وباء التجار يشعل الأسعار هل يمكن الاعتماد على الأخلاقيات..؟
“الفاجر أكل مال التاجر”.. مثل قديم وشائع في سورية وبلاد الشام عموما وكان يقال في حال تغوّل الفاجر بالصوت والصراخ والعويل والنحيب في وجه التاجر الذي يشعر بالعجز في الدفاع عن نفسه و يخسر حقوقه في نهاية الأمر.. لكن ذلك أيام كان للتجار قوانين وأعراف يتمسكون بها خوفا على سمعتهم التي كانت هي الأساس الأمر الذي لم يعد موجودا حاليا بعد أن عدل التجار جيناتهم عبر تلك السنوات وطوروها وأصبحت بشكلها “المستجد” بحيث استحوذ التاجر على كل تلك الصفات فأصبح الصراخ والعويل والنحيب من أهم صفاته فنراه أول من يصرخ في الملمات والأزمات لكي يتمكن من استغلالها بأبشع الطرق حتى تمتلىء الجيوب وتتضخم الأرصدة وتنتفخ البطون.
وبالحديث عن مسار تحول “التجار المستجدون” وأنانيتهم نرى أنفسنا قريبين من حيث الفكرة من ما نشر عن مسار تطور فيروس كورونا المستجد الذي طور نفسه بشكل نرجسي وأزاح خلال فترة زمنية كل الفيروسات القاتلة الأخرى عن الساحة بعد أن أخذ بعض من صفاتها وطورها لصالحه كي يبقى متصدرا عرش الأوبئة.
فيروس كورونا الذي انتشر بشكل كبير وبث رعبا وخوفا في سائر أنحاء العالم غير آبه بالنساء أو كبار السن ولا حتى بالأطفال لا يختلف عن “التاجر الفاجر” اليوم الذي لم يشفع للناس لديه أوضاعهم الاقتصادية المتردية وضعف القدرة الشرائية وأن البلاد تكاد تخرج من حرب إرهابية دامت عشر سنوات لم تبق ولم تذر قبل أزمة قرينه “كورونا” الذي أصبح شريكا مهما للتجار الذين استغلوا مشاعر الخوف عند الناس ورفعوا الأسعار بشكل جنوني واحتكروا البضائع والسلع وكانوا عونا للوباء على الناس كما كان الوباء عونا لهم للثراء.
الخبير الاقتصادي أستاذ كلية الاقتصاد في جامعة دمشق الدكتور زكوان قريط قال أنه كانت هناك مبادرات من بعض التجار خلال أزمة كورونا لكنها كانت خجولة جدا وفردية استخدم أغلبها كإعلان مؤكدا أنه لا يمكن إجبار أي شخص سواء أكان تاجرا أو غيره على أداء واجبه ومسؤوليته الاجتماعية والإنسانية تجاه بلده لافتا إلى أن “أخلاقيات العمل” غير موجودة لدى تجارنا إلا ما ندر .
ورأى الخبير الاقتصادي أن مسؤولية كبح جماح الأسعار تقع على عاتق الحكومة ممثلة بوازرة التجارة الداخلية وحماية المستهلك التي يجب أن تقود هذه العملية لأنه إذا تركت الأسعار للعرض والطلب فلن تستقر أبدا موضحا أن الاقتصاد لدينا قائم على استراتيجية “كل يوم بيومو” ما يتطلب أن يكون هناك نهج اقتصادي واضح .
وبين الدكتور زكوان أن الحل يجب أن يبدأ من الزراعة باعتبار سورية بلد زراعي بامتياز وذلك من خلال دعم الفلاح بشكل حقيقي عبر تقديم الأسمدة والقروض بدون فوائد بحيث تتحد وزارتي الزراعة وحماية المستهلك للتقليل من الحلقات الوسيطة التي فيها مكمن الخلل الحقيقي إضافة إلى معالجة موضوع النقل بحيث تصل السلع من الفلاح إلى المستهلك مباشرة.
ويبقى أن نقول إن الاحتكار في وقت الشدّة وزمن انتشارِ الأوبئة كأيامنا هذه أشد حُرمة منه في الظروف العادية وأشد فتكا بالناس من الأوبئة نفسها لأن المال عندها يتحول ﰲ أﻳدي اﻷﻏﻨﻴﺎء إﱃ وﺳﻴﻠﺔ ﻣﻦ وﺳﺎﺋﻞ اﻟﻔﺘك اﻻﺟﺘماﻋﻲ تهدم البيوت ويدمر ما تبقى من “أخلاقيات العمل: التي من المفترض الحفاظ عليها.
صاحبة الجلالة
اقرأ أيضا: الارهاب يقطع 3.3 ملايين شجرة مثمرة في ريف دمشق
شاركنا تعليقك على هذه المقالة في صفحتنا على موقع فيسبوك