ملكة جمال دمشق التي اختارت عرش الشعر
ترسم الفنانة التشكيلية “مها بيرقدار” التي تقيم في بلدة “غزير” الجبلية “بكسروان” اللبنانية، الشام امرأة في جميع حالاتها، فهي المرأة الجميلة والجريحة والأرملة التي تبكي والمتقوقعة.
تكشف الفنانة “بيرقدار” في واحد من حواراتها القليلة خلال السنوات الماضية على موقع “الفن” عن وجعها وشوقها للقاء الأرض السورية وتقول: « عندما سأذهب سأقبل أرضها بشوق وحنين، فالشام أم الدنيا وأم الفقير وأم الثري، فكرت أن أرسم لوحة أسميها “سوريا” لكنني لم أجرؤ خصوصاً أنني عاطفية جداً وأتأثر بسرعة وأنهار، فالحرب السورية سببت لي حزناً عميقاً وكآبة عجيبة، ولن تعود “سوريا” كما كانت إلا بعد 50 عاماً فسوريا ليست الحجر بل هي البشر وروحيتهم وأخلاقهم وثقافتهم وهذه من الصعب أن تعود».
حين سئلت عن لحظة فوزها بلقب ملكة جمال “دمشق” عام 1967 قالت :« لا أحب أن أتذكرها فأخجل، فمسابقة ملكة الجمال تعنى بالشكل الخارجي الذي لا يعني شيئاً، وعندما يتصالح الإنسان مع ذاته سينعكس هذا على وجهه وشكله الخارجي».
عملت “بيرقدار” في الستينات في إعداد وتقديم برنامج “الليل والشعر والموسيقى” بإذاعة “دمشق”، وشاركت في أكثر من سبعين أمسية شعرية منها ما استضافه مهرجان “المحبة” في “اللاذقية” وعملت كاتبة ورسامة في مجلة “فيروز” بدار الصياد بين عامي 1980 و1987 وإعداد وتقديم البرامج الثقافية في الإذاعة اللبنانية في التسعينات، ومن أهم مؤلفاتها ديوان “عشبة الملح” 1989 و”رحيل العناصر” 1995.
المرحلة الأبرز في حياتها كانت زواجها من الشاعر الكبير “يوسف الخال” عام 1970 وهو مؤسس مجلة ودار “شعر” للنشر في “بيروت” رغم فارق السن بينهما وتحكي عن اللقاء الأول قائلة:«أتيت إلى “لبنان” لأطبع ديوان “شعر” فوجّهني صديق للعائلة إلى دار “النهار” وتعرفت إلى “يوسف الخال” هناك وأغرمت به، لكن اللقاء الأول بيننا كان جافاً وخرجت منه مستاءةً، فأنا كنت أرى نفسي شاعرة ومهمة جداً، إلا أنه وبسبب مسؤولياته في النهار عن الصفحة الثقافية لم يعجب بشعري، وطلب مني أن أترك مجموعتي على الطاولة، وقال لي لماذا تكتبين الشعر؟، فقلت له عندما ستقرأ الشعر ستدرك لماذا أكتبه، لكن اللقاء الثاني كان أجمل وقد أعجبنا ببعضنا خصوصاً أنه قرأ شعري وطلب مني أن أسرد له سيرة حياتي منذ ولدت».
عند رحيل زوجها الشاعر “يوسف الخال” عام 1987 نزفت شعراً كاتبة :
” يلتهب الرخام تحت قدمي
من يسحب النسغ من عروقي..؟
كيف تتعالى الروح
من يطيق هذا الفراق..؟
أي سر يختم هذا الغياب
منتصف الربيع
عرف النهار ليله
لفني السواد
ومثل الوقت
تجمدت، نمت في الانكسار…”
يذكر أن “مها بيرقدار” شاعرة وفنانة تشكيلية سوريّة ولدت في “دمشق” عام 1947، وتخرجت من قسم الرسم في مركز الفنون التشكيلية عام 1967، وحازت على دبلوم إدارة الأعمال من “ميونخ” بألمانيا، وهي والدة الفنانين اللبنانيين “ورد ويوسف الخال”.
سناك سوري