فقط 6 أشهر وتعود معامل الأدوية في حلب للعمل.. وبطاقتها الكاملة
لم ينتظر أصحاب معامل الأدوية في المناطق المحررة حديثاً في حلب أياماً لتفقد أحوال منشآتهم ومعرفة حجم الضرر الذي أصابها من جراء اعتداءات الإرهابيين، حيث سارعوا منذ لحظة إعلان التحرير إلى تجهيزها وإصلاح الأضرار وإعادة ترميمها لتعود إلى العمل بطاقاتها الإنتاجية الكلية باعتبار أن أغلبها ظل يعمل طوال سنوات الحرب بطاقات إنتاجية محدودة بغية استمرار رفد السوق المحلية بالمنتجات الدوائية، وسط ارتفاع سقف التفاؤل بإمكانية الرجوع كما السابق خلال فترة قصيرة مع المطالبة بتقديم التسهيلات اللازمة بغية الإسراع بالعودة التدريجية إلى تحقيق الأمن الدوائي الذي لا يقل أهمية عن الأمن الغذائي، كونه يمثل سلامة المواطن وصحته بشكل مباشر.
فوائد بالجملة
أصحاب معامل الأدوية استبشروا خيراً بإمكانية العودة إلى تحقيق الأمن الدوائي وخاصة أن معامل حلب المقدر عددها -حسب مديرية الصناعة في حلب -بحوالي 35 معملاً كان يعمل منها تقريباً 18 معملاً ستعود إلى العمل بطاقاتها الإنتاجية الكلية علماً أنها كانت تغطي حاجة السوق المحلية بنسبة 70% تقريباً، تالياً عند إعادة إقلاعها بطاقتها الفعلية سيكون ذلك كفيلاً بتأمين حاجة السوق المحلية من الأدوية على نحو يحد من المنتجات المهربة والتقليل من فاتورة استيراد بنسبة كبيرة وتحييد بعض المعامل التي أنشئت خلال سنوات الأزمة ولم تلتزم بتصنيع الدواء بمواصفاته المطلوبة رغم المراقبة الدوائية عليها، ليبقى الأهم الرجوع إلى تصدير الدواء السوري إلى أسواقه السابقة خاصة أنه مشهود له بجودته وسعره المقبول.
عودة قريبة
أمر اتفق عليه أصحاب المعامل والشركات الدوائية الذين التقتهم «تشرين»، حيث أكد صاحب معمل أدوية حسين بطيخ أن معامل الأدوية في حلب ساهمت مع بقية المعامل في سورية في تحقيق الأمن الدوائي، علماً أن المعامل الحلبية كانت تغطي نسبة 65% تقريباً لكن نتيجة السيطرة الإرهابية على المناطق الواقعة فيها هذه المعامل انخفضت النسبة إلى 30-35%، ولاسيما في ظل معاناة أصحاب معامل الأدوية من صعاب كثيرة، فمثلاً كانوا يضطرون بسبب صعوبات النقل لتحمل تكاليف كبيرة وخاصة عند العلم أن الوقت الذي كان يستغرقونه للوصول إلى منطقة المنصورة من مدينة حلب لا يتجاوز عشر دقائق لكن بعد سيطرة الإرهابيين على هذه المنطقة كان الصناعي يمضي 12 ساعة للوصول إلى معمله عابراً في مدينة الرقة وحماة وإدلب إدارياً، ورغم ذلك لم تتوقف معامل الأدوية عن الإنتاج وأن بطاقات إنتاجية محدودة، حيث يوجد في المنصورة 25 معملاً ظلت تنتج بطاقة أقل مع خروج ثلاثة فقط عن الخدمة، فقد أصر أصحاب المعامل على الإنتاج والبقاء في معاملهم لكيلا يستولي عليها الإرهابيون ورفد السوق المحلية بالوقت ذاته من حاجتها من الأدوية.
وأشار بطيخ إلى أنه مع تحرير منطقتي المنصورة والزربة عادت المعامل إلى العمل مع وجود همة عالية للتشغيل بطاقات المعمل القصوى، فمجرد إعلان التحرير جاء أصحاب المعامل إلى منشآته وتجهيزها وإعادة ترميم بعض خطوط الإنتاج التي خرجت عن الخدمة، مبدياً تفاؤله بالعودة القريبة إلى الإنتاج الفعلي خلال مدة لا تتجاوز 3 أشهر، ما يسهم في تحسين واقع الصناعة الدوائية في سورية ورجوعها إلى مكانتها السابقة.
إزاحة المهربات
وبيّن شاهين الحجي مدير العلاقات في شركة آسيا للصناعات الدوائية أنه قبل الحرب كان يتم التصدير إلى 39 دولة لكن بسبب العقوبات الاقتصادية الظالمة وتداعيات الحرب توقف التصدير وتم الاكتفاء بتأمين حاجة السوق المحلية، وهذا الواقع سيتغير حتماً خلال الفترة القادمة عند عودة المعامل للإنتاج بطاقاتها الكلية بحيث يكون التصدير هدفاً أساسياً وخاصة عند التحرك لفتح المنافذ الحدودية، وطبعاً مع تغطية حاجة السوق المحلية بشكل كامل، والعمل على إنتاج الأدوية النوعية, مع العلم أنه قبل الحرب كانت معامل الأدوية تغطي 96% من حاجة السوق المحلية وكان لمعامل حلب الحصة الأكبر بنسبة 60-65%.
وتحدث الحجي عن نقطة مهمة جداً تتمثل بقدرة المنتج الدوائي السوري عند عودته بالزخم نفسه قبل الحرب إلى الأسواق على الحد من انتشار المنتج المهرب، الذي يشكل خطورة على صحة المواطن لكونه غير مراقب ويشك في تركيبته وصلاحيته للاستهلاك، بينما المنتج المحلي خاضع للمراقبة الدوائية ومطابق للمواصفات السورية والمعايير العالمية، لذا عند تأمين المنتجات المحلية البديلة بسعر مقبول يناسب المواطن ستزيح المهربات وتحد من وجودها في الأسواق، علماً أن المنتج السوري معروف بجودته ونوعيته الجيدة بحيث يمكن القول بكل ثقة إنه يضاهي المنتج الأجنبي المستورد بالجودة.
استرجاع الأمن الدوائي
وشدد الحجي على أن الأمن الدوائي الذي استطاعت سورية تحقيقه قبل الحرب لا يقل أهمية عن الأمن الغذائي، وبعد عودة المعامل إلى الانتاج من جديد بطاقتها الفعلية ستكون هناك خطوات متسارعة نحو استرجاع مكانة الدواء السوري وتحقيق الأمن الدوائي.
الأمر ذاته تحدث عنه فراس عزيزي- عضو في نقابة الصيادلة ومدير الدعاية في شركة الرازي للصناعات الدوائية، الذي أكد أن تحرير حلب وريفها من دنس الإرهاب سيكون له انعكاس إيجابي على منشآت الصناعات الدوائية وتأمين حاجة السوق من المنتجات الدوائية خاصة بعد التخلص من المعاناة الكبيرة، التي تسببت بها سيطرة المجموعات الإرهابية على المناطق المتمركزة فيها معامل الأدوية، حيث إن اختصار الطريق سيوفر الوقت والجهد والتكاليف التي كانت جميع المعامل تتحملها وخاصة أجور الشحن المرتفعة، إضافة إلى تأمين سهولة بالتنقل للعاملين مع انسيابية تزويد المستودعات بالأدوية اللازمة ورفد المشافي والصيدليات بالأدوية اللازمة على نحو يكفي حاجة السوق المحلية والاتجاه إلى التصدير كما في السابق.
وأوضح كزملائه في «الكار» أنه بالرغم من الحرب الظالمة وما رافقها من حصار إلا أن معامل الأدوية لم تتوقف عن الإنتاج لتغطية حاجة السوق الداخلية، وأحياناً السوق الخارجية نظراً لما يتميز به الدواء السوري من جودة في الإنتاج والمواصفات والسعر المناسب، لافتاً إلى أنه عند عودة المعامل بطاقاتها الكبيرة سيتم التوجه نحو الاستغناء عن الاستيراد أو أقله التخفيف من فاتورة المستوردات من خلال إنتاجها محلياً وخاصة أن الأدوية المستوردة مرتفعة الثمن بالنسبة لمثيلاتها من الدواء السوري.
دعم ضروري
همة أصحاب معامل الأدوية العالية للإسراع في إطلاق عجلة إنتاجهم بالطاقة الكلية لا تعني أبداً عدم وجود مشاكل تحول دون تحقيق هذه الغاية بالسرعة المطلوبة، وهنا يؤكد الحجي أن عودة معامل الأدوية إلى العمل بطاقاتها الكلية وانعكاسها الإيجابي على تحسن واقع هذه الصناعة الهامة، وتالياً الاقتصاد المحلي تحتاج دعم الحكومة عبر تقديم التسهيلات اللازمة للمعامل المتضررة التي تحتاج بعض الوقت للانطلاق بكامل طاقتها، ما يتطلب التعامل بمرونة بعيداً عن التعقيدات والروتين المتبع في تأمين احتياجات ومستلزمات الصناعة الدوائية ومعالجة قضاياها، مع العمل على تبسيط الإجراءات قدر الإمكان، متوجهاً بالشكر إلى وزير الصحة الذي يحاول قدر الإمكان تقديم كل التسهيلات المطلوبة لمساعدة معامل الأدوية في الانطلاق بالإنتاج بالسرعة المطلوبة. ولفت الحجي إلى ضرورة توفير الحماية المطلوبة للمنشآت الاقتصادية تجنباً لتعرضها للسرقات، مع العمل على تأمين المحروقات والكهرباء، بالتالي عند تقديم الدعم المطلوب سيتم ذلك إقلاع معامل الأدوية بطاقاتها الكاملة، ما سينعكس بصورة إيجابية على الاقتصاد المحلي، الذي سيعود حتماً بكل ثقة إلى سابق عهده ويتبوأ مكانته الاقتصادية المعهودة عبر منتجات محلية منافسة تحظى بالحماية اللازمة والدعم المطلوب.
في حين يؤكد فراس عزيزي- عضو في نقابة الصيادلة ومدير الدعاية في شركة الرازي للصناعات الدوائية أن أبرز مشكلة تواجه معامل الأدوية تتمثل في نقص اليد العاملة الخبيرة، علماً أنه يتم العمل على تجاوز هذه العقبة عبر رفد المعامل بالكوادر اللازمة، حيث ستتم الاستعانة بالعناصر النسائية، التي يمكن الاعتماد عليها في إنجاز المطلوب والحصول على الخبرات المناسبة لأن العمل في الصناعة الدوائية لا يستلزم مجهوداً كبيراً، مطالباً بضرورة حل مشكلة الكهرباء وتأمينها بصورة مستمرة بعد التخريب الذي طال البنية التحتية من قبل العصابات الإرهابية وتأمين المحروقات للمعامل، مع العمل على تعبيد الطرقات وتجهيزها بطريقة فنية مناسبة.
صاحب معمل الأدوية حسين بطيخ لفت إلى أن الكهرباء كانت تعد من أبرز المشاكل التي تواجهها معامل الأدوية، وقد وعد بتوفيرها خلال 10 أيام، وفعلاً تم إيصال التيار الكهربائي إلى منطقتي المنصورة والزربة، فبديل الطاقة الكهربائية هو المازوت الذي تعد أسعاره مرتفعة بالنسبة للصناعيين وأصحاب معامل الأدوية، علماً أن غرفة صناعة حلب عملت على تأمينه بأسعار مقبولة من أجل تشغيل معامل الأدوية بالسرعة القصوى، إضافة إلى حل مشكلة تغطية الهواتف العادية والخليوية، مؤكداً تعاون الحكومة الكبير لتقديم كل التسهيلات اللازمة لإقلاع الصناعة الدوائية، فهناك اهتمام حكومي كبير بتنشيط قطاع الصناعة الدوائية وإقلاعها بالسرعة المطلوبة، حيث توجد لجنة وزارية تجتمع مع الصناعيين أكدت على تقديم كل الخدمات وإزالة كل المعوقات التي تقف حجر عثرة أمام إقلاع معامل الأدوية بالسرعة المطلوبة.
خلية نحل
توجهت «تشرين» إلى غرفة صناعة حلب للوقوف على حال الصناعة الدوائية ومعرفة الإجراءات المتخذة من أجل النهوض بهذه الصناعة المهمة والإسراع في إقلاع منشآتها، حيث أكد محمد يحيى الخراط -رئيس لجنة الصناعات الدوائية في حلب أن هناك خلية نحل تعمل من أجل إقلاع معامل الأدوية بتشجيع ودعم حكومي، حيث بدأ أصحاب المعامل بترميم وإصلاح الضرر الذي لحق بمنشآتهم وشركاتهم بالتوازي مع استيراد المواد الأولية اللازمة لتصنيع وإنتاج المنتجات الدوائية، وسط قيام جميع الجهات المعنية بتقديم الدعم اللازم والتسهيلات المطلوبة لتشغيل معامل الأدوية بطاقاتها الكاملة.
وبيّن أن جميع معامل الأدوية تعرضت إلى الأضرار بنسب مختلفة، لذا بادر أصحاب المعامل على الفور فورهم إلى ترميم وإصلاح خطوط الإنتاج مع إطلاق منشآتهم العمل بطاقاته الفعلية بعد تجهيز خطوط الإنتاج بالسرعة القصوى من أجل التشغيل والعمل بالطاقة الكلية، مشيراً إلى أنه مع هذا الواقع سيستعيد قطاع الدواء نشاطه خلال 6 أشهر, علماً أن بعض المعامل قد تقلع بطاقتها الكلية بعد شهر لأن الضرر ليس كبيراً.
ولفت إلى أن أكبر مشكلة تعترض معامل الأدوية في المناطق المحررة حديثاً هي نقص اليد العاملة الخبيرة، وصعوبات التنقل إلى مدينة حلب، علماً أن هذه العقبات ستزول تدريجياً بعد إقلاع معامل الأدوية بطاقتها الكلية وبدء كل معمل بتجهيز كوادره ورفده بالخبرات المناسبة, مشدداً على أن قطاع الدواء في حلب سيشهد تحسناً واضحاً ينعكس إيجاباً على تأمين المنتجات الدوائية للسوق المحلية مع الاتجاه إلى التصدير قريباً.
المصدر : تشرين