وزارة الأوقاف السورية .. لا مكان لإرث الوهابية في البلاد
محمد عيد
أعادت وزارة الأوقاف السورية بالأمس التأكيد على تعميم سابق كانت قد اتخذته في العام 2012 وقضى باجتثاث إرث الوهابية الدموي من البلاد والتشديد على عدم إصدار أية فتاوى تتقاطع مع نهج ابن تيمية وغيره من دعاة المنهج التكفيري الضال والمضلل مع الوعيد بمقاضاة كل من يخالف هذا التوجه الصارم لوزارة الأوقاف السورية.
أحرقنا كل كتب الوهابية
بدت وزارة الأوقاف السورية وكأنها تقيم حصاد قرارها السابق الذي اتخذته بداية الأزمة بالقضاء التام على كل مرتكزات الوهابية في سوريا عبر تفعيل هذا القرار مجددا بعد معاينة دقيقة لما أفضى إليه تطبيقه حتى الآن من نتائج، من خلال إعلان مدير مكتب الأوقاف السوري الدكتور نبيل سليمان بأن دمشق والغوطة الشرقية قد باتت خالية من كافة الكتب الوهابية والفتاوى التي صدرت عن تنظيمي “داعش” و”النصرة” الإرهابيين وذلك بعد تنفيذ الجولات الميدانية في كل المناطق التي أعلن الجيش السوري تحريرها من الإرهابيين.
وفي اتصال هاتفي مع موقع “العهد” الإخباري أشار سليمان إلى أنه “تم البحث في كافة المساجد في الغوطة الشرقية التي كان تنظيما “داعش” و”النصرة” التكفيريان قد اتخذا منها مقرات لنشر الفكر الوهابي من خلال كتب ابن تيمية وغيره من دعاة التكفير”.
سليمان لفت إلى العثور على العديد من المكاتب والمكتبات والمساجد التي تحوي عدداً كبيراً من كتب ابن تيمية في مناطق الغوطة الشرقية التي حررها الجيش السوري مؤخراً، مؤكداً قيام وزارة الأوقاف السورية بمصادرتها وحرقها خوفا من تسرب هذه الكتب وما تحمله من فكر تكفيري وظلامي إلى المناطق الآمنة في دمشق وغيرها في استكمال للخطوات التي قامت بها الوزارة منذ العام 2012 من خلال مصادرة كتب ابن تيمية وابن القيم الجوزية ومنع تداولها في كافة أراضي الجمهورية العربية السورية.
مستشار وزير الأوقاف السوري أكد لموقع العهد تشديد الوزير على رفع الصفة الدينية والإحالة إلى القضاء على كل من يخالف توجهات اجتثاث الوهابية من خطباء المساجد والمفتين سيما وأن تنظيمي داعش والنصرة الإرهابيين الذين سيطرا على نصف مساحة سوريا عمدا في حينها إلى إلغاء مناهج التربية والتعليم السورية واستبدالها بمناهج وهابية ضمن سياسة ممنهجة ومدروسة وضعت نصب عينيها تنشئة الأطفال على الفكر التكفيري وخلق أجيال تعتقد بهذه المعتقدات وتدين بهذه التعاليم
رجال الدين مرتاحون للقرار
لم يخف أغلب الذين التقيناهم من السوريين وعلى اختلاف توجهاتهم الفكرية ارتياحهم لقرار اجتثاث الوهابية من سوريا بعدما وجدوا فيها وعلى امتداد الأزمة علة سفك الدماء وتأجيج الفتنة بين المسلمين فيما بينهم وبين المسلمين وبقية الأديان.
الباحث في الشؤون الإسلامية حسام طالب أكد لموقع “العهد” الإخباري أن “الدولة السورية ربحت الحرب الفكرية على الوهابية حتى قبل أن تربح الحرب الميدانية من خلال عدة كتب صدرت في الأزمة مثل كتاب “فقه الأزمة” الذي حدد أسس التعامل الشرعي مع ما يجري ومن خلال جيل جديد من الدعاة المتبصرين بمخاطر الوهابية المتناقضة تاريخيا مع الإسلام الشامي الصوفي الحنيف رافضا حصر معتنقي الوهابية في “داعش” و”النصرة”، “جيش الإسلام”، و”أحرار الشام”، وغيرهم من الفصائل التكفيرية نهلوا أيضا من مستنقع الوهابية ومارسوا أبشع أنواع القتل والتنكيل تحت لوائها مع فارق ارتباطاتهم الإقليمية”.
ولفت طالب إلى سوء الفهم التاريخي الذي يخلط بشدة بين الوهابية وبين أتباع المذهب الحنبلي الذي حاول الوهابيون تشويهه، في وقت قام فيه الارهابيون بالتنكيل والقتل لعدد من أئمة المذهب الحنبلي كحال الشيخ عبد الحميد دلوان مفتي دوما الذي خطفه الوهابيون وعذبوه لأنه لم يسايرهم في إطلاق فتاوى التكفير دون حساب، مؤكدا أن الوهابية لا تفرق بين مسلم سني وآخر شيعي وهي اصطدمت بكل المذاهب وأفتت بقتل أتباعها وشرعنت التعامل مع كل المحتلين من بريطانيين وأمريكيين وصهاينة.
المثقفون يباركون الخطوة
تجولنا في معرض الكتاب السنوي الذي تحتضنه العاصمة دمشق هذه الأيام. التزمت دور النشر المشتركة في المعرض بقرار وزارة الأوقاف السورية فانعدمت كل كتب الوهابية في أرجائه إلا تلك التي تشرح إيديولوجيتها التكفيرية. سألنا الكتاب والمفكرين والروائيين وزوار المعرض من المثقفين عن خطوة وزارة الأوقاف السورية، فاتفق الجميع على أنها خطوة ستحقن الدماء وتؤسس لعقد اجتماعي جديد ونظرة أكثر انفتاحاً على الدين وخصوصا أنها جاءت من داخل أوساط المتدينين أنفسهم.
العهد