الجمعة , أبريل 26 2024
شام تايمز

Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73

ما سر العرض التركي لروسيا بالمشاركة في استخراج النفط السوري؟

ما سر العرض التركي لروسيا بالمشاركة في استخراج النفط السوري؟

شام تايمز

كشَف الرئيس التركيّ رجب طيّب أردوغان للصّحافيين الأتراك الذين كانوا بصُحبته على متن طائرته في طريق عودته إلى انقرة بعد زيارةٍ لبروكسل قبل يومين أنّه طلب من نظيره الروسي فلاديمير بوتين “التّشارك في إدارة حُقول النفط السوريّة شرق الفرات بدلًا من قوّات سورية الديمقراطيّة التي تُسيطِر عليها، واستِخدام العوائد في إعادة بناء سورية المدمّرة ومُساعدتها في الوقوف على رجليها”، وقال إنّه “سيُقَدِّم عرضًا مُماثِلًا للرئيس ترامب”.
هذه ليسَت المرّة الأولى التي يفتح فيها الرئيس أردوغان هذا المِلف، ففي كانون أوّل (ديسمبر) الماضي، طالب المجتمع الدولي أمام مُؤتمر اللّاجئين في جنيف باستخدام عوائد النفط السوري في توطين اللاجئين السوريين في شمال سورية، وبناء مساكن ومدارس ومُستشفيات لهم.

شام تايمز

الرئيس أردوغان بطرحه مِثل هذه العُروض على الروس والأمريكان يُريد ضرب ثلاثة عصافير بحجرٍ واحِد:

الأوّل: حرمان القوّات الكرديّة من تعزيز حُكمها الذاتي في شمال شرق سورية التي يراها إرهابيّة تُشكِّل خطرًا على الأمن القومي التركي، حيث تُسيطر بالكامل على مُعظم آبار النفط السوريّة بحمايةٍ أمريكيّة، وتستخدم العوائد في تمويل طُموحاتها الانفصاليّة.
الثاني: مُشاركة روسيا في أيّ عمليّة قادمة لإعمار سورية، وإدارة آبار النفط السوريّة من خِلال الشركات التركيّة، والحُصول على منافعٍ اقتصاديّة.
الثالث: توظيف جزء من عوائد النفط في إعادة توطين لاجئين سوريين يتواجدون في تركيا (حوالي 4 ملايين لاجئ) في شمال سورية عبر البوّابة الروسيّة، وبأموال العوائد النفطيّة.

الرئيس أردوغان الذي تُحاصره الأزمات من جميع الجهات بسبب خلافاته مع دول الجوار، يبحث عن المال في أي مكان، ولا يجد أيّ فرصة حقيقيّة في هذا المِضمار إلا في سورية وليبيا لتعويض خسائر اقتصاديّة وماليّة كُبرى تزحف إليه، وتتمثّل حاليًّا في احتِمالات انهيار الموسم السياحي في بلاده الذي يدر على الخزينة بحوالي 40 مليار دولار سنويًّا من حواليّ 54 مِليون سائح بسبب انتشار فيروس كورونا.

جُغرافيًّا، لا توجد أيّ سلطة تركيّة على حُقول النفط السوريّة، فجميع المناطق التي تتواجد فيها قوّات تركيّة بعيدة بمئات الكيلومترات عن هذه الحُقول (في عفرين، جرابلس، الباب وبعض مناطق إدلب) وهُناك تقارير إخباريّة تؤكّد أنّ الرئيس ترامب ومجلس الحكم الذاتي الكردي في الحسكة منحا تفويضًا لشركةٍ إسرائيليّة بإنتاج وتسويق النفط السوري، وزيادة إنتاج آباره من 125 ألف برميل حاليًّا إلى 400 ألف برميل، ونشرت صحف إسرائيليّة رسالةً بعث بها الرئيس التنفيذي لما يسمّى بالإدارة الذاتيّة الكرديّة إلهام أحمد إلى رجل الأعمال الإسرائيلي مردخاي كاهانا تتضمّن تفويضًا لشركته بتمثيل المجلس في استِخراج النفط وتسويقه.

لا نعتقد أنّ الرئيس بوتين سيُوافِق على عرض الشراكة الذي طرحه عليه الرئيس أردوغان في وقتٍ تتفاقم فيه الخَلافات بين الرئيسين في ملف مدينة إدلب وريفها، مُضافًا إلى ذلك أنّ هذه الآبار النفطيّة بعيدة عن سيطرة الطّرفين في الوقت الراهن، وتخضع لاحتلال قوّات أمريكيّة يزيد تِعدادها عن 800 جندي.

إذا كان الرئيس أردوغان يُريد أن يُشارك في إعمار سورية مِثلَما يُلَمِّح في تصريحاته بين الحِين والآخر، ويتخلّص من أزمة اللاجئين التي تقض مضاجعه وتُشكِّل عبئًا على كاهِله، واقتصاده، وأمنه القومي، فإنّ الطّريق الأقصر في هذا الشّأن هو سحب قوّاته من جميع الأراضي السوريّة، والجُلوس على مائدة المُفاوضات مع الدولة السوريّة وحُكومتها برعايةٍ روسيّة.

النفط السوري ثروة للسوريين فقط، ولا يحق لأحد الاقتراب منه، أو استغلاله، إلا الدولة السوريّة، و”الإدارة الذاتية الكرديّة” التي تسرق هذا النفط بحمايةٍ أمريكيّة وبمساعدةٍ إسرائيليّةّ استغلالًا لانشغال الجيش العربي السوري في معارك استعادة الأراضي السوريّة الخارجة عن سيطرته، ستُحاسب حتمًا على جريمة هذه السّرقات في المُستقبل القريب طال الزّمن أو قَصُر.

أمريكا ستنسحب من سورية وستتخلّى عن الأكراد مِثلما تخلّت عنهم أكثر من مرّةٍ في الماضي، ومِثلما تنسحب حاليًّا من أفغانستان وتتخلّى عن عُملائها الأفغان، بعد مُفاوضات مُهينة مع حركة “طالبان” لتأمين انسِحاب آمن لقوّاتها، وهي مُفاوضاتٌ تُشَكِّل اعترافًا صريحًا بالهزيمة بعد 19 عامًا تقريبًا من الخسائر الضّخمة ماليًّا (تريليون دولار) وبشريًّا 3500 قتيل).

أمريكا خسرت جميع حُروبها في الشرق الأوسط (العِراق، أفغانستان) وقريبًا ستكتمل هزيمتها في سورية حيث ستسحب جميع قوّاتها في سورية والعِراق.. فهل يتّعظ الأكراد والأتراك؟

شام تايمز
شام تايمز