تأكيدات لزيارة وفد أمني أميركي لدمشق: أول «اجتماعات إدلب» في مجلس الأمن
أكّدت وكالة «رويترز»، أمس، ما نشرته «الأخبار» عن زيارة وفد أميركي أمني لدمشق في حزيران الماضي. ونقلت الوكالة عن مسؤول في «التحالف الإقليمي» الداعم لدمشق تأكيده زيارة الوفد الذي يضم مسؤولين أمنيين واستخباريين، وأن «معظم التفاصيل التي وردت في تقرير الأخبار صحيحة». وفي تعليق على التقرير، قال مسؤولان أمنيان أميركيان رفيعا المستوى، رفضا ذكر اسميهما، إنه كان هناك «حوار مستمر مع أعضاء في نظام الأسد» حول إخراج «داعش» من سوريا ومخزون الأسلحة الكيميائية واستخدامها، بما في ذلك الكلورين، ومصير الصحافي أوستين تايس، الذي يعتقد مسؤولون بأنه محتجز لدى دمشق أو حلفائها، على ما نقلت الوكالة.
من جهة أخرى، افتتحت موسكو، أمس، أولى جلسات مجلس الأمن المخصصة لبحث التطورات في منطقة إدلب ومحيطها، والتي لا يتوقع أن تكون وحيدة، وخاصة في حال انطلاق عمليات الجيش السوري المرتقبة هناك. الجلسة، التي عقدت بدعوة روسية، بدت تحركاً استباقياً لأي حشد دبلوماسي غربي محتمل، قد يسعى إلى تقييد تحرك دمشق وحلفائها على الأرض، أو استغلال ذلك لتبرير تنفيذ اعتداءات جديدة على سوريا. وتضمنت تنويهاً من قبل الوفدين، السوري والروسي، إلى وجود معلومات حول مساع لفبركة هجوم كيميائي جديد في إدلب أو محيطها، لتبرير ضربة عسكرية غربية ضد مواقع حكومية سورية، سبق أن تعهدت بتنفيذها كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا. ووسط غياب سفيري الولايات المتحدة وفرنسا لدى المنظمة الدولية، وحضور نواب عنهما، أعادت بيانات الدول المتحالفة مع واشنطن، تحذيراتها من «المخاطر» التي قد تحملها العملية العسكرية على المدنيين في إدلب. وعبرت الدبلوماسية الأميركية كيلي كوري، التي مثلت بلادها، عن قلقها من إمكانية «استخدام النظام أسلحة كيميائية ضد المدنيين هناك». وكما العادة، تجاهل أي من مندوبي تلك الدول، الحديث عن وجود «هيئة تحرير الشام» وباقي الفصائل المرتبطة بتنظيم «القاعدة»، مقابل تشديد روسي ــــ سوري على الحق في إنهاء وجودها هناك، ودعوة من ممثل روسيا إلى واشنطن وحلفائها، إلى الضغط على الجماعات المسلحة لفصلها عن «التنظيمات الإرهابية». وهو ما يتقاطع مع ما نقل عن وزير الدفاع سيرغي شويغو، الذي قال إن الجيش الروسي يجري محادثات مع جماعات مسلحة في إدلب للتوصل إلى «تسوية سلمية». وتولت مساعدة السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة آن غيغين، مهمة تجديد التهديد للحكومة السورية بأن استخدام الأسلحة الكيميائية سيلقى «رداً عسكرياً» من جانب باريس ولندن وواشنطن. وهو ما حضر أيضاً في تصريحات لوزير الدفاع الأميركي جايمس ماتيس، الذي أكد في الوقت نفسه وجود «قناة تواصل» مع الجانب الروسي، في هذا الشأن.
ومع العودة المرتقبة لنشاط مسار جنيف، بدا لافتاً أن المعسكر الأميركي أعدّ توافقات عامة في الشأن السوري، سيخوض وفقها النقاشات مع الجانب الأممي، كما مع روسيا. إذ كرر وزير الدفاع الأميركي أمس، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس هيئة الأركان جوزف دانفورد، ما أشار إليه قبلاً، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، عن ضرورة السعي لـ«تمكين الشعب السوري من اختيار قيادته المستقبلية بنفسه»، ووفق تعبير ماتيس: لـ«تشكيل حكومة جديدة من دون (الرئيس بشار) الأسد». هذا الإطار العام المشترك، يلتزم فكرة «الانتقال السياسي» وفق مقررات جنيف، لكنه لا يعطي موقفاً واضحاً وحاسماً من طرح «اللجنة الدستورية» الذي خرج من «سوتشي». وسيكون حضور ممثلي الدول الأعضاء في «المجموعة المصغرة» إلى جنيف بناءً على دعوة من المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، في الرابع عشر من أيلول المقبل، أول اختبار حقيقي لاحتمال تعاون تلك الدول مع مبادرة «اللجنة الدستورية». وستكون الولايات المتحدة حاضرة في الاجتماعات، التي ستعقد بعد يومين على لقاءات مماثلة يجريها دي ميستورا مع ممثلي تركيا وإيران وروسيا، عبر الممثل الخاص الجديد المعني بالملف السوري، جيمس جيفري، ومبعوث البيت الأبيض الخاص بسوريا، جويل ريبورن.
أكدت واشنطن بقاء قواتها حتى تحقيق «تقدّم» في جنيف
وكان لافتاً أمس، تأكيد كل من ماتيس ودانفورد خطط بلادهما الخاصة بمستقبل القوات الأميركية في سوريا. إذ أعاد وزير الدفاع طرح «ثلاثة شروط» تسبق أي انسحاب محتمل من هناك، وهي هزيمة تنظيم «داعش» بالكامل، وتدريب قوات أمن محلية قادرة على «حفظ الأمن» وضمان عدم عودة «التنظيم» إلى النشاط مجدداً، إلى جانب تحقيق تقدم جدي في مسار «الحل السياسي» عبر محادثات جنيف فقط، والتي ترعاها الأمم المتحدة. ومع تأكيد ماتيس ودانفورد أن وزير الخارجية مايك بومبيو، يقود جهوداً مكثفة مع «الشركاء الإقليميين» لتأمين التمويل اللازم لعمل قوات «التحالف الدولي» وتدريب نحو 15 ألف عنصر من ضمن «قوات سوريا الديموقراطية» لمهمات «حفظ الأمن»، أكد المسؤولان العسكريان أن إخراج القوات الإيرانية من سوريا سيبقى ضمن أهداف واشنطن الأولى. وجاء ذلك بالتوازي مع ما نقلته وسائل إعلام إيرانية عن الملحق العسكري الإيراني في دمشق أبو القاسم علي نجاد، من تأكيد أن «استمرار وجود مستشارين إيرانيين في سوريا هو أحد بنود الاتفاقية الدفاعية والتقنية بين طهران ودمشق» والتي تم توقيعها أخيراً، ودخلت حيز التنفيذ مباشرة.
الأخبار