كمال خلف: ظريف في دمشق زيارة أبعد من المعلن
كمال خلف
لم يتم الاعلان مسبقا عن زيارة وزير الخارجية الايرانية محمد جواد ظريف الى دمشق أمس سوى بيان صدر عن الخارجية الايرانية لحظة وصول ظريف، لكن ما تؤكده مصادر ان الزيارة تأخرت ثلاثة اسابيع عن موعدها بسبب ازمة كورونا في ايران.
وفي زمن الكورونا حيث عانت إيران باعتبارها من أولى الدول التي انتشر فيها الوباء بعد الصين قبل ان تسبقها دول اوربية والولايات المتحدة من حيث إعداد الإصابات، في هذا الزمن تندر الاجتماعات الرسمية والزيارات بين العواصم إلا للضرورة القصوى، وما لا يمكن بحثه عبر وسائل التواصل عن بعد.
ثمة ما دفع ظريف الى زيارة دمشق وعقد اجتماع مع رأس الهرم في سورية ولا يحتمل هذا الأمر التأجيل اكثر انتظارا لرحيل كورونا فما هو؟
ثلاثة ملفات تحدثت عنها وسائل الاعلام تزامنا مع الزيارة، الاول جهود التعاون لمكافحة الوباء والإرهاب والثاني نقاش تطبيق بنود اتفاق موسكو في ادلب وموقف دمشق وطهران منه أو من عدم تطبيقه، والثالث ملف التحضير لاستضافة ايران القمة الثلاثية المقبلة ضمن مسار استانه التي ستجمع الرؤساء “روحاني وبوتين و اردوغان” لبحث الوضع في سورية.
العنوان الاول هو كلام دبلوماسي عام يقال هذه الايام عند كل اتصال او تواصل بين الدول لا يحتاج إلى زيارة من هذا الوزن.
اما الملف الثاني والثالث.. فما هو الملح فيهما حتى طار ظريف الى دمشق؟ خاصة ان ظريف لم يدل باي تصريح من دمشق حول هدف الزيارة سوى بيان للخارجية الايرانية صدر من طهران حمل عبارات عامة عن التعاون الثنائي ومكافحة الارهاب وتنسيق المواقف.
في جعبة ظريف حتما ماهو اهم وأكثر الحاحا.
ثمة ملامح وإشارات على تفاهمات عميقة تجري بين الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية ولا تبدو تركية بعيده عنها تدور حول مستقبل سورية، قد يكون اي شيء منها لم يظهر الى العلن بشكل واضح حتى الان، ومازالت في إطار الإشارات الغامضة والأحاديث الهامسة في أروقة ضيقة، موعد الانتخابات الرئاسية السورية العام المقبل موعد هام جدا يقع في قلب هذا الحوار أو الصفقة الدولية اذا جاز التعبير تجاه سورية، فهل يملك ظريف تفاصيل أكثر وضوحا؟
بالمقابل ثمة مؤشرات على رغبة امريكية في بحث تسوية مع ايران على عدة ملفات في المنطقة، ايران سابقا رفضت هذا العرض مرتين، الاولى في عهد الرئيس اوباما اثناء المفاوضات الشاقة عام 2015 التي افضت إلى “اتفاقية العمل الشاملة المشتركة” ما عرف بالاتفاق النووي، والمرة الثانية بعد انسحاب الرئيس ترامب من الاتفاق مباشرة وكان أحد شروط الإدارة الأمريكية هو بحث ملفات المنطقة كاملة، وظل الموقف الإيراني مصمما على فصل أي مباحثات في الملف النووي عن أي ملف آخر.
ظهرت في الأسابيع الماضية بعض المؤشرات على مرونة أمريكية تجاه إيران، رغم التصريحات العنترية لترامب ووزير خارجيته، منها الافراج عن مليار وستمئة مليون دولار من الاموال المجمدة لايران في اوربا وهذا تم بموافقه امريكية بلا ريب.. كذلك تهدئة الولايات المتحدة في ملفات العراق واليمن، وأغفال أي حديث عن صفقة القرن داخل الإدارة. يبدو ان طهران لديها رسائل اكتر وضوحا في هذا الشأن ، فهل تشاور ظريف بما لدى ايران من معطيات ورسائل تخص سورية في هذا السياق؟
رغم ما يبدو مرونة امريكية حذرة ومستترة تتعامل معها طهران كذلك بأقصى درجات الحذر الا ان فرص التصعيد مازالت قائمة وبقوة، وربما من مصلحة طهران وحلفائها الآن التصعيد على عدة جبهات مع الولايات المتحدة وقبل موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة، حيث يبدو أن محور المقاومة معني بالأطاحة بدونالد ترامب وسلة الهدايا التي قدمها لإسرائيل، أو حشره في طقس الانتخابات للحصول على أقصى قدر من التنازلات.
التصعيد المقبل ان كان محور المقاومة قد عزم عليه، قد يشمل شمال شرق سورية، وهذا يحتاج الى خط نار آمن من عمق العراق الى الجزيرة السورية حيث تتموضع القوات الأمريكية ويتطلب تعاونا كبيرا بين سورية وإيران والعراق.
اما فيما يخص شمال سورية و في ادلب تحديدا لا شيء يقول حتى الان ان ما تم الاتفاق عليه في موسكو ينفذ على أرض الواقع، وعلى العكس من ذلك ادخلت تركية ارتال عسكرية اضافية، وتعمل على اعداد جيش موحد وتدريبه وتسليحه بالعتاد المتطور، ما ينذر بمعركة قادمة أقسى من سابقتها، ولا يبدو ان دمشق وطهران راضيتن عن الصمت الروسي حيال ما يجري في ادلب، وهما رحبتا بالاتفاق الروسي التركي عند توقيعه.
نعتقد ان الملف السوري مقبل على تطورات كثيرة وكبيرة قد تبدا في النصف الثاني من هذا العام.
رأي اليوم