هل ستنتهي الحرب في سورية؟
بدأ الحليف الرئيس للولايات المتحدة في سورية التحضير للمفاوضات مع الحكومة السورية التي برزت مرة أخرى كقوة رائدة في البلاد التي مزقتها الحرب على الرغم من قيام تمرّدٍ برعاية الغرب للإطاحة برئيسها. إذ عقد “المجلس الديمقراطي السوري” -الجناح السياسي للتحالف العسكري المدعوم من قبل الولايات المتحدة ذي الأغلبية الكردية، والذي يضم أفراد من العرب ومختلف الطوائف والمعروف باسم “قوات سورية الديمقراطية” – مؤتمراً استمر لثلاثة أيام، ذلك يوم الاثنين في مدينة الطبقة السورية الشمالية. دار الاجتماع حول المستقبل السياسي للبلاد، إذ ورد أن الاجتماع ضمّ كلًّا من المسؤولين الكرد وأعضاء من المعارضة السياسية السورية غير المشاركين في “الحرب الأهلية” التي دامت سبع سنوات بين الحكومة و “المتمردين”.
قال حكمت حبيب -أحد كبار أعضاء “المجلس الديمقراطي السوري- لوكالة الأنباء الفرنسية يوم الاثنين: «إن أحد أهداف الاجتماع هو إنشاء منصة للتفاوض مع “النظام” السوري». وأضاف «ستمثل هذه المنصة جميع مناطق الإدارة المستقلة وجميع المناطق التي تحتفظ بها “قسد”».
تقع الطبقة في المنطقة الواقعة تحت سيطرة “قسد” والتي تشكل ربع مساحة البلاد. وكانت “قسد” قد تلقت الدعم من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في المعركة ضد تنظيم “داعش”. وباستثناء بعض الجيوب التي انهارت سريعاً والواقعة تحت سيطرة “المتمردين والجهاديين”، استطاع الجيش العربي السوري استعادة السيطرة على بقية البلاد في حملة عسكرية مستمرة بدعم من روسيا وإيران.
دعت الولايات المتحدة الرئيس السوري إلى التنحي في أعقاب “ثورة” 2011 ضده، وانضمت إلى تركيا ودول الخليج في تمويل العديد من الجماعات “المتمردة”. ومع ذلك، تنامى الطابع الإسلاموي عند “المعارضة” السورية المشتتة في ترابطها وتدخلت روسيا لدعم [الرئيس] “الأسد”، فاستعادت حملة الحكومة السورية زخمها. في الوقت نفسه، بدّلت الولايات المتحدة أولوياتها وابتعدت عن تغيير “النظام” نحو محاربة “داعش” في سورية والعراق المجاور، الذي نشأ من تمرد “إسلاموي سنّي” أُطلِقُت شرارته نتيجة الغزو الأمريكي قبل عقد من الزمن.
على عكس “المعارضة المتمردة” في سورية، لم تطالب “قسد” [الرئيس] الأسد بالتنحي بشكل مباشر. وفي معادلة تُظهر مدى تعقيد الصراع السوري، قاتل عدد من المقاتلين الكرد في التحالف المدعوم من البنتاغون على أرض الواقع بجانب المقاتلين المؤيدين للحكومة ضد “المتمردين” الذين كانوا يتلقون مساعدة من وكالة الاستخبارات المركزية في السابق، كما كان الحال مع تركيا، حليف الولايات المتحدة في الناتو.
تعارض تركيا بشراسة تطلعات الكرد نحو الحكم الذاتي، لكن المسؤولين الحكوميين السوريين -مثل وزير الخارجية وليد المعلم- أظهروا بعض المرونة في السماح بدرجة محدودة “للحكم الذاتي” في المناطق التي يسيطر عليها الكرد في الشمال والشمال الشرقي. وقد تضمنت المحادثات التمهيدية لهذه الغاية عمليات تسليم للأراضي، بما في ذلك المناطق الغنية بالنفط في دير الزور، حيث لا يشكل الكرد أغلبية هناك.
كانت إلهام أحمد الرئيسة المشتركة لـ”المجلس الديمقراطي السوري” قد صرحت لقناة هاوار نيوز الكردية يوم الجمعة أن هناك حواراً يجري مع الحكومة السورية حول عودة سد الطبقة الضخم إلى سيطرة الحكومة. الأمر الذي أكده “المجلس الديمقراطي السوري” في بيان نُشِر في اليوم التالي.عقد “المجلس الديمقراطي السوري” مؤتمر الطبقة في اليوم نفسه الذي عقد فيه الرئيس دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين أول قمة ثنائية في العاصمة الفنلندية هلسنكي. ومن بين القضايا الأمنية الكبرى الأخرى، بدا أن القائدين قد أسسا أرضية مشتركة لحملاتهما العسكرية المتنافسة في سورية. كان ترامب ناقداً لخطة سلفه المتمثلة بدعم “المتمردين” السوريين والإطاحة بـ[الرئيس] الأسد، وقد طالب بأن تعمل الولايات المتحدة وروسيا سويةً في سورية.
إلا أن ترامب انضم إلى زعماء غربيين آخرين في اتهام [الرئيس] الأسد بارتكاب “انتهاكات لحقوق الإنسان” وشنَّ هجمات صاروخية ضد مواقع للحكومة السورية رداً على هجمات الأسلحة الكيماوية المزعومة. ومع ذلك، لم تكن عداوة ترامب لحليف [الرئيس] الأسد في إيران كافية لمنعه من التعبير عن رغبته بالانسحاب من الصراع بشكل كامل.
صعّدت “إسرائيل” هجماتها على مواقع إيرانية “مشبوهة” في سورية، لكنها خففت أيضاً من لهجتها ضد الرئيس السوري. بينما أشاد العميد الأردني خالد المساعيد في مقابلة حديثة مع صحيفة الرأي المحلية -وهو كان قد دعم المعارضة السورية سابقاً- بعودة الجيش السوري إلى الحدود واعتبره تطوراً إيجابياً وفرصة لاستئناف التعاون بين البلدين. ووفقاً لوكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، ناقش المسؤولون السوريون والعراقيون إعادة فتح الحدود يوم الاثنين،
كما ذكرَ الصحفيون أن المقاتلين الموالين لإيران كانوا قد انسحبوا من الهجوم السوري الأخير في درعا -التي سيطر عليها “المتمردون” سابقاً- كجزء من التفاهم الدولي لتفادي أي صراع لا ضرورة له مع “إسرائيل” في مرتفعات الجولان. وأكد [الرئيس] الأسد مجدداً حق إيران بالعمل في سورية كشريك للوطن، ودعا قوى خارجية أخرى غير مُرحّبٍ بها، كالولايات المتحدة وتركيا، إلى الانسحاب.
وفي أيار/مايو، كان الرئيس الأسد قد صرح لقناة (روسيا اليوم) الحكومية أنه مستعد للحوار مع “قسد”، قائلاً أن الحكومة «بدأت الآن بفتح الأبواب للتفاوض» لإعادة توحيد البلاد. ولكن إذا لم ينجح ذلك، فإن الجيش «سوف يلجأ إلى التحرير عن طريق القوة».
الناشر: نيوزويك Newsweekالكاتب: توم أوكونور Tom O’Connorتاريخ النشر: 17 تموز/يوليو
بالإتفاق مع مركز دمشق للدراسات
الجمل