تحول غير مسبوق “الاختبارات والأبحاث الصناعية” ينجز “التكاليف المعيارية” والأجور تتضاعف إلى 18 ضعفاً!
طالما كان مركز الاختبارات والأبحاث الصناعية وإداراته المتعاقبة، محطّ اتهام بالفشل والتفشيل واللا فعالية، وحتى بوجود شبهات بالفساد، الأمر الذي أفقده الدور والمكانة كجهة غاية في الأهمية، علمية وبحثية مرجعية رسمية لها مصداقيتها وعائديتها الاستثمارية.
وطالما اتُهم بعدم وجود إستراتيجية لعمله ونشاطاته، ترتكز على الاستثمار الأفضل لإمكانياته المادية والبشرية، لجهة قيامه بمهامه الأساسية، وهنا من المهمّ استذكار الاجتماع الإنتاجي للمؤسسات الصناعية العامة، الذي عقده الوزير الأسبق المهندس فؤاد عيسى الجوني مع مدرائها؛ آنذاك وجّه الوزير نقداً لاذعاً وصل حدّ التوبيخ لإدارة المركز، لتسجيلها نسبة صفر مكعب في خطتها الاستثمارية السنوية.
وتتالت سنوات اللا فعالية في عدم الاستثمار الأمثل لإمكانيات المركز من أجهزة وتجهيزات بعشرات الملايين من الليرات، وعدم رفده بالكفاءات والخبرات العلمية العملية، حتى أنه كان هناك العديد من الأجهزة (وجود 15 جهازاً خاصاً بالمخابر التحليلية)، لا يستطيع أحد من الفنيين العمل عليها لعدم الخبرة الكافية، سوى شخص واحد فقط وكان المدير آنذاك!!.
تحول مهم
اليوم نشهد تحولاً وازناً وغير مسبوق وبتوجيه رسمي من وزير الصناعة المهندس محمد معن زين العابدين جدبة، وهو إنجاز التكاليف المعيارية لكل اختبار وفحص ودراسة واستشارة، يتمّ وتتمّ في المركز، ما يعني أن هناك تحولاً نوعياً مهماً سيمكنه من النهوض بدوره، وليس فقط العلمي والعملي البحثي، لا بل سيكون هناك إيرادات مالية مهمّة، ستمكنه من الانتقال من الحالة السابقة، التي كان فيها المركز يعتمد على وزارة المالية في تمويل عمله، إلى مرحلة تحقيق إيرادات مضاعفة، سيتمّ تحويلها للخزينة العامة. هذا ما أكده لـ”البعث” المهندس نضال صالح المدير العام للمركز، الذي أكد أيضاً أن ما تمّ إنجازه، غير موجود في أية مؤسسة أخرى، ما يمكّن المركز من امتلاك أسباب النجاح والتميّز في الاستثمار الأفضل والأمثل لإمكانياته في تلبية احتياجات تطوير الصناعة الوطنية في القطاعين العام والخاص، وفوق هذا رفد خزينة الدولة بدل الاعتماد عليها فقط.
لكل اختبار
وحول ماهية ما أنجزوه، قال: تمّ احتساب تكاليف معيارية لكل اختبار من الاختبارات والمعايرات والأعمال التي يقوم بها المركز، وذلك من خلال المستلزمات المحدّدة للقيام بالعمل كـ(مواد لازمة للاختبار- استهلاك حوامل الطاقة للجهاز المستخدم– عدد المحللين.. إلخ)، وذلك بالتعاون والتنسيق مع مديرية التكاليف والتحليل والمالي في وزارة الصناعة، وقد بلغ عدد الاختبارات المدروسة نحو 600 اختبار مقسمة إلى 250 اختباراً للصناعات الهندسية و350 اختباراً للصناعات الكيميائية.
تقسّم اختبارات الصناعات الهندسية إلى (ميكانيكية ومعدنية– مواد بناء– اختبارات كهربائية وإلكترونية– معايير صناعية– مقاييس صناعية وفحوصات لا اتلافية)، والاختبارات الصناعية الكيميائية إلى: (العضوية- الصناعية الغذائية– اللاعضوية– النسيجية– المتخصصة).
تضاعف الأجور
تراوحت نسبة الزيادة بالأجور الجديدة بعد إنجاز دراسة التكاليف المعيارية، عما كان سابقاً من أجور اختبارات، من ضعفين إلى 18 ضعفاً لبعض الاختبارات، وذلك بسبب غلاء المواد الكيميائية بالأسواق، والتي كلها مستوردة، إضافة إلى غلاء قطع الغيار والصيانة للأجهزة المستخدمة في إجراء الاختبارات الصناعية. ووفقاً للكتاب الموجّه من قبل وزير الصناعة للمركز البحوث، حدّدت الوزارة ووفق جداول محددة أجور التحاليل والاختبارات التي يجريها المركز.
كما أقرّت الوزارة مضاعفة الأجور في الحالات التي تتطلّب إجراء التحاليل والاختبارات خارج نطاق المركز، وأن تتحمّل الجهة المستفيدة كافة النفقات المترتبة على هذا، من نقل وانتقال للأشخاص والتجهيزات اللازمة لإجراء الاختبارات؛ مبينة أن أجور الدراسات والاستشارات الفنية والخبرات التي يقدّمها المركز، يتمّ تحديدها بناء على تقديرات المديرية المختصة، وموافقة المدير العام، وكذلك إقرارها، إضافة نسبة 25% من الأجور على الاختبارات والتحاليل المستعجلة بناء على طلب صاحب العلاقة، استناداً للجداول المرفقة التي تبيّن أجور كل اختبار؛ وفي بعض الحالات الخاصة، والتي يعود تقديرها للإدارة، يتمّ تحديد أجور التحاليل والخدمات التي يقدمها المركز، استناداً لرأي لجنة خاصة مؤلفة من المدير العام ومدير المديرية المختصة ورئيس الدائرة المعنية.
قرار وزير الصناعة، أكد أن جميع العوائد المالية الناتجة عن إجراء الاختبارات والدراسات والاستشارات.. إلخ، سيتمّ تحويلها إلى الخزينة العامة للدولة، وبذلك يكون قد أنهي العمل بالقرار رقم 20 تاريخ 4 – 7 – 2016.
رغم.. هل؟
لعلّ ما يميّز مركز الاختبارات والأبحاث الصناعية عن باقي مراكز الاختبارات التي تمتلكها القطاعات الأخرى هو امتلاكه عشرات المخابر ومئات الأجهزة الخاصة بالصناعات الهندسية والكيميائية والغذائية وبقية الصناعات الأخرى، لكن كل هذا لم يكن يشفع له ليكون رائداً في هذا المجال، خدمةً لتطوير الصناعة السورية، وقدرتها على المنافسة وتطوير قدراتها الفنية والإنتاجية بما يساهم في زيادة مساهمتها بالاقتصاد الوطني؛ والسؤال الذي يفرض نفسه هنا: هل سنشهد تحولاً استثمارياً وعلمياً أكبر وأشمل؟ هذا هو العمل الذي بدأت بشائره تتحقق.
حصانة واستقلالية!
بقي أن نذكّر بأمر غاية في الخطورة، وهو أن المدير العام السابق للمركز المهندس نضال حمدان (وكان لم يمضِ على تعيينه 3 أشهر فقط)، اشتكى، وعلى مسامع الوزير السابق الحمو، من كثرة الضغوطات والواسطات التي يتعرّض لها من أجل التغيير في نتائج بعض التحاليل، مؤكداً على صحة نتائج المركز المخبرية، وأنه لا تلاعب في نتائج العينات مهما كانت المغريات.. وهنا ندعو لإعطاء المركز الحصانة والاستقلالية، إضافة إلى “المعيارية” التي ربما ستكفيه شر الضغوط. كما كان أشار إلى ضرورة تأهيل الكوادر الفنية الموجودة في المركز، من خلال اتباع دورات تدريبية متتالية، يتمّ التركيز فيها على استخدام الأجهزة الموجودة في المخابر، مطالباً بضرورة إحداث نظام حوافز جديد للعاملين في المركز أو اعتماد نسب مالية تُعطى للعاملين من أجور تحليل العينات بحيث لا تتجاوز 5%، حيث كان المركز يعاني ولسنوات عدة من نقص في الكوادر اللازمة، وتوفير الدعم المادي له ليقوم بدوره وبمهام المنوطة به، فهل يكون إنجاز “التكاليف المعيارية”، البداية الصحية للمركز الأمل الذي نطمح إليه؟، يبدو أن مؤشرات هذا بدأت تتوضح.
المصدر : الثورة
اقرأ أيضا: المركزي: خدمات بوابة الدفع الإلكتروني تتجاوز تسديد الفواتير
شاركنا تعليقك على هذه المقالة في صفحتنا على موقع فيسبوك