خبير مالي: هديتان حكوميتان تساعد المصارف على التهرب الضريبي
كشف رئيس قسم المحاسبة بكلية الإدارة والاقتصاد في “جامعة قاسيون الخاصة” سلمان الحكيم، عن وجود قرارات مصرفية تعتبر بمثابة “هدايا سخية” تُقدّم للمصارف والشركات للتهرب من الضرائب، وتكرس مقولة أن “التضخم ضريبة يدفعها الفقراء للأغنياء”.
الهدية الأولى
وأضاف الخبير المصرفي والمالي لموقع “الاقتصادي“، أن إعفاء المصارف والشركات من ضريبة الدخل على أرباح تقييم مركز القطع البنيوي (الأرباح التي تحققها المصارف بمجرد اختلاف سعر صرف القطع الأجنبي)، يعد “الهدية الأولى”، وذلك بموجب القرار رقم 1088 الصادر عن “مجلس النقد والتسليف” بتاريخ 9 آذار 2014.
ويسمح للمصارف بالاحتفاظ بنحو 60% من أموالها الأساسية الصافية بالعملات الأجنبية، بهدف حماية المصرف من انخفاض قيمة الأموال الخاصة لديه وعدم كفايتها عند حدوث تقلبات بأسعار الصرف، وتأثيرها على رأسماله المكتتب به بالقطع الأجنبي والمثبت بالليرات السورية.
ولا تحسب الأرباح الناتجة عن اختلاف سعر الصرف (تقييم مركز القطع البنيوي) ضمن الأرباح القابلة للتوزيع أو الخاضعة للضريبة، كما لا تحتسب ضمن الأموال الخاصة الأساسية عند احتساب كفاية رأس المال.
وتابع الخبير، أن هذا الإعفاء مستمر حتى اليوم، رغم ضخامة أرباح المصارف من تقييم مركز القطع البنيوي، فعلى مستوى المصارف التقليدية الخاصة فقط، بلغ متوسط الأرباح خلال فترة الأزمة الممتدة من 2011 ولنهاية 2018 نحو 34 مليار ليرة سورية سنوياً، بينما تجاوزت القيمة التراكمية لتلك الأرباح 218 مليار ليرة بنهاية 2018، ما يعادل 4 أضعاف رأسمال المصارف التقليدية الخاصة بذلك التاريخ.
ولفت الخبير إلى أن المصارف تعتمد عند تقييم مركز القطع البنيوي على سعر الصرف الرسمي للدولار الواحد وهو سعر ارتفع منذ بداية الأزمة بشكل متتالي حتى ثبت عند 435 – 438 ليرة سورية، وقيمة تلك الأرباح تتضاعف أكثر بحال الاعتماد على سعر صرف السوق الموازية.
وأكد الحكيم، أن هذه الأرباح الضخمة الناجمة عن فرق سعر الصرف هي أرباح غير محققة، والمشكلة الحقيقية تكمن في أن موعد تحقق تلك الأرباح غير معروف، ومرهون بإدارة المصارف وقراراتها فيما يتعلق بالتصرف بمركز القطع البنيوي، وبالتالي على الدولة الانتظار لأجل غير مسمى حتى تحصل على الضرائب بموعد قد يأتي وقد لا يأتي.
الهدية الثانية
وبالنسبة لما وصفه الخبير بـ”الهدية الثانية”، فهي تتمثل بعدم إلزام الحكومة للمصارف والشركات بإعادة تقييم أصولها الثابتة (موجودات، عقارات، أثاث..)، ما يجعلها بعيدة عن قيمتها الرائجة حالياً في الأسواق، وبالتالي فإنها تحرم الخزينة العامة من الضرائب والرسوم المستحقة.
وشبّه الخبير الأرباح الناتجة عن تقييم مركز القطع البنيوي، بالأرباح الناتجة عن إعادة تقييم الأصول الثابتة، فكلاهما أرباح غير محققة ناتجة عن التضخم النقدي، إلا أن أرباح أو فائض إعادة تقييم الأصول الثابتة يخضع للضريبة وبمعدلات مرتفعة إلى حد ما في معظم دول العالم، حيث يصل إلى 10% في لبنان مثلاً، مع وجود اقتراح حالياً برفعه حتى 15%.
ويوجد 6 مصارف عامة في سورية تعمل إلى جانب 14 مصرفاً خاصاً، وتعاني جميعها من فائض في السيولة (المبلغ الجاهز للتوظيف)، حيث تجاوز 1,700 مليار ليرة (1.7 تريليون ليرة)، استناداً لكلام نائب حاكم المركزي محمد حمرة في 18 أيلول 2019.
الاقتصادي
اقرأ أيضا: مستثمرون سوريون وإيرانيون يؤسسون شركة للمقاولات بدمشق