الجمعة , نوفمبر 22 2024

Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73

كمال خلف: كيف لعبت دمشق أوراقها بين الكبار؟

كمال خلف: كيف لعبت دمشق أوراقها بين الكبار؟

كمال خلف
بحكم وجودي في العاصمة السورية دمشق بالتزامن مع عقد القمة الروسية التركية ، فإنني لمست أجواء ارتياح في العاصمة بعد توقيع وثيقة موسكو الملحقة باتفاق سوتشي . صحيح أن هدف القيادة السورية في إدلب كان تحريرها بالكامل وإغلاق ملف الجماعات المسلحة هناك ، وأعتقد أن هذا كان متاحا وممكنا في ضوء انهيار تلك الجماعات بسرعة أمام تقدم الجيش السوري ، إلا أن التدخل التركي المباشر وحده من حال دون تحقيق هذا الهدف حتى الآن .
دمشق قبل وثيقة موسكو وبعدها تصر على تحرير كل شبر من الأرض السورية . إلا أن القيادة في سورية تنظر إلى الآتفاق بمقياس الأهداف والمطالب التركية في الشمال ، والتي من اجلها شنت تركية عملية عسكرية واسعة ومباشرة ضد الجيش السوري ، واضعة في حسابها إعادة الجيش السوري إلى ما وراء جغرافيا نقاط المراقبة التركية وهذا لم يتحقق بل ثبت الاتفاق حقائق الجغرافيا و خرائط السيطرة . ينظر السوريون باهتمام إلى مكان قواتهم على الخريطة الجديدة في ادلب ، هي مكاسب حققها الجيش السوري بالدم ، وأن كان قد وقف عند حدود وقف إطلاق النار الراهنة ، إلا أنه يقف كذلك على بعد قفزة واحدة نحو مدينة إدلب وهو مالم يكن قائما قبل العملية العسكرية الأخيرة .
الجيش السوري بحاجة لهذا الاتفاق كفرصة لتثبيت قواته في مناطق سيطرته الجديدة ، يحتاج لفترة التقاط أنفاس بعد معارك طاحنة واجه فيها الجيش التركي وتكبد خسائر كبيرة والحق بالاتراك خسائر بشرية وعسكرية وسياسية على الصعيدين الخارجي والداخلي .
يجمع السوريون أن الاتفاق في موسكو هو هدنة مؤقتة ، وليست حالا مستداما. وإن الفترة المقبلة هي للاستعداد لمواجهة جديدة قد تمنحهم فرصة استعادة إدلب بالكامل وإغلاق الملف .
في الميدان السياسي لعب السوريون أوراقهم الخاصة ، أولها اعتراف البرلمان السوري بمذابح الأرمن على يد الدولة العثمانية وهي خطوة ليس بسيطة ، بل تصعيد كبير واستفزاز خطير لانقرة .
ومن ثم استقبال سورية لوفد حكومة الجنرال خليفة حفتر .وتسليم السفارة الليبية في دمشق له . وهي كذلك خطوة تعكس ربط الملفين الليبي والسوري معا ، في مواجهة تركية ، وهذا يعني أن بداية تقارب أطراف متنافره لتشكيل جبهة تنسق ضد التدخل التركي . ومن المؤكد أن وفد حكومة حفتر قد أخذ الضوء الأخضر من الإمارات والسعودية ومصر ناهيك عن روسيا للتوجه والتنسيق مع دمشق . وأردوغان يدرك ذلك تماما . واذا صحت معلومات سربت لنا أمس تتحدث عن زيارة رئيس جهاز المخابرات المصرية دمشق . فإن دمشق تحقق مكاسب سياسية جراء التصعيد التركي الأخير في ادلب .
اللهجة السورية اتسمت بالهدوء وعدم التصعيد مع أنقرة تزامنا مع القمة في موسكو و إبرام الاتفاق الملحق باتفاق سوتشي 2018 ، لم يقتصر ذلك على المقابلة الهادئة التي أجرها الرئيس السوري بشار الأسد مع التلفزيون الروسي ، وما تعمد الروس نشره من مقتطف قصير للمقابلة يوم الأربعاء عشية القمة وقبل يوم بث المقابلة كاملة ، والمقطع تحدث فيه الرئيس الأسد عن عدم وجود سبب منطقي للعداء مع تركية وان هناك تداخل بين الشعبين . إنما انعكس الهدوء في وسائل الإعلام السورية . وما هو ما يؤشر على رغبة دمشق في نجاح القمة ومساعدة بوتين على تمرير الاتفاق ، وتجنب الضغط على الرئيس أردوغان وإحراجه . فمن الواضح أن أردوغان تنازل عن خطوطه الحمراء وسلم بواقع الميدان و خارطة السيطرة الجديدة . وهذا مكسب تريد دمشق الحفاظ عليه ولو مؤقتا.
رأي اليوم