هل ستقدم تركيا على عملية عسكرية في إدلب وما سيكون الرد عليها؟
بحث الرئيسان فلاديمير بوتين والتركي أردوغان تسوية الأزمة السورية في ظل تفاقم الوضع في منطقة خفض التصعيد، ودعت روسيا إلى الالتزام الكامل بالاتفاقات الروسية التركية في سوتشي وغيرها.
وكان الرئيس التركي قد أعلن عن عزمه لإبعاد القوات السورية خلف نقاط المراقبة بنهاية فبراير/شباط، بعد مقتل 14 جنديا تركيا وإصابة 45 آخرين في قصف للجيش العربي السوري على مواقع للقوات التركية.
عملية عسكرية تركية؟
وعما إذا كانت تركيا تنوي القيام فعلا بعمل عسكري، قلل الخبير العسكري والاستراتيجي السوري اللواء رضا شريقي من شأن تصريحات الرئيس التركي في حديث مع وكالة “سبوتنيك”، ويقول: لا أعتقد أن الجيش التركي مستعد لمواجهة الجيش السوري على أراضيه، فالجيش السوري بات يملك من الخبرات ما يستطيع فيها مواجهة أي جيش في العالم، خاصة على أماكن محددة أو مساحات محددة، والجيش السوري تدرب خلال الأعمال القتالية على حرب العصابات وعلى حرب الشوارع والخنادق والأنفاق وغيرها.
ويتابع: الجيش السوري بات لا يخشى الحرب إطلاقا، ومن هنا يمكن أن نقول إن الجيش السوري له الأفضلية في أي حرب تقع بشكل محدود طبعا في أي منطقة من مناطق الجمهورية العربية السورية.
ويكمل اللواء السوري: بالإضافة إلى ذلك هذه الحرب يمكن أن تمتد إلى حرب على مستوى الإقليمية، لأن الجمهورية العربية السورية لديها اتفاق وتحالف مع الأصدقاء الإيرانيين وحزب الله والقوى التقدمية في المنطقة، بالإضافة إلى المساندة الجوفضائية الروسية التي لا يمكن أن تتخلى في هذه الظروف عن الجيش العربي السوري.
ويضيف: من هنا يمكن أن تكون الحرب قاسية وأعتقد أن هذا يمكن أن يشكل رادع بالنسبة للجانب التركي من أن يشن أي حرب على القوات السورية في إدلب.
أما المحلل السياسي التركي فراس أوغلو فيرى أن العملية قد بدأت فعلا، في لقاء مع وكالة “سبوتنيك”، ويوضح: أعتقد أن العملية قائمة للتو أو بدأت، والتصعيد التركي أعتقد أنه لأهداف متعددة أقلها من أجل الداخل التركي، حيث أن مقتل جنود أتراك كان لها تأثير سلبي كبير جدا على الانتخابات القادمة، ولا يستطيع أردوغان أن يقبل أو أن لا يصعد.
ويكمل: الأمر الثاني هي وجود نقاط مراقبة تركية في خطر، أعتقد هذا سيجعل تركيا تقوم بعملية عسكرية بالتأكيد.
أما المحاضر الأول في كلية الدراسات الشرقية أندريه تشوبريغين وفي حديث لـ”سبوتنيك”، فيرى أن العملية تعتمد على عدة أمور، ويبين: العملية العسكرية التركية تتوقف على عاملين مستوى خوف أردوغان من رد فعل روسيا، ومستوى الدعم الذي سيحصل عليه من الولايات المتحدة نتيجة لذلك، وأعتقد أن مستوى الدعم الأمريكي لأردوغان سيكون أكثر أهمية.
ويتابع: أهم نتيجة للتوتر في إدلب هي حقيقة أن الولايات المتحدة عبرت علانية عن تضامنها مع تركيا، وفي الوقت نفسه تم رفع العقوبات عن جميع السياسيين وبالبنوك الذين خضعوا للعقوبات، وصرحت بأنها على استعداد لدعم تركيا في جميع أعمالها في سوريا.
ويضيف تشوبريغين: هناك أمر ملفت هو أن الرئيس الأمريكي ترامب سمى الجنود الأتراك الذين قتلوا في إدلب بالشهداء، ويبدو لي أن الوضع واضح هناك، وأردوغان لعب مرة أخرى لعبة وضعته في المرتبة الأولى في مسألة حل النزاع في شمال سوريا، كما يمكن ملاحظة الاختفاء الفعلي لثلاثية أستانا، حتى من دون أن تترك أثرا.
التعامل مع العملية العسكرية
وعن طريقة تعامل الحكومة والقوات السورية ومن خلفها القوى الحليفة لها مع العملية العسكرية في حال تمت من الجانب الروسي، يقول اللواء شريقي: الجيش العربي السوري سيقوم بمهماته على أكمل وجه، وسيواجه الجيش التركي بكل ما يستطيع، وأعتقد أن الجانب الإيراني لن يكون متفرجا، بالإضافة إلى الجانب الروسي والدليل على ذلك أن الرئيس الروسي أوفد مندوبيه إلى أنقرة لمناقشة الأتراك في هذه المسألة.
ويكمل: اليوم كان هناك اتصال بين الرئيس الروسي بوتين مع أردوغان لمعالجة هذا الموضوع، لأنه يشكل قلق بالنسبة للدولتين وخاصة أن تركيا بقيادة أردوغان تلعب على كل الحبال، فتريد أن تقترب من روسيا أحيانا وأحيانا أخرى تريد أن تذهب إلى الجانب الأمريكي.
ويضيف شريقي: لذلك هناك شيء من الحساسية بين الجانبين، ولكن لا أعتقد أن الروس يمكن أن يتخلوا في هذه الظروف عن الجيش العربي السوري، وبالتالي ستكون الغلبة للجيش العربي السوري على أراضيه، وخاصة أن الشعب السوري في المنطقة يجب أن يكون مع قواته المسلحة.
أما المحلل التركي فراس أوغلو فيرى العملية التركية ستنجح وأن روسيا لن تتدخل في هذه العملية، ويقول: أعتقد أن روسيا لن تشارك في أي رد، بل ربما الميليشيات أو الفصائل التي تقاتل إلى جانب النظام قد تقوم برد فعل، ولكن أعتقد إنه إذا لم يكن هناك دعم من روسيا، فهم أضعف بكثير من القوة العسكرية التركية.
ويكمل: لذلك أعتقد أن الأمر سيكون كما قامت به الولايات المتحدة في عملية نبع السلام بأن تقوم روسيا بالأمر نفسه، لعدم صدام المصالح والجيش الروسي مع الجيش التركي.
فيما يرى المحاضر أندريه تشوبريغين بأن روسيا في وضع صعب ويقول: من ناحية الحكومة في دمشق هي النظام الشرعي لدولة ذات سيادة، ومن ناحية أخرى الأتراك الذين يبدون أنهم حلفاء ولكنهم موجودون في سوريا بطريقة غير شرعية، وفي الوقت نفسه يشعرون بالغضب ويطالبون بشيء لأنفسهم.
ويتابع: هذا الوضع يربك إلى حد ما روسيا، فمن ناحية يجب تذكير أردوغان بأنه في الواقع محتل لدولة ذات سيادة، ومن ناحية أخرى الموقف مربك لدرجة أنه فات الآوان للحديث عنه، وبالطبع الولايات المتحدة تريد الاستفادة من الموقف وخرجت فجأة لتعد تركيا بتعاون مربح، وهذا يشكل خبرا غير سار لروسيا، حيث أن التعامل مع أردوغان أصبح أصعب الآن.
اتفاق روسي تركي جديد
وعن إمكانية إجراء اتفاق روسي تركي جديد حول الوضع الراهن في المنطقة، وتجنيب المنطقة تصعيدا خطيرا جدا، يقول المحلل الاستراتيجي شريقي: على الصعيد السياسي هو محاولة للحفاظ على الأوضاع ومحاولة تأمين الطرق “إم5″ و”إم4” التي تم التوقيع عليه حسب اتفاق سوتشي، وأن تكون الطرق مؤمنة لجهة الساحل وجهة دمشق، وأن تشكل تركيا وروسيا دوريات مراقبة لحماية هذه الخطوط وطرد الإرهابيين خارج هذه المنطقة، وأن تتم المرحلة القادمة من المفاوضات لحل القضية بشكل سلمي بالنسبة لإدلب.
ويتابع: خاصة أن في إدلب عنصر بشري كبير والجيش العربي السوري لا يريد أن يدمر أو أن يقتل أهله في هذه المنطقة، وبالتالي يمكن أن يكون للحلول السياسي مكان في الفترة القادمة، ولكن لن نقبل بأن يكون هناك تدنيس لأراضي الجمهورية العربية السورية من قبل الأتراك أو من قبل هذه العناصر الإرهابية.
أما المحلل فراس أوغلو فيرى أن هناك فهم مختلف للأمر من الأطراف، ويجب أن تلبى متطلبات تركيا لتجنب العملية العسكرية، ويقول: المشكلة أن سوتشي وقراءتها مختلفة جدا بين روسيا وتركيا، ولكن الآن يمكن إيجاد تسوية تركية روسية وفق التطورات الآخيرة والرؤية التركية، فلربما روسيا تعطي بعض النتائج التي تريدها تركيا لن يكون هناك أي داعي للعمل العسكري.
ويتابع: مثل انسحاب قوات النظام إلى نقاط معينة أو غير ذلك من الاتفاقات العسكرية، كما أن هناك نقطة مهمة هي عدم ترحيل المزيد من اللاجئين ونحن نتكلم هنا عن 3 ملايين شخص، وهناك استراتيجية للحل السياسي وليس خطوات، ولكن أعتقد أن العملية العسكرية لن تكون إلا إذا استهدف الجيش التركي.
أما تشوبريغين فيرى أنه سيتم بذل محاولة كبيرة لإبرام اتفاق جديد، ويتابع: أما بخصوص نجاحه من عدمه فلا أعرف الصراحة، ولكن في هذه المرحلة يجب القيام بذلك على الأقل، فلا أحد يريد الاشتباك في الشمال، لأنه في حال حدوث تصادم وجها لوجه ستنجر إليه روسيا سواء أرادت ذلك أم لا.
ويختم قوله: روسيا ستحاول التخلص من التصعيد بطريقة أو بأخرى، مع ذلك حتى لو كان هناك اتفاق جديد فلن يتم حل المشكلة إلا بمقدار النصف وبشكل مؤقت، وستبقى المشكلة الأساسية.