من يدفع ثمن تحرير إدلب.. الباهظ؟
مع اقتراب معركة تحرير ادلب وكنس بقية الارهاب وعموم الفصائل المسلحة من كل الاراضي السورية، بدأت عملية تفريغ المنطقة من القيادات الارهابية الاجنبية التابعة لما تسمى بـ”جبهة النصرة” بتهريبها الى خارج سوريا، فيما تسعى قيادات كردية سورية للقتال الى جانب الجيش السوري سعيا لتحرير إدلب ثم الوصول الى عفرين وتنظيفها من الفضائل المسلحة المدعومة تركيا.
خرجت معظم القيادات الأجنبية المسلحة، إلى تركيا كخطوة اولى ثم الى السعودية بحجة “أداء فريضة الحج”، وذلك مع اقتراب بدء المعركة الكبرى لتحرير ادلب ووصول قوات الجيش السوري تدريجيا إلى محيط المدينة، وذلك ما كشفت عنه مصادر إعلامية وأخرى في تنسيقيات المجموعات الإرهابية التابعة لجبهة النصرة في إدلب.
الارهاب يحج الى السعودية
وكانت مصادر إعلامية قالت السبت، أن المدعو “أبو يقظان المصري” ومجموعة من قيادات “جبهة النصرة” في إدلب وشمال حماة، خرجوا عبر تركيا إلى السعودية بزعم أداء “فريضة الحج”، فيما كشفت مصادر أهلية في مدينة إدلب أنه ومنذ أسبوع تفاجأت بعض الفصائل الإرهابية بدخول قياداتها إلى تركيا بزعم “الحج”، قبل أن تبدأ القيادات الأجنبية باللحاق بها إلى تركيا على أن يتجمعوا هناك قبل مغادرتهم إلى السعودية لأداء فريضة الحج.
خروج القيادات الأجنبية التي مارست الارهاب بشتى اشكاله في المنطقة من ادلب هو عملية تفريغ عاجل لرؤوس الارهاب يشير الى مرحلة اليأس التي وصل اليها المشغلان الرئيسان للمسلحين في سوريا (تركيا والسعودية) من نجاعة بقاء هؤلاء القادة القادمين من دول شتى لتنفيذ اجندة دمار سوريا وتقسيمها فكان قرار تخليتهم على عجل للمحافظة على ارواحهم واسرارهم الميدانية بعيدا عن معركة إدلب.
“قسد” تسعى لمنفذ الى عفرين
تزامن ذلك مع اشارات سياسية وعسكرية اطلقتها قوات سوريا الديمقراطية “قسد” تعلن عن الاستعداد للمشاكة مع الجيش السوري في معركة تحرير ادلب، إذ يرى الاكراد في هذه المعركة بداية الوصول الى عفرين بفتح منفذ لهم، ما يعتبر اولوية قصوى لتنفيذ خطواتهم اللاحقة بالاتجاه صوب بقية المناطق الواقعة تحت سيطرة الفضائل المسلحة المدعومة تركيا في الشمال السوري.
فقدت قوات سوريا الديمقراطية “قسد” (المدعومة اميركيا وتتمتع بنفوذ في المناطق التي تحتلها القوات الاميركية شمالي سوريا، وتضم جماعات عربية وكردية وتأسس عام 2015)، فقدت السيطرة على عفرين في آذار الماضي ثم بدأت مباشرة جولة مباحثات سياسية بينها وبين ممثلين عن الحكومة السورية في دمشق اواخر حزيران الماضي.
وأسفر اجتماع “قسد” مع الحكومة السورية عن قرار تشكيل لجان على مختلف المستويات لتطوير الحوار والمفاوضات بين الطرفين، بهدف وضع نهاية للحرب، حسب البيان الذي أعلنته “قسد” بعد لقاء دمشق، وذلك ما يتقاطع مع تخطيط القوات الاميركية للمنطقة وضرورة مسك جميع الاوراق بايديها و”تحافها الدولي” في سوريا.
تصريحات اردوغان (هواء في شبك)..
اقليميا، أعلن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان انه بصدد تحرير مناطق سورية جديدة و”بسط الأمن فيها”، وذلك رغم ان بلده يعتبر ثالث البلدين الضامنين لعملية السلام في سوريا (روسيا وايران)، حيث قال في كلمة له أمام اجتماع المجلس الاستشاري لحزب العدالة والتنمية في طرابزون شمال شرقي تركيا “سوف نحرر مناطق سورية أخرى ونبسط الأمن فيها قريبا”!، زاعما بقوله “قمنا بتسريع أعمالنا العسكرية والدبلوماسية لكي لا يحدث في إدلب ما حدث في المناطق الأخرى”.
تصريحات اردوغان التوسعية داخل سوريا ليست اكثر من رمي حجر في ليلة ظلماء عسى تصطاد ما تطيب له نفسه، وقد سبقت وصول وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إلى أنقرة المقررة اليوم الاثنين لبحث اجتماع قمة لقادة روسيا تركيا ألمانيا وفرنسا حول التسوية السورية من المقرر عقدها في 7 أيلول/سبتمبر في اسطنبول حسب ما اعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والتي من المتوقع أن تؤدي إلى ظهور “أفكار جديدة لتسوية الأزمة السورية”، حسب توقعات المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى منطقة الشرق الأوسط ودول أفريقيا، نائب وزير الخارجية، ميخائيل بغدانوف.
كما تأتي تصريحات اردوغان التوسعية في سوريا متزامنة مع هبوط قيمة الليرة التركية إلى مستوى قياسي مقابل الدولار، ما اعتبره الرئيس التركي حربا تجارية تشن على بلده، الامر الذي يشير الى جدية المأزق الذي انحصرت فيه تركيا عقب سلسلة من الإجراءات المالية التي اتخذتها الإدارة الأميركية ضدها.
من سيدفع الثمن؟
لا شك ان تداعيات اخلاء ادلب من قادة الارهاب السوريين والاجانب مع إبقاء المسلحين يواجهون المصير المجهول لوحدهم، وتعثر الارادة التركية التوسعية المتزامن مع هبوط سعر الليرة التركية وانعدام الوان الامال في افق المنطقة لايجاد صيغة توافقية وحل سياسي يجنب ادلب المعركة القادمة، سيتحملها المسلح لوحده..
قبل ان تبدأ.. انها معركة خاسرة للمسلحين بكل المقاييس، ثمن باهظ الكلفة ان يفقد الارهابي التكفيري روحه في مقابل لا شيء.