الجيش السوري قريباً في الزاوية: نحو جسر الشغور
عبير بسام
يبدو أننا لن ننتظر طويلاً قبل أن نسمع أن طريق حلب دمشق M5، وطريق اللاذقية M4، باتا آمنين تماماً. وقطع المراحل يسير اليوم كالنار في الهشيم، وحجم الانتصارات التي بات يسطّرها الجيش العربي السوري وحلفاؤه، لن يعود الإعلام قادراً على اللحاق بها، فهي تتدحرج ككرة الثلج على منحدر. وحجم تحرير القرى في ريف إدلب الغربي شاهد على ذلك. وقريباً سيضع السوريون أستانا موضع التنفيذ.
من يتابع خارطة التحرير السورية، يستنتج بما يقطع الشك باليقين بأن هناك إصرارًا تامًا على متابعة تأمين الطريقين السابقين، ووجوب إخلائهما من البؤر الإرهابية المتغلغلة فيهما، وخاصة في سهل الغاب وفي جبل الزاوية. وهذا ما يمكن رؤيته من خلال اتجاه تحرير القرى الواقعه في جنوب وجنوب غرب محافظة إدلب. وعلينا أن نتذكر أنّ إخلاء المسلحين حتى جسر الشغور وتأمين المنطقة كاملة كان من المفترض أن تقوم به تركيا بموجب اتفاق أستانا. ولكن ما حدث أن تركيا اخلت بهذا الاتفاق بسبب ضغط أميركي عليها، والذي تمثل بضرب الاقتصاد التركي، ومن ثم بمغريات المنطقة العازلة بعمق 30 كم في داخل الحدود السورية.
ولكن، بحسب مصدر لموقع “العهد” الاخباري، فإن التقاعس التركي جاء لمصلحة الجيش السوري الذي انطلق لتحقيق الاتفاق وبضغط روسي. اذ إن روسيا تتهم واشنطن وبشكل مباشر بالرهان على جبهة النصرة، وأنها تحاول فتح حوار مباشر معها، شيء يشبه حماية شراذم داعش في التنف. وبالتالي فإن أي لقاء ما بين بوتين وأردوغان في هذه المرحلة لن يكون مصيره غير ذلك الذي رشح عن لقاء أردوغان مع لافروف (وزير الخارجية الروسي) في الشهر الماضي كانون الثاني/ يناير، والذي انتهى بحسب مصدر موثوق بخروج لافروف من الاجتماع، وكان الرد المباشر عبر ضرب القاعدة التركية التي قصفت منها المروحية السورية في 14 الشهر الحالي شباط/ فبراير، والذي جاء ردٌّ آخر عليه بإسقاط مروحية تركية منذ يومين، أي تحقيق توازن الردع مع تركيا.
منذ يومين فقط سيطر الجيش السوري على مجموعة كبيرة من القرى الواقعة في ريف ادلب الجنوبي، فالجيش كان يسير نحو الجنوب من أجل طرد المسلحين من شمالي محافظة حماة ومن سهل الغاب تحديداً. والتي تشرف نارياً على طريق دمشق حلب. اذاً المعطيات كانت تشير حتماً نحو التحرير الذي أصبح بمتناول اليد.
المنطقة الثانية: جبل الزاوية، والذي يعتبر عصياً لكثرة ما يمتلئ بالمغاور والكهوف، والتي أنهكت المحتل الفرنسي، سيعلن تحريره قريباً، وهو من أهم المناطق الإستراتيجية في ريف إدلب الغربي، وما يدفع نحو أهمية وضرورة السيطرة النارية عليه، هو إشرافه المباشر على طريق حلب اللاذقية: M4.
وكما عودنا الجيش السوري قبل كل معركة، فقد تم فتح معبر سراقب الإنساني منذ أسبوع تقريباً. ويعمل المعبر على استقبال المواطنين السوريين وتقديم جميع المساعدات لهم، قبل بدء إحدى أمهات المعارك في أريحا.
وبحسب مصدر للعهد “حررنا مدينتين ونص وبقي مدينتين ونص”، في إشارة إلى سراقب ومعرة النعمان وأريحا وجسر الشغور وما بينهما. ولكن على المستوى الإستراتيجي على أرض المعركة وبحسب أحد المطلعين عن قرب، فإنه بعد سيطرة الجيش السوري على النيرب في ريف حلب وضع الأتراك كامل قوتهم مع المسلحين لمنع تقدم الجيش، فقام الجيش السوري باستقدام تعزيزات كبيرة إلى بلدتي (كفروما وحيش) بريف إدلب الجنوبي. ثم بدأ عملية عسكرية، ليمد نفوذه إلى بلدتي (حنتومين ودامس)، واللتين تشكلان المدخل الرئيسي لجبل الزاوية. بعد سيطرة الجيش عليهما بدأت القرى بالتساقط بيد الجيش السوري الواحدة تلو الأخرى. وبات بإمكانه الوصول إلى أريحا عبر الطريق التي تربطها بمعرة النعمان من أجل الوصول إلى الطريق السريع (أوتوستراد) سراقب- جسر الشغور بدلاً من مواصلة التقدم باتجاه النيرب. وهنا تجدر الإشارة إلى أن حصار جبل الزاوية من الجهة الشرقية والغربية معناه قطع الإمدادات عن المسلحين، وبعد تأمين سهل الغاب سيكون تأمين جسر الشغور.
ويتابع المراقب على الأرض، أنه وبعد أن استعاد الجيش سيطرته على كفر نبل، أكبر بلدات جبل الزاوية، استطاع بذلك محاصرة جبل الزاوية من الجنوب والغرب والشرق وبذا بإمكانه السيطرة على جبل الأربعين المطل على أريحا وبهذه الطريقة سيؤمن مسافة لا تقل عن 20 كم من طريق حلب- اللاذقية ابتداءً من سراقب مما يسهل عليه التقدم إلى قرية محمبل التي تعد المدخل الشرقي لجسر الشغور، والتي تبعد 25 كم عن ريف حلب- اللاذقية. وتعد جسر الشغور المدخل الشرقي لريف اللاذقية.
من الواضح تماماً أن القيادة السورية قررت الآن وفي هذه المرحلة التاريخية فتح طريق البحر أمام حلب، فخر الصناعات السورية. وإذا عدنا للكلمة التي ألقاها مندوب سوريا في الأمم المتحدة، الدكتور بشار الجعفري، بعد تحرير معرة النعمان والتي أصر فيها على أن الإرهاب الاقتصادي وسياسة العقاب الجماعي الذي تعاني منه سوريا مكمل للإرهاب المسلح. وبناء عليه فإن إتمام معركة تأمين الطريقين M4 وM5 ستكون قريباً في التصريح الذي سيعلنه الناطق باسم القوات المسلحة العربية السورية، والذي سيعلن فيه أن الرحلة نحو تحرير جسر الشغور ستبدأ قريباً جداً، وبذا يكون الجيش السوري قد أتم فعلياً بنود اتفاق أستانة، والأهم من ذلك، وبعد تشغيل مطار حلب وتأمين الطرق المؤدية إليه، بحسب الجعفري لن تكون هناك حاجة إلى المساعدات الإنسانية والتي تنطلق من غرفة العمليات الاستخباراتيه في مدينة غازي عنتاب، والتي تتحدث عنها المنظمات الدولية، ومعنى ذلك وقف التدخل الخارجي المباشر مع الأهالي ومنع تدفق السلاح للإرهابيين، خاصة وأن الجيش السوري يواصل عملية تطويق المواقع التركية، ومصرّ على أن يكون هو من سيؤمّن الحدود السورية- التركية.
العهد