ما هو تأثير كورونا على الاقتصاد السوري ؟
ماهر عثمان
من الواضح تماما أن التأثيرات الاقتصادية جراء فيروس كورونا على الاقتصاد العالمي ستكون كبيرة وحتى الآن فإن التوقعات تشبه الكارثة الشاملة التي تصل إلى اقتصاديات كل دول العالم و لا يبدو أن أحدا منها يمكن أن يتجنب الآثار السلبية لكن هناك اقتصاديات دول تستطيع أن تحتوي هذه الآثار بشكل ما و إلى حد ما وهناك دول لن تتمكن من هذا الاحتواء .
ويعتبر النفط من القطاعات الأكثر تأثرا حيث تنخفض الحاجة له بسبب قلة الإنتاج و يكون التأثير مستمرا لفترة طويلة تحت عاملين الأول أن كبار مستوردي النفط أصبحوا في دائرة المعاناة و بالتالي ليسوا بحاجة لكميات كبيرة من النفط فيما العامل الثاني يتمثل بأن كبار المنتجين للنفط يمرون بفترة يحتاجون فيها لمزيد من الأموال ما سيدفعهم للتنافس على المزيد من عرض النفط و بالتالي انخفاض الأسعار .
أما القطاع الثاني فهو قطاع النقل والطيران والخسائر في هذا المجال كبيرة جدا وسيكون لها في المستقبل تأثير على خروج شركات طيران من السوق فيما ستحاول شركات الاندماج مع شركات أخرى و بالتالي سيكون هناك البقاء اللأكبر والأقوى.
وأيضا سيكون هناك زيادة في الإنفاق الحكومي على كل القطاعات المتضررة جراء كورونا و مثل هذا الانفاق يشكل ضغطا كبيرا على هذه الدول التي تعاني أصلا من مشاكل اقتصادية بحيث سيكون العامل المهم هنا قدرة المصارف في هذه الدول على القيام بتمويل مرن لانقاذ هذه القطاعات و تمرير الفترة الصعبة .
هذه صورة عامة و مختصرة جدا عن التأثير على الاقتصاد العالمي فكيف سينعكس ذلك على الاقتصاد السوري.. ؟
أول التأثيرات.. أن انخفاض أسعار النفط و كثرة المعروض من النفط سيكون مفيدا للاقتصاد السوري على اعتبار أننا لم نبدأ بالانتاج حتى الآن وفاتورة الاستيراد الكبرى تأتي من النفط و بالتالي سينخفض بشكل كبير الضغط على الإنفاق الحكومي خاصة أن الحكومة تستورد النفط بالقطع الأجنبي الذي تعاني من عدم توفره بشكل كاف، و الأمر الثاني أنها لا زالت تقدم دعما كبيرا وسيكون من الحكمة أن توقع عقودا في الفترة الحالية لكميات كافية للموسم الحالي و للشتاء القادم .
من ناحية أخرى ونتيجة الظروف العالمية سيكون هناك انخفاض في أسعار معظم
السلع المعمرة و سواء كانت سورية تستوردها وهذا قليل جدا له علاقة بالآلات و السيارت أو تأتي بالتهريب أو تكون جزءا من مواد أولية تدخل بالصناعة السورية فإن ذلك يشكل تخفيفا من الضغط على الدولار و بالتالي من المتوقع أن ينخفض سعر الدولار نتيجة التخفيض الاجباري للاستهلاك والاستيراد .
العامل السلبي في كل الاقتصاديات المنتجة أن كورونا يخفض الانتاج لكن في سورية فإن الانتاج لا زال منخفضا أصلا و لا يوجد حتى الآن مبالغ مهمة من الصادرات و بالكاد يكون الإنتاج في السوق المحلية .
و في الوقت التي تعرضت اقتصاديات دول كثيرة لهزة نتيجة توقف السياحة فإن سورية ليس لديها حتى الآن عائدات ذات قيمة من السياحة.
وفي الوقت الذي تدفع تلك الدول الفاتورة نتيجة انتشار كورونا فإن سورية لا زالت حتى الآن خالية و لم يشكل الإنفاق على الطوارئ مبالغ مهمة وأظن أنه من الواجب أن يكون ذلك من منظمة الصحة العالمية من خلال دعوتها لتقديم التمويل لمراكز صحية خاصة بالكورونا .
كذلك إن بقيت سورية بلا كورونا سيكون ذلك فرصة لزيادة الصادرات من المواد والسلع التي يخشى الناس أن تأتي من دول مصابة بالكورونا و خاصة بالسلع الغذائية و الخضار و الفواكه .
على أي حال هذه مجرد عناوين عامة و قراءة أولية وبالتأكيد يوجد تأثيرات سلبية على الاقتصاد السوري لكنها أقل من الفرص التي تتطلب امتلاك القدرة على استغلالها .
دوما في ظل المحن هناك فرص يمكن القبض عليها بشيء من العمل والحكمة .
صاحبة الجلالة