أسباب رفع المركزي السوري لسعر الصرف وارتباطه بقانون سيزر
رفع مصرف سوريا المركزي، يوم أمس، سعر صرف الدولار الأمريكي إلى 1256 ليرة سورية، بعد أن كان قد حدده منذ آذار/مارس الماضي بنحو 700 ليرة للدولار الواحد.
يأتي هذا القرار تزامنا مع نفاذ قانون سيزر الأمريكي، والقاضي بفرض عقوبات اقتصادية خانقة على الحكومة السورية، وملاحقة الأفراد المجموعات وكل من يتعامل معها.
وتعاني سوريا من أزمة اقتصادية قاسية بعد أكثر من 9 سنوات حرب تعصف بالبلاد، وخصوصا في الأسبوعين الأخيرين، حيث شهد الأسواق ارتفاعا غير مسبوق في سعر صرف الليرة السورية، مع ارتفاع جنوني في أسعار المواد والسلع الاستهلاكية، على الرغم من الإجراءات وآليات العمل التي تتخذها الحكومة السورية باستمرار للسيطرة على الأسواق، وعلى سعر صرف القطع الأجنبي.
الارتباط والأسباب
وحول توقيت الخطوة التي قام بها المصرف المركزي وأسبابها، ومدى ارتباطها بقانون قيصر الأمريكي، اتصلت وكالة “سبوتنيك” مع المحلل الاقتصادي فادي عياش، والذي أكد أن هذه الخطوة تأتي لتخفيف الفجوة بين السوق السوداء والسعر الرسمي، ويتابع:
لا علاقة لها أبدا بقانون قيصر، وهي تأتي ضمن الإجراءات والمحددات الاقتصادية، وبكل تأكيد قانون سيزر له ظل على كل الوضع الاقتصادي في سوريا، لكنه ليس سبب مباشر لرفع سعر الصرف.
ويكمل: يأتي هذا القرار مراعاة لمؤشرات اقتصادية أخرى، ومحاولة لتقليص السعر التفضيلي للحوالات بما يتناسب مع ظروف المحولين والمغتربين، ولكن لا أعتقد أن هناك ارتباط مباشر سلبا أو إيجابا مع قانون قيصر، لأن هذا الأمر يرتبط بقيمة الحوالات وأسلوب التحويل.
وفي حوار مع “سبوتنيك” كذلك أكد الخبير الاقتصادي عمار يوسف أن الأمران لا علاقة لهما ببعض، ويوضح: بالتأكيد ذلك لا يرتبط بقانون سيزر نهائيا، بل هو عبارة عن عملية داخلية داخل المصرف المركزي وتأتي ضمن سوريا، وقد يكون هناك عدة أسباب وراء ذلك، ولا أحد حتى الآن يعرف السبب الحقيقي الذي يقف خلف القرار.
وعن الأسباب يقول الخبير الاقتصادي: قد يكون ذلك كمحاولة لتخفيض سعر السوق السوداء، ومقاربته مع السعر النظامي، أو قد يكون ذلك لجذب الحوالات في حال تم تخفيض سعر الدولار غير الرسمي.
ويواصل: الشيء الآخر الذي قد يكون السبب أن هناك الكثير من العقود والمناقصات التي يتم الاتفاق عليها بالدولار، لكن الدفع يتم بالليرة السورية، وأحيانا يكون هناك اعتراض على السعر الرسمي من قبل التجار أو مستوردي المواد، فاضطروا إلى رفع سعر المركزي ليكون قريب من السعر الخارجي.
ويضيف: لا أعرف ما هي نظرة المركزي للأمور، لكن ذلك لن يؤثر على الوضع الاقتصادي في سوريا، إلا في حال تم السيطرة على سعر الصرف، وعدم تركه متذبذب بهذه الطريقة التي هو بها، وعملية السيطرة هي الأساس بالمطلق.
حلول يمكن أن يقوم بها المصرف المركزي
وعما إذا كانت هذه الخطوة هي آخر ما يستطيع المصرف المركزي القيام به، أم أن هناك خطوات أخرى على الطريق، والأوراق التي يمتلكها، يقول المحلل فادي عياش: كنا نتمنى لو أن المركزي يقارب سعر السوق بالنسبة للسعر التفضيلي للحوالات، لأن ذلك يمكن أن يساهم في تأمين الحوالات، ولكن طالما هناك فرق كبير بين السعر الرسمي وسعر السوق، بكل تأكيد الحصيلة لن تكون مرضية كحوالات خارجية.
ويضيف متحدثا عن قانون سيزر: كما نعلم جميعا القانون زاد وشدد العقوبات على المركزي السوري، وليس هناك من إجراءات كثيرة يستطيع أن يمارسها المصرف حاليا، وهو الآن يقوم بسياسة حذرة جدا من خلال الإدارة الرشيدة للاحتياطي، وهذا الأمر ما لا يرغبه أعداء البلد، وهم يضغطون بشدة على المواطنين لإرغام المركزي للتصرف بالاحتياطي، ما يضعف الوضع الاقتصادي أكثر وأكثر في البلد.
ويستطرد عياش: السياسة المتحفظة التي ينتهجها المركزي ولو أنها أثرت على سعر الصرف ساهمت بشكل غير مباشر بتعميق الأثر، إلا أنها على المدى البعيد ستكون الأنجح والأنجع على المستوى الاقتصادي.
ويوضح أن تحسين وضع الليرة السورية في هذه الظروف الصعبة جدا، فهو يحتاج إلى تركيز تام على دعم الإنتاج، لأن ذلك يؤدي إلى تلبية الطلب المحلي وتخفيض الطلب على القطع الأجنبي، وهذا يساهم في عملية تخفيف سعر الصرف، كما أن زيادة الإنتاج يعزز القيمة المضافة وتخفف فاتورة المستوردات، وإيجاد فرص للتصدير.
اما الخبير عمار يوسف فينظر بسلبية إلى دور المصرف المركزي منذ البداية، وعن ذلك يتحدث قائلا: من بداية اهتزاز العملة المصرف المركزي كان بوادي والسوق السوداء كانت بوادي آخر، ولم يتحرك ولم يقم بأي إجراءات الهدف منها السيطرة على سعر الدولار، ونحن نرى الأمر على أرض الواقع، حيث لا خطوات واضحة للسيطرة على سعر الصرف.
ويكمل: كان هناك دائم انفصال عن الواقع، وكانت كل أفعاله عن كلام إعلامي غير مجدي، ولم يقم بأي دور من الأدوار الملزم بها كبنك مركزي خاص بضبط سعر صرف العملة، وهذا سبب كان في ارتفاع سعر صرف العملة إلى حد كبير.
الحسابات في مصارف لبنان
وتشير بعض التقارير غير الرسمية إلى أن ما يقارب من 50 مليار دولار ودائع لسوريين في لبنان، والتي يمكن أن تشكل إضافة قوية ودعما كبيرة لليرة السورية، في حال تم استعادتها أو تأهيل الظروف لعودة هذه الأموال.
وعما إذا كانت هذه الأشياء من خطط المصرف المركزي، يرى المحلل الاقتصادي عياش، بأن لا سلطة للمركزي على هذه الودائع، ويوضح:الحسابات الموجودة في لبنان ليست للدولة بل لأشخاص سوريين يعملون من خلال المصارف هناك، بغض النظر سواء كان بغرض الادخار أو الاستثمار أو التمويل، وهناك مجموعة من الضروف القاسية جدا تجمعت وأثرت على قيمة الليرة السورية، جزء منها من لبنان.
ويكمل عياش: لبنان كان عبارة عن منفذ رئيسي للتمويل في السوق السورية، وقانون سيزر لا يؤثر بشكل مباشر على هذه الحسابات على اعتبار أنها لأفراد، إلا ما كان يرتبط بالحكومة حسب نص القانون، وبالتالي لا ينبغي أن يكون لقانون سيزر تأثير شديد على الحسابات في لبنان.
ويضيف: الأزمة المالية اللبنانية بحد ذاتها هي التي تؤثر على هذه الأرصدة لعدم قدرة أصحاب هذه الأرصدة على تحريكها بالشكل المطلوب، وبالتالي الأثر يكون بحكم مفاعيل الأزمة اللبنانية الأداء المصرفي اللبناني.
كذلك يقول الخبير الاقتصادي عمار يوسف، بأن المصرف المركزي على الإطلاق غير قادر على التأثير أو جلب الودائع السورية الموجودة في لبنان، بأي شكل من الأشكال، وهذه الأموال مسقطة من حسابات العملة السورية، ولم تدخل ضمن الحسابات السورية.
ويختم حديثه: الشخص الذي أخرج نقوده من سوريا إلى لبنان، ليس ليعيدها إلى سوريا مرة ثانية، وهو يمكن أن ينقلها إلى أي بنك من بنوك العالم، ولكن من المستحيل إلى سوريا، وهناك خلل أساسي بالأشخاص الذين وضعوا هذه الودائع خارج سوريا
سبوتنيك
اقرا أيضا: الولايات المتحدة تهدد الإمارات بقانون قيصر اذا واصلت انفتاحها على سوريا
شكراً لكم لمشاركة هذا المقال.. ضع تعليقك في صفحتنا على موقع فيسبوك