سامي كليب.. كيف يمكن أن يتدحرج الصراع الاميركي الايراني.؟
سامي كليب:
بعيدا عن الجدل العقيم بين مؤيد ومعارض لايران. ماذا نقرأ في الرد الايراني:
* ايران نفذت تهديدها وردت من أراضيها وليس عبر طرف ثان مؤيد لها. بغض النظر عن حقيقة الخسائر فان هذه سابقة
* سقطت الصواريخ فوق القاعدة الكبرى الاميركية في العراق ولم تنجح القوات الاميركية في اعتراضها. هذه سابقة ايضا تطرح أكثر من سؤال.
* خرق الرد الايراني الخطوط الحمراء، تماما كما كانت واشنطن قد خرقتها هي الاخرى بقائد فيلق القدس قاسم سليمان. هذه سابقة بحيث انها اول مرة منذ الحرب العالمية الثانية تستهدف دولة ما، قاعدة اميركية كبيرة، وهذه سابقة أيضا في تاريخ الدول الاقليمية التي لم تستطع أي واحدة منها الرد على أقوى الجيوش العالمية.
* هضم ترامب الرد الايراني وقلل من شأنه، على أمل ان تكتفي ايران به وان يبدا التمهيد لاعادة الطرفين الى طاولة التفاوض، أو ان يكمل تشديد العقوبات .
* جاء الرد الايراني بعد زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى دمشق، فهل كان في ذلك ضوءا أخضر لما حصل. لا شك أن رسالة دمشق كانت مهمة جدا ولو بالشكل في هذا الوقت بغض النظر عن مضمونها.
* ربما الرد الايراني خذل المتحمسين لزلزلة الارض تحت اقدام القوات الاميركية، لكن طهران تعرف أن ميزان القوى العسكري بينها وبين اميركا كبير، وهي أكثر حكمة من الانجرار الى حرب كبرى ستواجه فيها أميركا واسرائيل وعلى الارجح عددا من دول الاطلسي.
ماذا الآن؟
* اذا اكملت ايران ردودها واستمرت باستهدافها المباشر قواعد اميركية، يعني أن لا شيء سيمنع الانزلاق الى حرب محدودة بين الطرفين، أو التدهور الى حرب اوسع ( وهذا قليل الاحتمال)
* اذا اكتفت بهذه الضربة تحت شعار الهدف الأهم، اي اخراج القوات الاميركية من الشرق الأوسط، فهذا يحمل وجهين: أما المباشرة بالتأسيس لخلايا محلية في الدول التي تقيم فيها القواعد الاميركية ويجري العمل على اساس أمد طويل ، واما ان هذا سيمهد لمفاوضات على اسس جديدة، خصوصا ان ايران لا تزال تؤكد انها ملتزمة بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة، وان الاوروبيين يأملون ألا تعلن الخروج النهائي من الاتفاق النووي رغم خطواها الخمس في هذا الاتجاه.
* اذا قبلت ايران الوساطات الكثيرة الناشطة اوروبيا وعربيا ويابانيا، فالسؤال الأهم: هل تتفاوض مع ترامب الذي قتل أبرز قادتها العسكريين والاستراتيجيين، أم تؤخر المفاوضات حتى تظهر أكثر مآلات الانتخابات الاميركية، بحيث تصبح خياراتها اوسع بين ترامب ومنافسه المحتمل. انها على الارجح ستتريث في ذلك رغم الضغوط الاقتصادية الهائلة عليها. ولعلها ستنتظر خطوة اولى اميركية في رفع جزء من العقوبات قبل أي قرار.
الاكيد ان لا اميركا ولا ايران تريدان الحرب، لذلك ستنتقل الدفة الآن الى حلفاء ايران في المنطقة الذين وعدوا هم ايضا بالانتقام. والأكيد كذلك ان انتقامهم لن يتخطى الخطوط الحمراء، ذلك ان الحروب ليس اهدافا قائمة بذاتها، وان الدول التي تحترم نفسها تعرف متى تقاتل ومتى تتفاوض…. ربما العالم يميل أكثر الآن الى الدفع باتجاه التفاوض الايراني الاميركي وليس الحرب.