كان ملك ألبانيا أحمد زوغو الملك المسلم الوحيد في أوروبا الحديثة، وقد نجا من أكثر من 55 محاولة اغتيال. وهو كان قليل الظهور، ويثقُ بوالدته فقط خوفاً من تسميم طعامه، ولم يكن يحيط به إلا حراسه الأكثر ولاء، الذين كانوا أيضاً أعضاء في عائلته، وقد كان مصاباً بـ”جنون العظمة”.
ولد الملك زوغو الأول في العام 1895، وعندما كان شاباً شارك في النضال من أجل الاستقلال عن الإمبراطورية العثمانية، وعندما عيّن عقيداً في القوات الثورية، حشد 2000 جندي ضدّ الأتراك في منطقة نائية من ألبانيا، واشتهر بشجاعته وسرعان ما أصبح جزءاً من السياسة الوطنية.
بعد نهاية الحرب العالمية الأولى في عام 1918، لم تكن حكومة ألبانيا تتمتّع بالسلطة. وعندما غادر الأتراك هاجمت القوات النمساوية والمجرية البلاد، واحتلت إيطاليا ألبانيا بعد فترة وجيزة، لكن الحكومة الموقّتة لم تكن مرضية للشعب الألباني.
كانت ألبانيا دولة صغيرة بين العديد من القوى المتحاربة وفي أوائل 1920 شغل زوغو منصب وزير الداخلية للحكومة الجديدة وانتخب بعد ذلك رئيساً للوزراء عام 1922. وبعد وقت قصير من انتخابه رئيساً للوزراء. بدأت محاولات الاغتيال، وذلك لأنّ طريقة تعامله مع خصومه السياسيين كانت قائمة على اختفائهم أو نفيِهم.
في 23 شباط 1924، تمّ إطلاق النّار على زوغو وإصابته عند دخوله البرلمان الألباني، وأصيب قادة البلاد بالرعب عندما جلس زوغو بهدوء على مكتبه لمواصلة العمل.
ثمّ نشأت أزمة في 1924 بعد اغتيال أفني رستمي أحد معارضي زوغو الصناعيين، مما أدى إلى ثورة اليساريين فأجبروا زوغو ومعه 600 من حلفائه إلى الخروج منفياً في حزيران 1924، لكن ذلك لم يكن نهاية مكائده السياسية، فعاد منتصراً عام 1925 ونظم انقلاباً ناجحاً.
انتخب المجلس التأسيسي أحمد زوغو رسمياً أول رئيس لألبانيا في 21 كانون الثاني 1925، فتولى المنصب في 1 شباط لفترة 7 سنوات، وفي عام 1928، توّج زوغو نفسه ملكاً بموافقة إيطاليا، وساعدت تبرّعات من موسوليني وصلت إلى ملايين الدولارات لبناء قصرَيْن فاخرَيْن.
وخلال تتويجه، أبقت قوات زوغو الحشود على مسافة مناسبة خوفاً من محاولة اغتيال أخرى، في أوائل ثلاثينيات القرن العشرين، أصبح زوغو مهووساً بحمايته الشخصية، وكان حراسه من قبيلته “ماتي”.
وأشهر محاولات الاغتيال كانت في كانون الثاني عام 1931 عندما غادر ألبانيا متجهاً إلى العاصمة النمساوية فيينا للحصول على الرعاية الطبية. وخلال زيارته إلى “دار الأوبرا” الشهيرة في فيينا تعرض لهجوم عندما همّ بركوب سيارته، ولكنّه نجا خلال تبادله إطلاق النار مع المهاجمين بمسدسه “البستول” الذي يحمله دائماً.
ورغم قروض موسوليني التي بلغت ملايين الدولارات، حاول زوغو الحدّ من التدخلات الإيطالية، لكن الدولة الفاشية غزت ألبانيا عام 1939، كما أجبر زوغو على الهرب إلى بريطانيا، ومعه مبلغ مليوني دولار في حساب مصرفي، واستخدمه لعيش حياة كريمة في عقار مساحته 150 فداناً.
توفّي زوغو في العاصمة الفرنسية باريس عام 1961 بمرضٍ خطير بعدما تجنّب أكثر من 55 محاولة اغتيال.
(بوابة فيتو)