سامي كليب: المحور يرسم خريطة طريق لمواجهة الولايات المتحدة وقيصر
سامي كليب :
تكرّرت في الآونة الأخيرة اطلالات أمين عام حزب الله، وتركّز عددٌ لا بأس منها على الشأن اللبناني الذي أصيب باهتزازات شعبية وسياسية ومالية كثيرة منذ نهاية العام الماضي. لكن لا شك أن خطابه المتلفز الليلة كان الأوضح في رسم خريطة طريق سياسية ومالية وعسكرية للمحور سيكون لبنان النموذج الأبرز فيها، ما يدفع الطرف المؤيد للمحور الآخر الى رفع مستوى الهجوم وتكثيف المطالبة بسحب سلاح الحزب، لأن القبول بما قاله الأمين العام بالنسبة لهؤلاء يعني تغيير وجه لبنان واخراجه كليا من المحور الأميركي، وهذا حوله انقسام لبناني عميق.
عناوين كثيرة أطلقها السيّد في خطابه لكن يمكن اختصارها أولا إقليميا ودوليا بأن أميركا هي سبب مصائب لبنان وسورية، وان البديل جاهز في ايران والصين وغيرها من دول الشرق، ومحليا، أن الحزب مستعدٌ للنزول الى الشارع في أي لحظة يعتبر أن ثمة مؤشرات لفتنة ولن يسلّم السلاح مهما حصل، وان كانت المعادلة بين خيار القتل بالسلاح او الجوع ف ” السلاح سيبقى في أيدنا ونحن سنقتله ( رددها ٣ مرات) ” ، كما هدد بوجود ” معادلة” للرد على ذلك دون ان يكشفها.
في هذا الكلام ٣ احتمالات:
– اما ان الحزب يشعر بأنه بات في موقع القوة وعنده القدرة على قلب مصير لبنان برمّته اذا احتاج ذلك، خصوصا ان ” سورية انتصرت” وفق ما قال، وان حليفه رئيس مجلس النواب نبيه بري نجح في انزال الجميع عن الشجرة، وفي تخفيض طموحات الدكتور حسان دياب رئيس الحكومة الى أدنى حد، وفي ترويض الجميع واستعادة زمام المبادرة السياسية، فيما الزخم الشعبي تراجع أو انقسم .
– واما أن المحور وصل الى قمة الانزعاج والاختناق من الضغوط الأميركية وقانون قيصر، وبات لزاما على الناطق الأهم باسمه، أن يلوّح بالتهديد في أكثر الدول قدرة على التهديد من بين دول المحور، ما يعني الوصول الى شفير المواجهة الحقيقية.
– واما ان رفع السقف الى أقصاه الآن، أي قبل أشهر قليلة على الانتخابات الأميركية، مهمٌ لدفع دونالد ترامب الى التفكير بالعودة الى التفاوض بشروط أفضل لإيران التي تعرف في أوقات الانتخابات العالمية، كيف تلعب على التناقضات لتجذب أفضل العروض التفاوضية بين المتنافسين. فثمة معلومات خليجية تقول بوجود قنوات تواصل على خط ايران السعودية اميركا، لكن لم تؤد الى شيء فعلي حتى الآن، اضافة الى تفعيل القناة الأوروبية بغية إيجاد حل لقضية تمديد حظر السلاح على ايران ذلك انه في ١٨تشرين الأول/ أكتوبر المقبل من المنتظر رفع الحظر وفقا للاتفاق النووي، وهو ما قد يؤدي الى احراج كبير لترامب ما لم تنجح الوساطة الأوروبية مع طهران.
إضافة الى ما تقدم، فان ما كشفه السيد نصرالله من معلومات مالية الليلة، وحديثه عن وجود تسجيلات صوتية تؤكد أن اميركا لعبت بالدولار وتمنع المصرف المركزي من ضخ هذه العملة في الأسواق اللبنانية، يخدم الهجوم المعاكس الذي بدأ بشنّه. وهو يضاف الى ما قاله الحزب والحكومة في الأيام الماضية عن وجود مخططات وغرف سوداء، كما يضاف الى انخراط الأمن العام اللبناني بملاحقة المتلاعبين بصرف العملة.
بهذا المعنى، فخطاب الليلة، يُمكن اختصاره بجملة واحدة :” هذه هي خريطة طريق محورنا، سنمضي بها ومن لا تعجبه فليبلط البحر، ونحن مستعدون للمواجهة داخليا وخارجيا”….. لعل الحزب انتقل بذلك من موقع التبرير الى متراس الهجوم وصار اصبعه على الزناد، من منطلق أحرجتمونا فاخرجتمونا. لا شك ان في الأمر خطوة إضافية وخطيرة ، نحو رفع منسوب احتراب المحورين. فلبنان عاد بامتياز ساحةَ المواجهة بينهما، فيما أميركا تسعى الى تحييد العراق بعدد من الاتفاقات التي أثارت أيضا أهل المحور فاصدروا بيانات منددة.
ربما الآن مراقبة ردود فعل خصوم الحزب وداعموهم مهمة، كما سيكون مهما أيضا رصد قدرة السيد نصرالله وحلفاؤه على التعامل مع شارع لبناني يقول انه ما عاد يهمه الا لقمة العيش وهو قابل للخروج عن الضوابط والخطوط الحمراء في أي لحظة، فكيف اذا كان بعض الشارع ينتمي أيضا الى خصوم الحزب؟
موقع خمس نجوم