كيف تخسر الملايين بسبب وسائل التواصل الاجتماعي؟
يقضي الناس العاديون ما يقرب من 1471 ساعة أي 61 يومًا سنويًا في مشاهدة التلفاز وألعاب الفيديو ووسائل التواصل الاجتماعي والتي تستحوذ بمفردها على 400 ساعة سنويًا وفقًا لدراسة عام 2018، وهذا للفرد الواحد فقط، فإذا ضربت هذا الرقم في العدد الإجمالي للسكان في سن العمل والدراسة ستجد مليارات الساعات المفقودة والتي تذهب هباءً خلف الشاشات، وركزت الدراسة على الوضع في أمريكا وبينت إهدار 631 مليار ساعة سنويًا بسبب الشاشات.
في حين أن تعلّم أي مهارة جديدة لن يأخذ الكثير من الوقت الذي تقضيه وأنت تتصفح وسائل التواصل الاجتماعي، فمثلًا تعلم التزلج أو السباحة حتى تتجنب الغرق أو حتى لغة جديدة، كل هذا قد لا يستغرق 50% من وقتك أمام الشاشات دون طائل.
وفي المتوسط يقضي المستخدم ساعتين على الأقل يوميًا على تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي والتي تصل إلى 5 سنوات و4 أشهر طول الحياة، وإذا كنت تتساءل عمّا يمكنك القيام به في هذا الوقت، فعلى الأقل يمكنك الطيران إلى القمر والعودة 32 مرة بالإضافة إلى اكتساب الكثير جدًا من المهارات التي تساعدك في عملك وفي حياتك، وبالتالي اكتساب المزيد من الأموال والتي تخسرها فعليًا أمام الشاشات.
لكن لماذا يقضي الناس وقتهم أمام التلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي؟
يعتقد الكثير من الناس أنهم يكتسبون أهمية كبرى من تعليقات الآخرين على صورهم وأحداثهم الشخصية، كما يعتقدون أيضًا أنهم يفرّغون عن الضغوط ويقتلون الملل من خلال الألعاب والتحدّث قليلًا مع الأصدقاء وغيرها، وأن هذا بالتالي يجعلهم أكثر إقبالًا على العمل والدراسة وغيرها وأن الترفيه جزء أساسي من الحياة لا مفر منه.
وبالطبع الترفيه أمر ضروري لتجديد النشاط، لكن هل وسائل التواصل الاجتماعي تقوم بالترفيه فعلًا، وهل هي وسيلة لعقد الصداقات بشكل حقيقي.. هذا ما نفته الكثير من الدراسات.
وسائل التواصل الاجتماعي تستنفذ أموالك
سواء من خلال الألعاب التي لا تمانع في إنفاق عدة جنيهات أو دولارات عليها يوميًا للوصول إلى مرحلة أعلى، أو من خلال تسليط الضوء على نمط حياة استهلاكية من خلال كميات كبيرة من الإعلانات التي تغريك بشراء أشياء تستطيع بمنتهى السهولة الاستغناء عنها، فإن هذه الوسائل جعلت إنفاق الأموال أسهل بكثير.
فإذا كان التسوّق العادي يتطلب تغيير الملابس والنزول والتوجه إلى السوق ومقارنة الأسعار فإن وسائل التواصل لا تجعلك تفكر مرتين، كما أن التنافس بينك وبين أصدقائك الوهميين على فيسبوك وغيره يجعل كل شخص يرغب في التفاخر أمام غيره، مما يجعلك تنفق أكثر بكثير من دخلك الذي كان يمكنك ادخاره لشراء منزل أو سيارة أو حتى بدء مشروع جديد يدر عليك أرباحًا طائلة.
وفي المقابل فإن تلك الوسائل الاجتماعية والقائمين عليها يكسبون ملايين الدولارات شهريًا من مجرد دخولك على الصفحات فما بالك حين تدفع أي مبلغ ولو رمزي؟
وسائل التواصل الاجتماعي تزيد من حالة الملل
أي شخص معرّض للشعور بالملل، ولأن الهاتف في متناول يدك دائمًا فهو أسهل شيء تقوم بالتقاطه واللعب به للتخلص من الملل وقتل الوقت، وأنت بالفعل تقتل الوقت لكن لن تتخلص أبدًا من الملل بتلك الطريقة.
فأنت ترغب في التخلص من الملل لتشعر بالسعادة، ولكن ما يحدث هو العكس تمامًا وذلك وفقًا لأكثر من دراسة علمية آخرها تلك التي أجريت في جامعة تمبل والتي أثبتت أن اللعب بالهواتف لفترة طويلة يستنفذ الطاقة ويجعلك أقل صبرًا وأكثر شعورًا بالملل عما قبلها.
والأكثر خطورة أنه كلما قضيت وقتًا أطول أمام الهاتف فإنه من الصعب مقاومته نظرًا للقليل من الإثارة التي تشعر بها وأنت تلعب أو وأنت تتصفح المنشورات، ولكن تجد أن شعورك بالملل سيتزايد فتحاول التغلب عليه بالمزيد من المكوث أمام الشاشة وهكذا تظل في دائرة مفرغة إلى الأبد، فالأمر يشبه بالفعل إدمان المخدرات، القليل من الإثارة يتبعها الكثير من الألم والندم وعدم القدرة عن التخلّي عمّا تدمنه.
وسائل التواصل الاجتماعي تزيد من عدد الأصدقاء
وهذه هي الخرافة الأشهر في عالم التواصل الاجتماعي، فكل من يتابعونك أو على صفحتك هم ليسوا أصدقاء من قريب ولا من بعيد، بل مجرد أسماء قد لا تتذكرها على الإطلاق ولا هم يتذكرونك أيضًا.
لن ننكر بالطبع أن الاتصالات الهاتفية والزيارات أصبحت من الأمور النادرة في العصر الحديث وأن تلك الوسائل أتاحت المزيد من التواصل مع زملاء الدراسة القدامى، ولكن إذا كنت تمضي من 2-4 ساعات أمام الشاشات، هل لن يكون من الأفضل الاتصال لمدة 5 دقائق بكل شخص من أصدقائك ومعارفك الحقيقيين..؟ صراحةً الأمر يستحق التفكير.
ومن ناحية أخرى فكر في عدد المناقشات الجدلية التي دخلت بها وخرجت منها وأنت تخسر الكثير من معارفك وأصدقائك دون أن تكتسب أي شيء على الإطلاق سوى استهلاك أعصابك واستنفاذ صبرك وطاقتك التي كان يمكنك إخراجها في شيء مفيد، ومن جديد كل هذا يتحول إلى خسائر في الأموال.
إذًا هل نتوقف عن متابعة مواقع التواصل الاجتماعي؟
في الواقع لا يمكن إنكار أنك قد تتابع أخبار الكثيرين سواء من المشاهير أو من أصدقائك من خلال الفيسبوك وإنستغرام وتويتر وغيرها، فسواء حالات الوفاة أو الزواج أو أي أخبار أخرى ينشرها الناس يوميًا، ولكن تصفح هذه الأخبار لا يجب أن يأخذ من وقتك أكثر من 15 دقيقة يوميًا على الأكثر، وبعد هذا تنتقل إلى العالم الواقعي وتتواصل مع أصدقائك الحقيقيين.
أو تبدأ في ممارسة هواية مسلية كنت تستمتع بها قبل ظهور تلك المواقع، وستجد أنك تخلّصت فعليًا من الملل ودون إدمان.
كيف يمكنك التخلص من سيطرة مواقع التواصل الاجتماعي؟
وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات الألعاب أصبحت أمرًا واقعًا قد لا ينجح الكثير من الناس في التخلّص منه فضلًا عن إدراك خطورته أصلًا سواء على المال أو الوقت أو الصحة العقلية والنفسية، لذا إذا بدأت تشعر بالقلق فيمكنك اتباع الآتي لمحاولة التخلص التدريجي من سيطرة تلك المواقع عليك:
1. تحدَّ نفسك بعدم تصفح الهاتف إلا في أوقات محددة
حدّد وقتًا معينًا في اليوم تتصفح فيه الهاتف وذلك بعد أن تكون أنجزت مهامك العملية والمنزلية والعائلية، ولا تلتفت له مهما شعرت بالملل.
2. افصل تطبيقات التواصل مع زملاء العمل عن غيرها
أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي وسيلة لمناقشة أمور العمل أيضًا، فالمسنجر والواتسآب وغيرها يستخدمها الكثير من الزملاء في تحميل الملفات والوصول إلى بعضهم البعض سريعًا، ولكن وجود المسنجر مثلًا لا يعني ضرورة وجود الفيسبوك على الهاتف أيضًا، كما يمكنك تجاهل الاشتراك في مجموعات المسنجر لعدم إضاعة وقتك في تصفح رسائل لا أهمية فعلية لها.
3. كتم إشعارات الألعاب ومواقع التواصل
إذا كنت مدمنًا على لعبة معينة فإنك مع وصول كل إشعار ستجد نفسك ممسكًا بالهاتف وتتجول به وتفتح اللعبة أو التعليق الذي وصلك على منشور، لذا كتم صوت الإشعارات لن يشتّت انتباهك في أوقات العمل أو الاسترخاء أو التواصل مع أسرتك.
4. اكتشاف المزيد من الأنشطة المثيرة
إن الحياة أكبر بكثير من فيسبوك وإنستغرام، كما أن كاندي كراش ليست هي وسيلة الترفيه الوحيدة، فبالتأكيد لديك هوايات حرمت نفسك منها تحت اسم ضغوط العمل والحياة، وفي الواقع فإنك ستستمتع بها أكثر وتشعر بالإقبال على الحياة والعمل أكثر إذا عدت لممارستها مجدّدًا.
المصدر: أراجيك
اقرأ أيضا: تويتر يبدأ رسميًا باختبار “التغريدات الصوتية”
شكراً لكم لمشاركة هذا المقال.. ضع تعليقك في صفحتنا على موقع فيسبوك