهران يمكنها الإسراع في إنتاج أسلحة نووية، فما جرى “قصفَ الآمال الأخيرة لحل مشكلة البرنامج النووي الإيراني”، موضحاً “بإمكان إيران فرض تصنيع الأسلحة النووية ، حتى لو لم تفعل ذلك”.

امتداداً لما سبق، ترى سفيشنيكوفا، أنه “لن يجرؤ أي شخص على الساحة السياسية في إيران خلال المستقبل القريب على إجراء مفاوضات مع الولايات المتحدة والغرب ككل”.

وعلى وجه الخصوص، تشير الباحثة الروسية إلى مشروع قانون مكافحة غسل الأموال، الذي كان من المفترض مناقشته أمام مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان)، موضحة أنه بعد ما جرى، فإنّ “القوى المعتدلة في إيران، وخاصة الرئيس حسن روحاني ، ستواجه صعوبة في تمريره”.

من جهة ثانية، تشير سفيشنيكوفا إلى أن بإمكان إيران أن ترد على اغتيال الجنرال سليماني من خلال حلفائها الإقليميين، وعلى وجه الخصوص، عبر شن الهجمات على القواعد الأميركية، أو ربما على إسرائيل، حيث وعدت حركة “الجهاد الإسلامي” بالثأر، كما لوّح الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصرالله بـ”الانتقام العادل”.

في الاطار ذاته، استطلعت صحيفة “ازفستيا” آراء خبراء روس حول تداعيات اغتيال سليماني، ومن بينهم المستشرق رولاند بيدجاموف الذي أشار إلى أن “قرار تصفية سليماني اتخذ في الولايات المتحدة منذ فترة طويلة، وكان من المتوقع اغتياله في أيّ وقت”، مؤكداً أن “رد الفعل الذي وعدت به طهران سيحصل، وإن كنتُ لا اعتقد أنه سيكون في المستقبل القريب”.

من السابق لأوانه، الحديث عن حدوث صدام مباشر بين الولايات المتحدة وإيران، وفق ما يقول الباحث فلاديمير فتين، الذي يرى، في المقابل، أنه “من المتوقع أن تفعل طهران بالتأكيد شيئاً ما: إما في العراق، أو في أي مكان آخر ، من اليمن إلى لبنان أو سوريا”، لافتاً إلى أن “لدى الإيرانيين كل الإمكانيات لذلك ، ولديهم أيضاً ما يكفي من الحلفاء في المنطقة، والولايات المتحدة تتفهم هذا الأمر جيداً، وهذا جعلها تُعلن عن رفع استعدادها القتالي في كافة قواعدها في المنطقة”.

أما المستشرق فياتشيلاف ماتوزوف، فاعتبر أن “ما حدث مشابه لما يمكن تسميته عملاً إرهابياً”، موضحاً أن “قاسم سليماني قائد في دولة مستقلة. قد يعجبك أم لا، لكنه شخصية سياسية، وعندما تبدأ دولة مثل الولايات المتحدة في القضاء على السياسيين بمثل هذه الطرق، فإنه أمر مؤسف”.

وبحسب ماتوزوف ، فإن ضربة مطار بغداد تشكل انتهاكاً لجميع الاتفاقيات الدولية، مذكّراً بأنه بموجب الاتفاقات القائمة “يجب تنسيق جميع تصرفات الجيش الأميركي مع السلطات العراقية ، لكن هذا لم يحدث في حالة اغتيال قاسم سليماني”.

رسالة إلى أوروبا

على مستوىً آخر، أعرب الباحث السياسي أناتولي فاسرمان، في مقابلة مع وكالة “فان”، عن رأيٍ مفاده أن اغتيال سليماني جاء نتيجة السباق الانتخابي الذي بدأ في الولايات المتحدة.

ويعتقد فاسرمان أنه بعد خسارة المعركة مع الصين، بات الاقتصاد الأميركي ضعيفاً وغير مستقر، وهذا ما تنبّه إليه حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا، ولهذا لم تتحقق آمال ترامب بتصدير الغاز المسال ، ووافقت ألمانيا علناً مع روسيا على بناء خط “نوردستريم” لنقل الغاز.

بالإضافة إلى ذلك، يضيف فاسرمان، فإنه خلال سنوات رئاسة ترامب، لم تحدث ثورة ملونة ناجحة واحدة في العالم، كما أنه منذ بداية عام 2017، لم تطلق الولايات المتحدة صراعاً محلياً واحداً.

من هنا يرى فاسرمان أن ترامب “يحتاج حقاً إلى تعزيز مكانتة… وسلعة التصدير الأميركية الرئيسية هي عدم الاستقرار. وبشكل تقريبي، كلما زاد الاضطراب في جميع أنحاء العالم، تدفق رأس المال بشكل مباشر إلى الولايات المتحدة. لذلك ، فإن ترامب مجبر، مثل أي رئيس أميركي، على الحفاظ على هذه الفوضى “.

ويعتقد فاسرمان أن الهجوم الصاروخي “هو عمل تخويف حقيقي، ولكنه ليس موجهاً إلى إيران، ولكن إلى أوروبا”، موضحاً أن “ترامب أراد تذكير الأوروبيين بأن الميزانية العسكرية للولايات المتحدة حالياً أعلى من الميزانية العسكرية لكل دول العالم”.

روسيا بين التدخل “العقلاني” وانتظار الفرص

يبقى السؤال عن تموضع روسيا في الصراع الذي تأجج بمقتل سليماني. وفق ما نقلت وكالة “ريا نوفوستي” عن الخبيرة في “المجلس الأطلسي في واشنطن، باربرا سلافين، فإنّ اغتيال الجنرال سليماني “لن يقلل من نفوذ إيران في المنطقة، بل سييعززه، حيث سيكون من الصعب على السكان المحليين الاحتجاج على دور إيران بعد الآن، كما أنه من المرجح أن يتم طرد الولايات المتحدة من العراق ، لأن قتل هذه الشخصية الإيرانية البارزة – إلى جانب العديد من العراقيين المهمين – على الأرض العراقية – ينتهك الاتفاقات” المبرمة بين واشنطن وبغداد.

في رأي سافين، يبقى احتمال نشوب حرب شاملة بين الولايات المتحدة وإيران متوقّفاً على شكل الرد الإيراني على اغتيال سليماني، وكيف سيكون رد فعل الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد ذلك.

اقرأ المزيد في قسم الاخبار

وترى سافين أنه “ربما يكون الزعيم العالمي الوحيد الذي يمكنه عقلنة دونالد ترامب والإيرانيين هو فلاديمير بوتين. ومع ذلك، فإن روسيا والصين، يمكنهما الاستفادة من هذه الأعمال الأميركية المتهورة، التي تقلل من قدرة الولايات المتحدة على لعب دور قوي في الشرق الأوسط… وبذلك يمكنهما (روسيا والصين) ببساطة الجلوس ومشاهدة الفوضى التي ستتبع ذلك الآن”.

وسام متى-180 بوست