وزير العدل السوري السابق يكشف تفاصيل مثيرة حول “قيصر” لمعاقبة دمشق
كشف وزير العدل السوري السابق نجم الأحمد، تفاصيل لم تذكرها الحكومة سابقا حول “قانون قيصر” الأمريكي ضد سوريا، بينها ما يتعلق بشخصية “المصور الغامض” وصور الضحايا.
وبدأ وزير العدل خلال الفترة (2012 ـ 2017) حديثه بالقول “إن كثيرين لا يعرفون خلفية قانون قيصر (أو سيزر) والمستندات التي أبرزها كي يبنى على أساسها هذا القانون الذي أريد له أن يصدر منذ عام 2013 لكنه تأخر حتى 2019”.
وفي ندوة عقدها مجمع الفتح الإسلامي بعنوان “قانون قيصر ومنطق القوة”، اليوم السبت، واستضاف فيها عددا من الشخصيات السياسية والإعلامية والاقتصادية، تحدث الأحمد عن الشخص الذي يوصف “بالمصور الغامض” والذي قيل إنه قدم نحو 50 ألف صورة لضحايا التعذيب في سوريا خلال الفترة من 2011 وحتى 2013، تاريخ تقديمه للصور، وقال الأحمد إن ذلك الشخص كان من بين “ضعاف النفوس” الذين كانوا من مختلف التخصصات والوظائف، والذين “ذهبوا غير مأسوف عليهم، وأصبحوا أداة طيعة في أيدي مشغلهم”.
قيصر.. صف ضابط
ويتابع الأحمد أنه “كان من بين هؤلاء صف ضابط في إحدى الوحدات العسكرية وهو ليس ضابطا كما يروجون، فر خارج البلاد من الخدمة الإلزامية، فتلقفه الكونغرس والولايات المتحدة مدعيا أن لديه 50 ألف صورة لأشخاص ادعى أنهم قضوا في السجون والطرقات العامة وخلال المظاهرات أثناء التعذيب”.
ويقدم الأحمد موقفا من تلك القضية التي بدأت تتفاعل وتنتشر في الفترة التي كان فيها وزيرا للعدل، ويبدأ بالتأكيد على أنه: “لا أريد أن أقول إن السجون في سوريا خمس نجوم ولا يوجد فيها تعذيب، لكن كل ما أريد قوله أن التعذيب يشكل ظاهرة استثنائية محضة”.
ثم يتساءل الأحمد: “من هو الشخص المخول لدينا بأن نسمح له، وعلى فرض أن شخصا ما قد تعرض للتعذيب، أن يقوم بتصوير هذا الشخص حيا أو ميتا؟ وقد أبرزت كل الصور لأشخاص قد قضوا تحت التعذيب”.
ويضيف الأحمد أنه “وفي الفترة من عام 2011 بداية الأحداث حتى 2013 تاريخ تلك الأحداث المزعومة، كلنا يعلم أن وسائل الإعلام التي كانت تستهدف بلادنا ولا زالت تتلقف أي خبر من هذا القبيل فلو كان هناك من يموتون في الطرقات لما توانت تلك الوسائل عن إظهارهم”.
وحول عدد الصور الذي طرح ويعادل “50 ألف صورة” يقول الأحمد إن عدد السجناء الذين كانوا في جميع السجون السورية آنذاك “لم يكن يصل إلى ربع هذا العدد الذي ادعاه (قيصر)” الذي “افترض أن كل من دخل السجن قد عذب وتم القضاء عليه” ويشير الأحمد إلى أنه “في تلك الفترة كان هناك 3 سجون خارج السيطرة”.
ويطرح وزير العدل السابق سؤالا يصفه بأنه “يستدعي الانتباه، وهو “من أين جاؤوا بالـ 50 ألف صورة؟”.
ثم يجيب بالقول: “هنالك نحو 350 ألف إرهابي دخلوا إلى سوريا، وهذه إحصائية حتى 2016 لا أدري إن كانت قد زادت بعد ذلك” ويتابع الأحمد أن نصف هؤلاء، على الأقل، قد قضى تحت أيادي الجيش، فقاموا بتصوير أولئك الذين قتلوا في الميادين وقدموهم “على أنهم مدنيون سوريون قضوا تحت التعذيب”.
عن القانون
ويقول الأحمد إن قانون قيصر “ليس جديدا في مضمونه فيما يخص العقوبات التي يتضمنها، فمثل تلك العقوبات سبق أن فرضتها الولايات المتحدة عام 1979”. ويشير الأحمد إلى أنه في ذلك التاريخ “كان تنظيم الإخوان المسلمين يعصف بالبلاد قتلا وتدميرا كما يحدث اليوم على يد جماعات متطرفة”، ويصل الأحمد إلى نتيجة أن “التاريخ يعيد نفسه، فعندما انكسرت موجة الإخوان جاء فرض العقوبات على سوريا عام 1979 واليوم وفي عام 2019 حين انكسرت التنظيمات الإرهابية جاء قانون قيصر”.
ويوضح الأحمد أن الهدف المعلن من القانون هو فرض عقوبات اقتصادية تطال كل الدولة ومؤسساتها وشركاتها وهيئاتها، وأيضا وكل دولة أخرى تتعامل مع سوريا اقتصاديا وكل من يحاول إعادة الإعمار، ويشمل الطاقة والنفط والزراعة والصناعة والتجارة وكل شيء.
وهنا يشير الأحمد إلى أن القانون يشمل أي نشاط اقتصادي “حتى لو تم بالمجان” أي أن أي جهة تريد إعادة إعمار منطقة في سوريا مجانا من الممكن أن يطالها القانون”.
وحول الشركات الأجنبية التي يطالها القانون يقول الأحمد إن غالبية تلك الشركات إما إيرانية أو روسية، ويرى أن القانون بالتالي موجه أيضا ضد إيران وروسيا.
المواجهة
ومن وجهة نظر قانونية صرفة، يخلص الأحمد إلى أنه ليس من حق السلطة التشريعية في الولايات المتحدة أن تصدر هذا القانون، ويقول إن ثمة سلسلة من الإجراءات القانونية التي يجب أن تقوم بها سوريا، ومنها رفع دعاوى من المواطنين السوريين ضمن الأراضي السورية (إذ يجب أن يستنفد التقاضي داخليا) ثم ترفع دعاوى أمام محاكم الدول التي سنت مثل هذه العقوبات مثل المحكمة العليا في الولايات المتحدة والمحاكم الأمريكية المختصة، وكذلك المحاكم الأوروبية بما فيها محكمة حقوق الإنسان، وحتى اللجوء للتحكيم الدولي أو القضاء الدولي وفقا لشروط معينة.
ويختتم الأحمد بالقول إن القانون “لن يؤثر على مسارنا السياسي، لكن ضحاياه من المدنيين الذين ادعى القانون أنه جاء من أجلهم”، داعيا إلى ضرورة توافر “إحصاءات دقيقة عن عدد المتضررين من القانون وخصوصا من الشيوخ والنساء والأطفال”.
وقد قدم أستاذ الاقتصاد والعلوم المصرفية في جامعة دمشق علي كنعان عرضا لبعض ما قد ينتج عن قانون قيصير حين يبدأ تطبيقه، وقال إن العقوبات المالية هي النوع الأخطر من العقوبات، إذ أنه يتم وقف منح القروض والمساعدات المالية وتجميد الحسابات وتوقف الاستثمار المباشر وغير المباشر، تعاقب الشركات الأجنبية التي تتعامل مع البلد، وحتى المصارف المحلية لا تستطيع التعامل مع المصارف الأجنبية، وبالتالي هي نوع من شل الحركة بشكل شبه كامل.
ويؤكد كنعان أن الأهم في مواجهة آثار القانون هو المجال الاقتصادي، وحول الآثار المرتقبة قال كنعان إن “القانون لم يطبق بعد ولاحظنا أن مشتقات الطاقة غابت نهائيا من الأسواق، وهناك نقص كبير جدا وما زلنا قبل تطبيق القانون” ثم يسأل: ما هي الآثار الاقتصادية على سوريا عندما يطبق القانون؟ ويجيب:
“أول أثر سيكون على سعر صرف الليرة، إذ لن يتوقف عند ألف ليرة سورية، وهو الحد الذي وضعنا كل إمكانياتنا لتثبيته عنده، أو سعر 700 أو السعر التفضيلي”.
وحين قال كنعان إن “السعر سيقفز بمعدلات كبيرة” قاطعه مدير الندوة قائلا: “دكتور علي الله يخليك بشرنا بالخير باتجاه المعالجات، خلينا نركز على الحلول، من أجل الوقت ومن أجل بشارة الخير”، فقال كنعان إنه سينتقل مباشرة إلى الحلول، وإن أول مقترح يتقدم به هو المأخوذ من التاريخ “ففي عام 1986 فرضت عقوبات اقتصادية أشد من العقوبات الراهنة، واستطعنا أن نخرج منها بقدرة وقوة، لأننا اعتمدنا على الشركات الصغيرة ومتناهية الصغر وعلى صغار التجار في تأمين السلع والخدمات”.
أما الحل الثاني فقال إنه بالاعتماد على الدول المجاورة ويتمثل الحل في قدرة صغار التجار على استيراد السلع من الدول المجاورة، بفاعلية أكبر من الشركات والتجار الكبار.
كذلك يكون لصغار التجار فاعلية كبيرة في عملية تحويل الأموال دون عمولات، حين يدفعون الأموال نقدا.
اقرأ المززيد في قسم الاخبار
قانون قيصر
https://www.facebook.com/698496696894507/videos/4112833608730637/?t=0
يذكر أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقع في 21 ديسمبر 2019 القانون الذي سمي بـ”قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا” الموجه ضد سوريا، وذلك بعد أيام على إقراره في مجلس الشيوخ.
وسمي القانون باسم قيصر نسبة إلى شخص مجهول نشر عشرات آلاف الصور بعد نحو عامين على بدء الأزمة في البلاد عام 2011، وقد حظيت الصور باهتمام بالغ خارج سوريا.
المصدر: RT