اليوم العالمي لمكافحة عمالة الأطفال: هل يدفع فيروس كورونا المزيد من الأطفال إلى سوق العمل؟
حذرت منظمة العمل الدولية من أنه من المرجح أن تؤدي التداعيات الاقتصادية لوباء كوفيد-19 إلى زيادة عدد الأطفال الذين يتم استغلالهم في العمل.
وفي تقرير نُشر بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة عمالة الأطفال الموافق 12 يونيو / حزيران، قالت منظمة العمل الدولية، وهي وكالة تتبع الأمم المتحدة، إن الصعوبات المالية يمكن أن تقوض أيضا التشريعات الموضوعة لحماية الأطفال من العمل الذي يحرمهم “من طفولتهم وإمكاناتهم وكرامتهم، وهذا يضر بنموهم البدني والعقلي”.
وقال بنجامين سميث، خبير عمالة الأطفال في منظمة العمل الدولية، لبي بي سي: “نحن قلقون من أن الدول ستخفف التشريعات وتزيل الحماية التي تمنع الأطفال من العمل”.
وأضاف قائلا: “وجهة نظرنا هي أن أي تحرك في هذا الاتجاه سيكون غير مقبول، فهذه الأزمة ليست ذريعة لعكس النتائج التي حققناها حتى الآن”.
كم عدد الأطفال العاملين؟
تعرِف منظمة العمل الدولية عمالة الأطفال بأنها انتهاك لحقوق الإنسان الأساسية وتتخوف من أنه مع تفشي فيروس كورونا قد ترتفع عمالة الأطفال لأنهم خارج المدرسة، فضلا عن وقوع العديد من الأسر في فخ الفقر.
وتبين أحدث الأرقام أن هناك 152 مليون طفل، تتراوح أعمارهم بين 5 و17 سنة، تعتبرهم المنظمة “ضحايا عمالة الأطفال”.
وينخرط حوالي نصفهم بما يعرف بالعمل الخطر، أي العمل في أنشطة خطرة أو في ظروف غير صحية.
وهذا الاتجاه هو الأكثر شيوعا في أفريقيا، حيث ينخرط واحد من كل خمسة أطفال في القوى العاملة، وفقا لتقديرات عام 2016.
وتقول منظمة العمل الدولية إن عمالة الأطفال، وهي في الغالب عمل غير مدفوع الأجر داخل وحدة الأسرة، مشمولة بسلسلة من اتفاقيات الأمم المتحدة التي تبناها أكثر من 180 دولة.
ويعد الالتزام العالمي بالقضاء على عمالة الأطفال بحلول عام 2025 أيضا جزءا من أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، وقد انخفضت الأرقام باستمرار وفقا للمنظمات المختلفة التي تراقب عمالة الأطفال في جميع أنحاء العالم.
لكن سميث يخشى من أن يؤدي الوباء إلى الضغط على الأسر المتضررة من المرض بشكل مباشر أو غير مباشر.
كما أن هناك مخاوف من أن المصاعب الاقتصادية التي يسببها الوباء ستعزز الدعوات إلى إعادة التفكير في الحظر المفروض على عمالة الأطفال، أو ستؤدي بالدول إلى تخفيف التشريعات.
ويقول سميث: “نخاطر بفقدان جيل إذا لم نصلح الأمور بشكل صحيح”.
وبين عامي 2000 و2016، انخفضت عمالة الأطفال بنسبة 38 في المئة حول العالم. وهذا يعني انخفاض عدد الأطفال العاملين حول العالم بمقدار 94 مليون طفل.
ومع ذلك، فقد ذهب بعض البلدان في الاتجاه المعاكس.
ففي عام 2014 خفضت بوليفيا الحد الأدنى لسن العمل بشكل قانوني من 14 إلى 10 سنوات في ظل ظروف معينة وبإشراف حكومي، وهي خطوة أثارت الجدل وانتقدتها منظمات حقوق الإنسان.
وربما لم تُشرّع دول أخرى عمالة الأطفال، ولكن لديها أعدادا كبيرة من الأطفال العاملين، كما شكك بعض الخبراء في فعالية الحظر الشامل على عمل الأطفال. وفي عام 2016 قالت مجموعة من الأكاديميين الدوليين إن الحظر “ضار وغير ضروري”.
وكانت حجتهم الرئيسية أنه لا يجب أن ينظر بالضرورة إلى العمل على أنه أمر سيئ للأطفال.
وغالبا ما يستشهد مؤيدو التغييرات القانونية بحالة السيناتور الأمريكي توم هاركين الذي اقترح في عام 1993 مشروع قانون يحظر استيراد أي منتج يتم تصنيعه باستخدام عمالة الأطفال.
لقد أراد هاركين، وهو ديمقراطي من ولاية أيوا، استهداف الملابس المصنوعة في بنغلاديش بشكل خاص، بعد برنامج تلفزيوني اتهم شركة والمارت العملاقة بالاعتماد على الموردين الذين يستخدمون عمالة الأطفال غير القانونية في الخارج.
ولم يتم تمرير مشروع القانون على الإطلاق، على الرغم من عدد من المحاولات على مدى عقد من الزمان. لكن الاقتراح الأصلي فقط أثار ذعر أصحاب المصانع في بنغلاديش بما يكفي لإقالة قوة العمل من الأطفال فيها على الفور تقريبا.
وقالت البروفيسور جو بويدن، أستاذة التنمية الدولية في جامعة أكسفورد، إن عدد هؤلاء الأطفال بلغ في ذلك الوقت 50 ألف طفل على الأقل.
وأضافت بويدن قائلة في لقاء مع بي بي سي عام 2018: “الأساس المنطقي لمشروع قانون السيناتور هاركين هو أنه من خلال حظر عمالة الأطفال سيذهبون بعد ذلك إلى المدرسة. لكن الدراسة التي أجريت مع بعض الأطفال لم تتوصل لطفل واحد يمكنه الالتحاق بالمدرسة”.
وتابعت قائلة: “انتهى كثير منهم في مهن بديلة أكثر خطورة، مثل البغاء وتقطيع القرميد (قوالب الطوب). وكانت هذه المهن البديلة أكثر خطورة من العمل في قطاع الملابس”.
وتعتقد بويدن، التي أجرت دراسات على آلاف الأطفال في إثيوبيا والهند وبيرو وفيتنام، أن المعايير القانونية لا تعكس الواقع اليومي للأطفال.
هل يمكن أن يساعد العمل الأطفال في الدول الفقيرة؟
وتوضح بويدن أن العديد من الأطفال يجمعون بين العمل والتعليم، باستخدام الأموال المكتسبة من عملهم لدفع ثمن الكتب المدرسية والزي المدرسي، وكذلك المساهمة في النفقات في منازلهم.
وسمعت بويدن أيضا من بعض الأطفال الذين درستهم أنهم يرغبون في العمل.
وقالت: “إن ما أراه مع الأطفال في البلدان الفقيرة الذين ينخرطون في العمل هو دخول تدريجي إلى سوق العمل، ولديهم بالفعل الكثير من المهارات المطلوبة”.
وأضافت قائلة: “إنهم يعرفون بالفعل كيفية إدارة الأموال، ويعرفون كيف يبيعون الأشياء”.
وعندما يتعلق الأمر بإعادة التفكير في حظر عمالة الأطفال، يزعم بعض الأصوات، بما في ذلك الأطفال العاملون أنفسهم، أن التشريعات المقيدة تقف في طريق حقوقهم ويناضلون من أجل تغييرها.
“بلا معنى”
غير أن بنجامين سميث، خبير عمالة الأطفال بمنظمة العمل الدولية، ينتقد أي اقتراح لتخفيف تشريعات عمالة الأطفال.
ويصر خبير عمالة الأطفال على أنه لا ينبغي العبث بالتشريع الحالي، على الرغم من اعترافه بأنه من المستحيل عمليا منع كل طفل في العالم من العمل وأن العمل قد يكون شريان الحياة للأطفال في الدول الأكثر فقرا.
ويقول سميث: “نحن نعلم أن هناك أطفالا يجب أن يعملوا، ويخبروننا أنهم بحاجة للعمل لوضع الطعام على المائدة، ونحن لا نعترض على ذلك”.
وأضاف قائلا: “لكن تقليل الحماية لجميع الأطفال في العالم أمر بلا معنى”.
وتابع قائلا: “عمالة الأطفال تديم فقرهم، وتسلبهم طفولتهم”.
بي بي سي