الخطر الصّامت يتقدم نحونا بلا ضجيج..إنذار صاخب بهيئة دراسة
شخصت دراسة رسمية واقع الموارد المائية في سورية الذي لم يعد على ما يرام وفقاً لما عرضته هذه الدراسة من معلومات وأرقام، باتت تستدعي حث الجهود لاستدراك المخاطر المحيطة بالثروة المائية، إذ أكدت الدراسة الصادرة عن المركز الوطني للسياسات الزراعية أن أغلب الأحواض تعاني من مشاكل بيئية متنوعة أهمها التلوث وبدرجات وأنواع مختلفة من الملوثات، فهي تتأثر بمياه الصرف الصحي أحياناً وبالنترات والمواد الكيماوية الزراعية، أو منتجات المعامل والمصانع والدباغات ومصافي النفط …الخ، أو أنها تعاني من الملوحة كما في البادية وبخاصة في بعض الأراضي المشمولة بمشاريع الري.
أضرار متنوعة
وبينت الدراسة المعنونة بـ”أثر الأزمة السورية على الواقع البيئي الزراعي” أنه خلال سنوات الأزمة تعرضت الموارد المائية لأضرار متنوعة من تعديات على مجاري الأنهار والسواقي وخطوط الجر الرئيسية والمنشآت المائية، بالإضافة إلى صعوبة صيانة شبكات مياه الشرب والري والصرف الصحي، وتوقف العديد من محطات معالجة الصرف الصحي المستثمرة وخروج عدد من محطات المعالجة عن الخدمة بسبب الأعمال التخريبية ما أدى ذلك إلى زيادة التلوث في الأجسام المائية التي تصرف عليها المخلفات السائلة. فضلاً عن توقف العمل في إنشاء عدد من السدود والمنشآت الحيوية، وعدم إمكانية مراقبة التعديات على المياه الجوفية بسبب الحفر العشوائي للآبار، وتخريب بعض شبكات الري الحديث .
كما تعاني هذه الأحواض من عجز كبير في الموارد المائية نتيجة الاستنزاف الكبير لها ويقدر العجز المائي الكلي لجميع الأحواض بحوالي20% من الموارد المتجددة المتاحة وتتفاوت هذه النسبة بين الأحواض ولكن أكبرها في حوض دجلة والخابور.
تحسن ولكن..!.
وأوضحت الدراسة أنه خلال سنوات الأزمة يلاحظ تحسن في الموازنة المائية العامة خلال الفترة 2010 – 2013 وذلك ناتج عن تداعيات الأزمة وتراجع النشاط الاقتصادي وخاصة الزراعة المروية ، إلا أن انخفاض معدل الهطولات المطرية بشكل كبير عام 2014 وحالة الجفاف أدى إلى التغير في الموازنة المائية، ويبدو ذلك واضحا بمقارنة الهطولات المطرية للموسمين التي انخفضت من 48012 مليون م ³ إلى31647 مليون م ³، وبالتالي انخفضت الموارد المائية للموسم 2012 – 2013 البالغة 21483 مليون م ³ إلى 15051 مليون م ³للموسم 2013 – 2014 الذي كان الاحتياج المائي له 17964 مليون م ³ أي بعجز مائي قدره 2913 – مليون م ³ لإجمالي الأحواض المائية ولكن أكبرها كان في حوض دجلة والخابور .
تعتبر الزراعة هي المستخدم الرئيسي للموارد المائية حوالي 90% حيث بلغت مساحة الأراضي المروية في سورية عام 2016حوالي 1.004 مليون هكتار وهي تعادل حوالي 18% من إجمالي المساحة المستثمرة و25% من الأراضي المزروعة فعلا، في حين كانت تشكل 24% و31% من إجمالي المساحات المستثمرة والمزروعة فعلا، على التوالي في عام 2011، مما يشير إلى تراجع المساحات المروية خلال سنوات الأزمة.
نمو سلبي
تشير الإحصاءات إلى تراجع المساحات المروية بشكل عام خلال الفترة 2005 – 2016 حيث تراجعت من 1426 ألف هكتار في عام 2005 إلى 1004 ألف هكتار عام 2016 أي بمعدل نمو سنوي 3.14 % في حين بلغ معدل النمو السنوي 1.22 – % خلال الفترة 2005 – 2010 أما خلال الفترة 2011 – 2016 فقد كان التراجع بشكل أكبر حيث وصل معدل النمو السنوي إلى – 6.43 %، كما كانت معدلات النمو سالبة خلال الأزمة أيضا بالنسبة للمساحات المروية من الآبار والينابيع والأنهار ومشاريع الري الحكومية وهي على التوالي حوالي -6%،%- 5-5%، -8%، مع ملاحظة أن هناك تحسنا في المساحات المروية خلال الفترة 2009 – 2012بشكل يتوافق مع تحسن الهطولات المطرية والموازنة العامة المائية خلال هذه الفترة حيث وصلت المساحة المروية عام 2012 إلى 1428 ألف هكتار بزيادة 2231 هكتار عن عام 2005.
وأشارت الدراسة إلى أن نسب الري الحديث بلغت عام 2016 حوالى 24% من إجمالي الأراضي المروية في حين كان يشكل 17% عام2005 ، وقد حقق الري الحديث تحسن ملحوظ خلال سنوات الأزمة وخاصة الري بالتنقيط حيث وصل معدل التغير بين متوسط سنوات الأزمة وما قبلها إلى 32%، إلا أن تراجعه عام 2016 أدى إلى الحصول على معدلات نمو سنوية سالبة خلال الأزمة وصل إلى -4.9% في حين كان معدل النمو السنوي خلال الفترة 2005 – 2010 حوالي 4 %.
لاستدراك الوضع
واقترحت الدراسة العمل على تقييم الوضع الراهن للموارد المائية بشكل دقيق والمنشآت المتعلقة بها وتحديد الأضرار والعمل على إصلاحها، وتقييم وضع السدود خاصة سد الفرات لمعرفة الأضرار التي أصابتها منعاً من أي مشاكل مستقبلية، إضافة إلى العمل على إنهاء حفر الآبار العشوائية وتسوية وضع الآبار المخالفة، وتنظيم استثمار المياه الجوفية وتركيب عدادات على الآبار وتحديد المقننات وفق المتجدد المائي والحاجة ومراقبة الاستهلاك، و التركيز على البحث العلمي لزيادة كفاء ة استخدام الموارد المائية من خلال استخدام تقنيات الري الحديث وتقنيات حصاد المياه، إلى جانب تخطي الصعوبات الخاصة بالتحول للري الحديث وتقديم التسهيلات للحصول على القروض والتراخيص والمستلزمات، واستنباط الأصناف المقاومة للجفاف والأقل استخداماً للمياه وبالتالي الاعتماد على الدورات الزراعية ذات الاستهلاك الأقل للماء، ولكن بما يتناسب مع مبدأ الميزة النسبية والتنافسية للزراعة السورية…
البعث
اقرأ أيضا: أسعار الفروج ترتفع 50 ليرة في اليوم منذ بداية العام.. والمربون: سنغلق المداجن!