النيران التهمت 270 دونما… شبح الحرائق يخيم على عاصمة القمح السورية
يوما بعد يوم، تزداد المخاوف لدى الفلاحين والمزارعين في محافظة الحسكة التي تعتبر عاصمة القمح السورية، والتي يسيطر على جزء كبير منها تنظيم ” قسد” والجيش الأمريكي من طرف، ومن طرف آخر الفصائل “التركمانية” الخاضعة للجيش التركي، بسبب انتشار الحرائق المفتعلة في المحاصيل بشكل شبه يومي.
وأفاد مراسل وكالة بمحافظة الحسكة بأن النيران التهمت 270 دونماً من محصولي القمح والشعير اليوم الثلاثاء 19 أيار/ مايو في قرية خربة الظاهر بريف مدينة القامشلي شمالي الحسكة، كما نشب حريق آخر في الأراضي الزراعية في قرية رشو بريف تل براك، حيث التهمت قرابة 100 دونم من محصول الشعير، وسبقها احتراق ما يقارب 250 دونماً من الشعير في قرية صفيا على طريق تل براك”.
وتابع المراسل بأن “السكان المحليين وفرق الإطفاء تمكنوا من إخماد حريق بمحصول زراعي بالقرب من مفرق صديق على طريق جبل وتقدر المساحة المحروقة 10 دونم تقريباً وحريق محصول زراعي آخر في قرية الميلبية وتقدر المساحة المحروقة بـ35 دونما و50 دونماً تقريباً في قرية المجرجع وحريق آخر في قرية برزان وقرية سيد علي”.
طائرة أمريكية تحرق المحاصيل
وكانت طائرة لقوات الاحتلال الأمريكية أقدمت على إحراق أكثر من 200 دونم من حقول القمح عبر رميها عددا من البالونات الحرارية فوق الأراضي الزراعية بريف مدينة الشدادي جنوبي الحسكة مع استمرار مسلسل الحرائق في كافة المناطق قبل أيام.
وقال المراسل بأن “طائرة تابعة لقوات الاحتلال الأمريكي قامت مساء السبت الماضي برمي عدد من البالونات الحرارية أثناء طيرانها على مسافة قريبة من الأرض ما تسبب باندلاع عدد من الحرائق واحتراق أكثر من 200 دونم من الحقول المزروعة بالقمح في قرية عدلة بريف مدينة الشدادي جنوب الحسكة”.
15 ألف دونم دمرت بالكامل
وفي نفس السياق، أوضح المراسل بان أراضي قريتي المناجير والأهراس الواقعتان شرقي وجنوبي مدينة رأس العين وقريتي ليلان والدبسة غربي تل تمر على خطوط التماس احترقت بشكل شبه كامل حيث تقدر المساحات المحروقة بأكثر من 15 ألف دونم.
في حين التهمت النيران العشرات الهكتارات من محاصيل القمح والشعير في قرى التماس في ريف بلدة تمر شمالي غربي الحسكة السورية، وسط مشهد نمطي من الاتهامات المتبادلة المتكررة سنويا بالمسؤولية بين التنظيمات المسلحة الخاضعة للجيشين التركي والأمريكي وتنظيم “داعش” الإرهابي.
وأوضح المراسل بأن الحرائق مستمرة في المحاصيل الزراعية العائدة للفلاحين منذ خمسة أيام والتي اتلفت المحاصيل في قرى الفيصلية والريحانية والقاسمية والسباطية والجميلية والعزيزة بريف تل تمر شمالي غربي الحسكة الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة السورية “التركمانية” الخاضعة للجيش التركي.
ورغم المساحات الشاسعة التي تتم زراعتها في سوريا بالقمح لتعزيز الأمن الغذائي لتوفير الخبز لنحو 24 مليون مواطن، إلا أن الحرائق للموسم الثاني تلتهم قسما كبيرا من المواسم ما يشكل خطراً على الأمن الغذائي الذاتي في البلاد.
وفي موسم 2019 – 2020، توقعت مصادر رسمية سورية إنتاج نحو 3.7 مليون طن من القمح وهي كمية تزيد عن الاستهلاك السنوي، إلا أن الحرائق وتهريب المحاصيل خارج الحدود خفضا الوارد منها إلى الصوامع الحكومية لنحو 500 ألف طن في محافظة الحسكة، مستكملة بذلك حلقة الحصار الاقتصادي الخانق الذي تضربه الولايات المتحدة الأمريكية على البلاد.
وخلال العام الجاري، تم ترميم احتياجات مخابز البلاد من الطحين عبر عقود توريد خارجية ومساعدات روسية للشعب السوري.
وتابع المراسل بأن الحرائق إلى قرى الشيخ علي وقبور الغراجنة الواقعة تحت سيطرة الجيش العربي السوري ريف تل تمر وذلك بعد نشوبها في محاصيل قرية المناخ الواقعة تحت سيطرة الفصائل “التركمانية”، حيث أدت الحرائق منذ يوم الجمعة لاحتراق وإتلاف العشرات من الهكتارات الزراعية.
وفي نفس المنحى احترقت المئات من الدونمات في الحقول الزراعية العائدة للأهالي في قرى ريف ناحية عين عيسى، والريف الغربي لمدينة تل ابيض شمالي الرقة.
كما سجلت مناطق في ريف محافظة دير الزور الشرقي والواقع تحت سيطرة قوات “قسد” عدد كبير من الحرائق في المحاصيل الزراعية خلال الأيام الماضية.
وقالت مصادر عشائرية في ريف الحسكة لمراسل “سبوتنيك” في الحسكة بأن النيران التهمت مساحات كبيرة من المحاصيل الزراعية (القمح والشعير والكمون) في القرى المذكورة والتي هي خالية بشكل شبه كامل من سكانها الذين هجرتهم الفصائل “التركمانية”.
وأضافت المصادر بأن الحرائق سببها انفجار لغم أرضي من مخلفات تنظيم “قسد” الموالي للجيش الأمريكي في قرية الريحانية حيث يسمع أصوات انفجارات في القرى المذكورة نتيجة انفجار الألغام والمفخخات المزروعة في الأراضي الزراعية.
وتشير التوقعات الحكومية اقتراب إنتاج القمح لهذا العام من عتبة الـ 3 ملايين طن، 835 ألف طن من أراضي محافظة الحسكة، وهي لذلك تعتبر الخزان الغذائي للبلاد.
في المقابل، مصادر مقربة من تنظيم “قسد” الخاضع للجيش الأمريكي اتهمت مسلحي التنظيمات “التركمانية” الخاضعة للجيش التركي، بالوقوف خلف الحرائق المفتعلة وقالت المصادر لوكالة “سبوتنيك” بأن المسلحين الخاضعين للجيش التركي من الفصائل المسلحة يضرمون النيران في محاصيل القمح والشعير، الواقعة بالقرب من خطوط التماس.
وأكدت المصادر أن الأهالي لا يستطيعون الاقتراب من محاصيلهم واخماد النيران بسبب استهدافهم المستمر من قبل عناصر التنظيمات “التركمانية”، والنقطة العسكرية التركية المتواجدة في قرية الريحانية.
ويعيش سكان أرياف محافظة الحسكة السورية والتي يقع جزء كبير منها تحت سيطرة تنظيم “قسد” الخاضع للجيش الأمريكي، فيما جزء أخر تحت سيطرة التنظيمات “التركمانية” الخاضعة للجيش التركي، مع اقتراب عمليات حصاد المحاصيل الاستراتيجية حالة من الخوف والتوتر نتيجة تخوفهم من احتراق محاصيلهم على أثر الحرائق المفتعلة كما حدث في العام الماضي.
وفي عام 2019، أطلقت الحكومة السورية “الاستراتيجية الوطنية لتطوير محصول القمح” في مجالات الإنتاج والتسويق بهدف الوصول لأفضل كفاءة إنتاجية ومعدل انتاج سنوي يصل إلى 5 ملايين طن عام 2025 لتأمين مخزون استراتيجي.
وتبيع الحكومة السورية الكيلوغرام الواحد من الخبز بحوالي 35 ليرة سورية (نحو 3 سنتات/ دولار أمريكي) لكونه من السلع المدعومة التي يعتبر تحريك سعرها في سوريا خطا أحمر.
وأعلنت وزارة الزراعة السورية في آذار الماضي الانتهاء من زراعة محصولي القمح والشعير لهذا الموسم في مختلف المحافظات حيث تمت زراعة 1352984 هكتاراً من محصول القمح بنسبة تنفيذ 75% منها 582092 هكتاراً مروياً و770892 هكتاراً بعلاً.
اقرأ المزيد:روسيا تدعو الاتحاد الأوروبي لرفع العقوبات المفروضة على سوريا ومواجهة كورونا معا
وحددت الحكومة السورية 225 ليرة سعرا للكيلو الواحد الذي يتم توريده إلى مراكز مؤسسة الحبوب هذا العام.
سبوتنيك