جمعة بلا صلاة.. مساجد المسلمين خالية من المصلين في حدث نادر بسبب كورونا
في حدث نادر لم يألفه المسلمون، تغيب صلاة الجماعة في المساجد يوم الجمعة 20 مارس/آذار 2020، في الكثير من الدول العربية، وذلك بقرار اتخذته الحكومات العربية للحد من انتشار الوباء العالمي المعروف باسم فيروس كورونا كوفيد 19، وكان آخر هذه القرارات ما صدر عن السعودية بتعليق التواجد والصلاة في ساحات الحرمين الشريفين، خاصة يوم الجمعة.
ووجهت السلطات السعودية دعوة للمسلمين في السعودية، دعتهم للتعاون مع جميع الإجراءات الاحترازية التي أقرتها، “للحفاظ على صحة قاصدي المسجد الحرام والمسجد النبوي وسلامتهم، والعمل على الحد من انتشار كورونا”، وفقاً لما نقلته وكالة الأنباء السعودية واس عن مسؤول سعودي.
تأتي قرارات المملكة والتي كان من أبرزها أيضاً تعليق العمرة، وإغلاق صحن المطاف حول الكعبة، في وقت ارتفع فيه معدل الإصابات بفيروس كورونا، فقد سجلت وزارة الصحة السعودية، الخميس، 36 إصابة جديدة ليرتفع إجمالي الإصابات في المملكة إلى 274.
المساجد مغلقة في الدول الإسلامية
هذا المشهد لم يقتصر على السعودية فقط، فقد قررت دائرة الأوقاف الإسلامية في مدينة القدس، في وقت سابق من هذا الأسبوع، إغلاق المسجد الأقصى ومسجد قبة الصخرة حتى إشعار آخر، كما أمرت بإغلاق المصليات داخل المسجد الأقصى المبارك حفاظاً على صحة المصلين.
في الكويت، التي كانت من أوائل الدول التي أعلنت إغلاق المساجد، ستغيب أيضاً صلاة الجمعة في المساجد، حيث طالبت السلطات الكويتية، مواطنيها والمقيمين في البلاد بالبقاء في المنازل وعدم الخروج إلا للضرورة.
أما في قطر فقد قررت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية القطرية، إغلاق المساجد وإيقاف صلوات الجماعة بفروضها الخمسة وصلاة الجمعة، اعتباراً من الثلاثاء الماضي كإجراء احترازي ضد كورونا.
كما أعلنت البحرين أيضاً تعليق خطبة وصلاة الجمعة بكافة مساجد وجوامع المملكة “حتى إشعار آخر” .
وفي الجزائر، فقد ذكرت وسائل الإعلام الجزائرية الرسمية قبل أيام أن وزير الشؤون الدينية والأوقاف يوسف بلمهدي أعلن تعليق صلاة الجمعة والجماعة وغلق كل المساجد ودور العبادة بأنحاء البلاد، مع الإبقاء على شعيرة الأذان بسبب انتشار فيروس كورونا.
ونقلت وسائل الإعلام عنه دعوته المواطنين إلى الالتزام بالتدابير والإجراءات اللازمة والضرورية للوقاية من انتشار الفيروس “إلى أن يرفع الله عنا هذا البلاء والوباء بفضله وكرمه”.
أما في تركيا فقد أعلنت رئاسة الشؤون الدينية التركية، إغلاق أبواب المساجد الجمعة والسبت، خلال ليلة الإسراء والمعراج، وذلك احترازاً من انتشار فيروس “كورونا” المستجد.
جاء ذلك في خطاب يحمل توقيع رئيس الشؤون الدينية علي أرباش، أُرسل إلى دور الإفتاء في الولايات التركية، وأشار إلى أن “دفع المضرة أولى من جلب المنفعة، وحفظ النفس البشرية من أهم أسس الدين الإسلامي”.
وفي العراق قالت العتبة الحسينية المقدسة بالعراق في بيان اليوم الخميس، إنها قررت عدم إقامة صلاة الجمعة لهذا الأسبوع في مدينة كربلاء بسبب مخاوف تتعلق بفيروس كورونا.
يذكر أن مدينتي كربلاء والنجف المتجاورتين تجذبان زواراً شيعة من داخل العراق وخارجه.
مصر تتخذ إجراءات احترازية فقط
في مصر، لم تتخذ الحكومة هناك قراراً بإغلاق المساجد، بل اكتفت باتخاذ بعض الإجراءات، وقررت إغلاق أي “منفذ يمكن أن يكون سبباً في انتقال فيروس كورونا من شخص لآخر نتيجة تعدد الاستخدام”، بحسب ما صرحت به وزارة الأوقاف.
وقرر الوزير محمد مختار: “غلق جميع دورات المياه بجميع المساجد وأماكن الوضوء، وغلق محابس المياه في غير أوقات نظافة المسجد، غلق جميع كولديرات المياه ورفع أي أدوات للسقيا من المسجد، والمساجد التي بها صحن أو ساحة تتم الصلاة في الساحة أو الصحن، لأن الأماكن المغلقة أكثر عرضة لنقل العدوى من الأماكن المفتوحة”.
يذكر أن وسائل إعلام أجنبية كانت قد ذكرت أن الإصابات في مصر أكبر بكثير مما تصرح به الحكومة المصرية، وقالت صحيفة الغارديان، إن عدد الإصابات بلغ ١٩ ألف شخص، وهو ما نفته الحكومة، وردت بإغلاق مكتب الصحيفة في القاهرة.
واستندت التقارير الصحفية في هذه المعلومة، على ما صرح به مسؤولون أمريكيون في أن معظم الإصابات التي جاءتها من الخارج كانت قادمة من مصر.
صلاة الجمعة في المنزل
هذه الحالة التي لم يألفها المسلمون، شهدت تأثراً كبيراً معها لدى رواد التواصل الاجتماعي، حيث تعتبر صلاة الجمعة إحدى أهم الصلوات عندهم، والتي يتجمع فيها أعداد كبيرة للاستماع إلى خطبة الجمعة، كما ارتبطت بعادات اجتماعية في غالبية الدول، تتمثل باجتماع العائلات بعد الصلاة، خاصة أنها تعتبر عطلة رسمية في معظم البلاد الإسلامية.
وقدم الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، علي القره داغي، نصائح للمسلمين للفوز بأجر صلاة الجمعة من المنزل، وقال القره داغي، في بيان مكتوب بخط يده حصلت الأناضول على نسخة منه: “يؤلمنا أن يمر على أمتنا يوم الجمعة ولا تقام فيه صلاة الجمعة، لكننا معذورون شرعاً، ولنا أجرها إذا نويناها وأعددنا لها كما ورد بذلك أحاديث صحيحة”.
كما أوضح بهذا الخصوص، أن بعض طلبة العلم قدموا عدة مقترحات منها، “إقامة صلاة الجمعة اعتماداً على إقامة صلاة الجمعة في التلفاز”، أو “إقامتها مع أقرب إمام للبيت عبر البث الشبكي”.
لكنه اعتبر أن المقترحَيْن “لا تتوافر فيهما الضوابط الشرعية لصحة الجمعة”.
وقدم القره داغي نصائحه للأسر المسلمة لنيل أجر “الجمعة”، والتي تبدأ بإعلان “النية مع الإعداد (للصلاة) بأن تجهز مصلى داخل البيت”، وأضاف “نجهز أنفسنا قبل وقت الأذان بفترة مناسبة؛ فنغتسل غسل الجمعة، ثم نجلس في المصلى ونقرأ سورة الكهف وما شاء الله تعالى من القرآن، والذكر والدعاء والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم”.
أضاف القرة داغي: “ثم بعد سماع الأذان يقوم الوالد أو أحد أفراد الأسرة بموعظة تذكر بالله تعالى وقدرته ورحمته مع التضرع إلى الله تعالى، ثم تقام صلاة الظهر أربع ركعات”.
يذكر أنه وحتى مساء الخميس، أصاب كورونا 244 ألفاً و526 شخصاً في 177 بلداً وإقليماً بينهم أكثر من 10 آلاف وفاة، أغلبهم في الصين وإيطاليا وإيران وإسبانيا وكوريا الجنوبية وألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة.
كما أجبر انتشار الفيروس على نطاق عالمي دولاً عديدة على إغلاق حدودها، وتعليق الرحلات الجوية، وإلغاء فعاليات عديدة، ومنع التجمعات، بما فيها صلوات الجمعة والجماعة.
عربي بوست