كيف منحت فرنسا تأشيرتها ل “إسلام علوش” المتهم بجرائم حرب؟
شرت صحيفة “لوفيغارو” ، تقريراً تساءلت فيه كيف يمكن لدولة مثل فرنسا أن تمنح إرهابي متهم بجرائم حرب كـ “إسلام علوش”، تأشيرة دخول إلى الأراضي الفرنسية. فقد تم توقيف (مجدي مصطفى نعمة)، والمعروف أيضًا باسم “إسلام علوش”، في فرنسا في أواخر شهر كانون الثاني الماضي، وتم توجيه الاتهام له بارتكاب جرائم حرب. حيث كان قد التحق هذا الجهادي السوري بمعهد أبحاث فرنسي ضمن برنامج منحة “إراسموس” وكان لديه تأشيرة دخول لا تزال صالحة.
فالمسؤول السابق في تنظيم “جيش الإسلام” السلفي السوري، متهم اليوم في فرنسا وموقوف منذ أواخر الشهر الماضي. لكن، يبقى سؤال واحد مطروح: كيف حصل “إسلام علوش” على تأشيرة دخول إلى فرنسا؟ وما الذي جعل من الممكن للرجل الذي يتهمه القضاء الفرنسي منذ ذلك الحين بـ “أعمال التعذيب والاشتراك فيها” و”جرائم الحرب” وكذلك “الاشتراك في جرائم الإخفاء القسري”، التسجيل في معهد الأبحاث الفرنسية مع منحة و تأشيرة دخول نظامية؟ أسئلة لابد من الإجابة عنها لتوضيح هذه القضية الضبابية للرأي العام الفرنسي.
من هو مجدي مصطفى نعمة “إسلام علوش”؟
“إسلام علوش” من مواليد عام 1988، وقد كان ضابطاً في الجيش السوري قبل أن ينشق عنه ويلتحق بتنظيم “جيش الإسلام” الإرهابي ويصبح فيما بعد متحدثًا باسمه.
وفي شهر حزيران من العام 2017، أعلن “علوش” أنه سيستقيل من منصبه وأته سيستأنف استخدام اسمه الحقيقي.
وبعد توقيفه واتهامه في فرنسا، طالب تنظيم “جيش الإسلام” يوم السبت الماضي بالإفراج عن “علوش”، بدعوى أنه قطع جميع صلاته مع المذكور.
وقد كان “جيش الإسلام” أحد أهم مجموعات المعارضة المسلحة في منطقة دمشق لاسيما في الغوطة الشرقية، بعد اندلاع الأزمة السورية في شهر آذار من العام 2011.
كما شارك التنظيم في محادثات جنيف التي بدأت في العام 2015، والتي انتهت بالفشل. حيث يقول (فابريس بالانش)، عالم الجغرافيا والمتخصص في الشأن السوري بجامعة ليون الثانية، في حديث لوكالة فرانس برس: “كان هذا التنظيم يسيطر على نقاط التفتيش التي تمر من خلالها المساعدات الإنسانية إلى الغوطة.
وقد جمع أموال طائلة من ضرائبه التي كان يفرضها على العبور”.
ويبيّن حساب “إسلام علوش” على الفيسبوك أنه قد درس في جامعة ELTE المجرية في بودابست في العام 2018، وأنه تخرج من جامعة Aydin في إسطنبول وحصل على دبلوم في العلوم السياسية والعلاقات الدولية. وبحسب (بالانش)، فإن هدف علوش كان “إعادة تدوير نفسه وأن يصبح شخصية مؤثرة لها خلفية جامعية، وكذلك ليكون أكثر مصداقية”.
لكن ماذا كان يفعل علوش في فرنسا؟
يشير التقرير إلى أنه ووفقًا لمصدر قضائي، فإن علوش وصل إلى فرنسا منذ شهر تشرين الثاني من العام الماضي. وقد تم تسجيله كطالب في معهد البحوث في العالمين العربي والإسلامي (IREMAM) بجامعة إيكس مارسيليا، حيث يقدم هذا المعهد تقاريره إلى المركز الوطني للبحوث والعلوم (CNRS).
وقد قالت وزارة الخارجية الفرنسية يوم الخميس الماضي إن “علوش” حصل من القنصلية الفرنسية في إسطنبول على “تأشيرة إقامة قصيرة تصدر على أساس ملف كامل، بعد أخذ رأي الإدارات الوزارية المختصة”.
وهذا النوع من تأشيرة شنغن صالحة لمدة 90 يومًا. وبحسب مصدر مطلع على الموضوع، فإن علوش “لم يكن معروفاً لوزارة الداخلية وأن لديه تسع هويات مختلفة”.
أما معهد البحوث في العالمين العربي والإسلامي فقد صرّح بأن الجهادي السوري قد خضع لبرنامج إراسموس الأوروبي.
وعند سؤاله من قبل وكالة فرانس برس، لم يعلق برنامج إراسموس على الموضوع.
من جهته، يؤكد (ريتشارد جاكيموند)، مدير معهد البحوث في العالمين العربي والإسلامي، في حديث لفرانس برس بأنه لم يكن على علم بماض “إسلام علوش”. فعندما يحصل المرشح على تأشيرة دخول إلى فرنسا، فإنه يُفترض أن الإدارات القنصلية قد قامت بوظيفتها وأن من يحصل على الفيزا هو شخص مرغوب فيه.
ويشدّد (جاكيموند) على أنه “غالبًا ما تكون ملفات الأشخاص المقبولين مثيرة للاهتمام، لأن بإمكانهم جلب المعرفة المباشرة والخبرة للمعهد”.
لكن (كريس دويل)، مدير مجلس التفاهم العربي البريطاني (CAABU) في لندن، كشف في حديث لفرانس برس أن هذا الجهادي السوري قد مُنع من الدخول إلى جامعة بريطانية كبيرة وأنه فوجئ بغياب التدقيقات المعتادة في فرنسا.. ويتسائل دويل مستنكراً: “كم شخص مثله يحاول (…) الدخول إلى الاتحاد الأوروبي وبدء حياة جديدة كأكاديميين، على الرغم من الماضي الغامض بشأن ما فعلوه أو اقترفوه من جرائم؟”.
لماذا اعتقل إسلام علوش؟
يبين التقرير بأنه يشتبه بأن يكون المتحدث الرسمي السابق لـ “جيش الإسلام” متورط بشكل خاص في اختطاف المحامية والصحفية السورية رزان زيتونة وزوجها وائل حمادة واثنين من مساعديهما في التاسع من شهر كانون الأول من العام 2013.
ولم يتم العثور على أثر لهم منذ ذلك الحين. وفي شهر حزيران الماضي، تم تقديم شكوى ضد أعضاء تنظيم “جيش الإسلام” بسبب ارتكابه لجرائم عدة منها ارتكاب “أعمال تعذيب” و “جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب” في الغوطة.
وقد حظيت المبادرة والدعوى بدعم كبير من الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان ورابطة حقوق الإنسان والمركز السوري للإعلام.
حيث تقول (كليمانس بيكارت)، محامية في الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان، إن عملهم قد ساعد في وضع خريطة تنظيمية لـ “جيش الإسلام”.
وقد قامت هذه المنظمة غير الحكومية في العاشر من الشهر الماضي بإخطار القضاء الفرنسي بوجود إسلام علوش على الأراضي الفرنسية.
وتنهي بيكارت حديثها للصحيفة بالقول: “أقل ما يمكن قوله أنه من المثير للدهشة حصول مثل هذا الشخص على تأشيرة دخول إلى فرنسا!”.
إقرأ أيضا: قضية فيلا نانسي عجرم تتفاعل.. سوريا تدخل على الخط وماذا طلبت عائلة الضحية؟
وكالات – كيف منحت فرنسا تأشيرتها ل “إسلام علوش”