الوقاية من “كورونا”بريف دمشق.. بين استهتار المواطن وتراخي المسؤول
التنقل بين مناطق الريف الجنوبي الغربي لدمشق ليس ممنوعاً، إذ لا يعمل بقرارات الوقاية الصادرة عن الحكومة بمنع التنقل بين الوحدات الإدارية، كما إن قرار فرض الإغلاق على الفعاليات الاقتصادية غير الضرورية غير سار على مايبدو، والتجول في هذه المناطق يكشف عن استهتار المواطن وتساهل المسؤول خارج الزمن في بلدة “خان الشيح”، ثمة العديد من الطرق لخرق قرارات الإغلاق، فمن الممكن أن تجد مركزا ًمرخصاً لتوزيع التبغ قد وضع عدداً من علب الزيت وبعضاً من البسكويت والشيبس، ليتحول لمحل لبيع المواد الغذائية، بما يسمح له بمواصلة عمله في بيع علب السجائر والمعسل، كما إن البعض من أصحاب مهن متعددة كبيع الأجهزة الخلوية والمواد الطبية وحتى أطباء الاسنان، يعملون بمحال ذات أبواب مقفلة، إذا يجلس صاحب المحل على باب محله المغلق حتى وصول الزبون، ثم يدخلان معاً ويغلقان الباب إلى أن تتم عملية البيع أو الشراء، وبهذه الطريقة لا يخرق قرار فتح المحل أو العيادة، ولا يتوقف العمل فيها أيضاً.
لا أحد في “خان الشيح”، يرتدي كمامة أو قفازاً للوقاية من “كورونا”، ولا ضير للخروج للتنزه بالقرب من قنوات الأنهار التي تمر في البلدة، وإذا ما أردت الانتقال إلى “الكسوة”، عبر بلدتي “دير خبية – مقيليبة”، لن تجد شرطياً للمرور ليمنعك وفقاً لقرار حظر التنقل بين المناطق، ولن تجد محلاً مغلقاً في هاتين البلدتين، فالكل يشرّ أبواب محله لبيع الإكسسوارات والجولات وخدمات الميكانيك وادوات الصرف الصحي وكل ما تحتاج، ويقول صاحب أحد المحال “زاد عملنا، أهل الكسوة يأتون إلينا الآن للحصول على ما يحتاجون”.
على جانبي الطريق الزراعية، يمارس الناس مهنهم في رعي المواشي والحقول دون أي وسيلة للوقاية، ولن تستغرب أيضاً إن رأيت صبية يقيمون مباراة لكرة القدم، أو مجموعة من النسوة يلتقطن حشائش الربيع لإعداد طبقاً من “الخبيزة”، مثلاً، وتقول “أم علي”، في حديثها لـ “شام إف إم”: ا”لطبيعة هنا جميلة ولا يمكن ان يبقى احد في منزله، بدلاً من الخوف من “كورونا”، لنخف من الحشرات التي بدأ موسمها، قد تحمل أمراضاً أخطر لنا، نحتاج فعلياً لأن يتم رش مبيدات حشرية قبل ان تكثر الحشرات كالذباب والبعض، ثم تسأل بخوف: “كورونا ينتقل عبر الحشرات”..؟
كوكب الكسوة
ما إن تدخل مدينة “الكسوة”، ستجد أن لا أحد يمنع الحركة، ثمة مجموعة من “حاويات القمامة”، التي تفرغ بانتظام على ما يبدو، لكن أيضاً ثمة اكوام قمامة بالقرب من الحاويات لا تشغل بال أحد، كذلك يمكن أن تجد محالاً ضاربة بعرض الحائط بكل قرارات الإغلاق، ففي منطقة السوق تتواجد مجموعة من مراكز بيع التبغ التي تعمل بشكل علني، ناهيك عن محال لبيع النظارات أو الورد او الادوات المنزلية. في الكسوة حركة سكانية متوسطة، وإن وقفت لمدة ٣٠ دقيقة في منطقة السوق لن تعد أكثر من عشرة اشخاص يرتدون كمامة، ولن تجد إلا شخصاً أو اثنين يرتدون قفازاً واقياً، والبسطات توفر كل ما ترغب به من ألبسة وسواها، ولا ضير من تحويل أحد المحال لجزء من نشاطه في بيع المواد الغذائية نحو بيع ألعاب الاطفال، وما إن تقرر الخروج على الطريق نحو دمشق، يبدأ الناس بالتناقص حتى يصبح اتستراد “درعا”، شبه خاو، لتلقي بعد “جسر الكسوة”، بدورية لشرطة مرور “ريف دمشق”، تقطع الطريق للتحقق من وجهة ومهام السيارات التي تتجه نحو قلب العاصمة.
الصفوري.. مهنة طبية
الدخول إلى بلدة صحنايا يبدأ من جهة الاتستراد بعدد من المحال الخاصة بالمواد الغذائية، وقبل الوصول إلى منطقة السوق سيلفت نظرك قيام أحد المختصين بختان الذكور بفتح “عيادته”، معتبراً أن القرار لا يشمله بكونه من المهن الطبية، فالصيدليات مفتوحة.
داخل سوق الخضار الزحام في أوجه، ورخص الأسعار مقارنة بقلب العاصمة قد يجذب سكان التجمعات السكانية الصغيرة إلى هنا، كما إن السوق لم يعد مختصا ببيع الخضار والفواكه فقط، فكل ما يخطر بالبال متوافر من ادوات كهربائية والبسة وقطنيات، فهي “بسطات”، تجاور أخرى، تخلق ازدحام غير آمن من التلامس المباشر في ظل عدم استخدام وسائل الوقاية، والسؤال هنا، إن كان السكان قد اشتكوا من رفع اسعار الكمامات والقفازات وبررت الجهات المسؤولة عن مراقبة اسعار المواد الكبية بأن زيادة الطلب على وسائل الوقاية من “كورونا”، أدى لرفع سعرها، فمن الذي طلب إن كانت نسبة من يرتدي كمامة في أي منطقة لا تزيد عن ١%..؟.
استهتار المواطن بإجراءات الوقاية مع “تراخي”، بعض الجهات في مناطق ريف دمشق في تطبيق اجراءات الوقاية، قد يفضي إلى ما لا تحمد عقباه، ويجهض مضامين كل ما اتخذته الحكومة من قرارات لمواجهة “كورونا”، الذي يشغل كل سكان الأرض إلا السوريين خارج مواقع التواصل الاجتماعي، ومن السخرية بمكان أن يكون “كورونا”، موضوعا للنقاش الجدي بين مختلف شرائح المجتمع دون أي إلتزام بما يجب فعله لتجنب الإصابة.