التطورات في إدلب.. سوريا رابحة في كل السيناريوهات
يبدو حجم الخلاف الروسي التركي كبيرا حول التطورات الأخيرة في ادلب، الهستيريا التركية الناتجة عن سيطرة الجيش السوري هناك تتضح من تخبط المسؤولين الأتراك وتصريحاتهم ودعمهم اللامحدود للتنظيمات الإرهابية. في المقابل يبدو الروسي واثقًا من قدرة القوات السورية على تحقيق جوهر اتفاق “سوتشي” بالقوة بعد المراوغات التركية، مما يقوي موقفه التفاوضي مع نظيره التركي، ولكن تصعيد التوتر مؤخراً بين الجيشين السوري والتركي في ادلب يدفعه لمحاولة منع حدوث صدام كبير حتى آخر لحظة.
المحلل السياسي السوري والخبير الاسراتيجي كامل صقر وفي حديث لموقع “العهد” الإخباري أكد أنه “من الواضح أنّ الأتراك والروس لم يتفقوا نهائيا حتى اليوم رغم بعض التصريحات الإيجابية المحدودة نسبياً من الروسي لكن على الأغلب فإنّ هناك نقاط خلافٍ عميقة بينهما وعقدة الخلاف هي بنود اتفاق سوتشي، فربما الروسي ضاق ذرعاً بعدم تنفيذ التركي لالتزاماته فيما يخص الاتفاق لجهة البند المتعلق بالطريق الدولي الذي يربط دمشق و حلب (أم 5).
واعتبر صقر أن الروس مصرون على العملية العسكرية وربما يتطلعون إلى تفاهم جديد واتفاق آخر”، مضيفاً أنّ “العامل الجغرافي لاتفاق سوتشي لم يعد قائماً بكليته كما كان، إذ حصلت فيه تغييرات كبيرة ناتجة عن العمليات العسكرية التي قام بها الجيش السوري وسيطر من خلالها على مساحات واسعة من أرياف ادلب وحلب وحماه وصولاً إلى الخريطة الحالية ، والروس يدركون هذا التغيير بعكس الطرف التركي الذي يظن أنه من الممكن الاستبقاء على حالة اتفاق سوتشي حتى مع عدم تنفيذه ولكن هذا الأمر لم يعد قائماً للروسي”.
وتابع صقر قائلًا إنّ ” التركي يرى أن الجيش السوري بدأ يطرق أبواب مدينة ادلب ولم يحصل نظام إردوغان على أية مكاسب مما كان يعتقد أنه يستحقها من خلال مراوغاته في اتفاق سوتشي أو التنظيمات الجهادية الي يدعمها أو اتفاقات خفض التصعيد بمجملها، ووصل الأمر الآن إلى طرق أبواب ادلب المدينة، وبات يحرص إلى الاستشراس والعدائية كما لم يعد الأمر وارداً لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء بمعنى تخلي الدولة السورية عن الطريق الدولي بل منع استمرار تقدمها وبالتالي منع استمرار العملية العسكرية السورية شمالاً وصولاً إلى ادلب”.
وأشار المحلل السوري إلى أنّ “الدبلوماسية التركية نشطت بشكل كبير ومضاعف خلال الساعات الماضية باتجاه الأمريكي وحلف الناتو وسمعنا تصريحات نارية من بعض ممثلي الحلف وبالتالي نحن أمام اشتباك قد يكون أكثر حدةً وربما تلجأ أنقرة إلى ما لم تلجأ إليه واشنطن طيلة السنوات الماضية لجهة تسليح التنظيمات الجهادية بأسلحة نوعية وصواريخ محمولة على الكتف وربما مضادات طيران موجودة بالطبع في مخازن الجيش التركي ولكنه أيضاً تطور خطير النسبة للروسي”.
ولفت الى أنه يمكن القول إنّ المواجهة إذا تطورت بين جيش الاحتلال التركي والجيش السوري وأخذت منحى أوسع، فذلك يعني بطبيعة الحال وبدون أية مبالغة مواجهة التركي مع الطرف الروسي لأنه شريك عميق جداً في العملية العسكرية الجارية في ادلب ومن غير الوارد أن يقبل الروسي بإيقاف العملية أو حتى الانسحاب من أية محطة استراتيجية خاصةً لناحية الطريق الدولي الرابط بين دمشق و حلب”.
وختم المحلل السياسي السوري والخبير الاسراتيجي حديثه لـ “العهد” أنّ “التطورات القادمة سترينا ماذا في جعبة المؤسسة العسكرية التركية حيال التطورات في ادلب، ولكنها بدون أدنى شك معركة ثقيلة للغاية ومفتوحة الاحتمالات، فهناك ضغط كبير على الجيش السوري بوجود الجيش التركي الذي سخّر نفسه فس ادلب لخدمة التنظيمات الإرهابية ويتحرك بشكل مباشر ضد السوري وموسكو رغم ميلان موقفها بشكل كبير لسوريا إلا أنها تحاول حتى اللحظة الأخيرة امتصاص الهستيريا التركية الناتجة عن المفاجأة المدوية بالعملية العسكرية السورية الواسعة جداً التي شملت وأرياف ادلب الجنوبي الشرقي وحلب الجنوبي والجنوبي الغربي ولكن بشكل عام يجب أن نتوقع كل السيناريوهات وأولها صدام واسع بين الجيشين السوري والتركي”.