الحرب أم حافة الحرب !؟
نبيه البرجي
لو جيء لهم برأس بنيامين نتنياهو لقالوا… «نريد رأس حسن نصرالله»!!
أي معنى للتعليقات التي أعقبت كلام الأمين العام لـحزب الله، سوى أنها جاهزة، وسوى أنها عمياء، ويفترض أن تحط الرحال اما على طاولة صاحبة السعادة السفيرة أو في سروال أي شيخ قبيلة في مضارب العرب؟
هذا كلام ليس من أجل دمشق، وان كنا نعتقد، بجدلية القلب وبجدلية العقل، وحيث التفاعل بين قوة التاريخ وقوة الجغرافيا، أن سقوط دمشق يعني، تلقائياً، سقوط بيروت. ليس، كما قال أحدهم، كلاماً من أجل طهران البعيدة عن التداعيات الجهنمية لـ«صفقة القرن». البعيدة، بنظامها، عن
واقعنا وعن ثقافتنا…
لا بد أن يكون أصحاب التعليقات قد قرأوا تغريدة الأكاديمي «الاسرائيلي» ايدي كوهين تعقيباً على موقف الملك عبدالله الثاني من الحاق مستوطنات الضفة باسرائيل. «دبابتان وثلاث ساعات ونحتل الأردن». لا نعتقد، بل ونجزم، أن ليس باستطاعة مليون دبابة، والى الأبد، أن تطأ أرض لبنان.
ماذا فعل لبنان للولايات المتحدة لكي تطبق عليه الى حد الاختناق ؟ كل ما في الأمر أننا لا نستطيع أن نكون سدنة الهيكل، ولا نستطيع أن نبني، بعظامنا، الهيكل، من أجل أولئك الذين يقول كتابهم المقدس، بالغاء الآخر، وبتدمير الآخر، وبقتل الآخر.
لنتذكر أن اتفاقاً للسلام (وادي عربة) يربط ما بين الأردن و«اسرائيل»، وأن المملكة قامت، أساساً، لتكون الخنجر في ظهر فلسطين، ولتكون الخنجر في ظهر سوريا. اذا تسنى لكم أن تطّلعوا على أسرار اللقاءات بين الملك عبدالله الأول وغولدا مئير التي كانت تتنكر بملابس رجل.
وقيل أن صاحب الجلالة وقع في غرام المرأة التي صعقت، بقباحتها، فرنسوا ميتران، فقال «كما لو أنها سقطت للتو من مؤخرة يهوذا»!
تلك الصواريخ التي أرست معادلة «توازن الرعب»، وحالت دون كوهين، أو أي كوهين آخر، والقول عن لبنان ما قاله عن الأردن، ليست، ولن تكون، لخدمة ايران، وانما لخدمة لبنان الذي نعود ونسأل، بالسذاجة اياها، لماذا بقيت «اسرائيل» على أرضه لأكثر من ثمانية عشر عاماً بعدما نفذت عمليتها بتدمير منظمة التحرير، وترحيل ياسر عرفات قبل أن يعود ويتسلل، أمام ناظريها، الى طرابلس.
ما قاله السيد هو للبنان الذي خطط أصحاب «صفقة القرن» لاحداث تغيير دراماتيكي في بنيته الديموغرافية وفي بنيته الدستورية، دون تبرئة المنظومة الساسية من مسؤولية الانهيار، ودفع البلاد الى ذلك الوضع الذي يقضي على أي مفهوم للسيادة. عراة على باب صندوق النقد الدولي، وما أدراك ماهو الصندوق ومن هم أهل الصندوق…
اقرأوا ما وراء الكلمات، وما أمام الكلمات. السيد ليس من النوع الذي يلقي كلامه جزافاً. الأميركيون يدركون ذلك, الاسرائيليون أيضاً. هذه الحالة التي يريد دونالد ترامب تكريسها، بالشراكة مع بنيامين نتنياهو، وبمعادلة الذئب والحمل، لن تبقى ولو اقتضى الأمر اجراء عملية جراحية… بالصواريخ.
لبنان لن يقضي جوعاً، ولن يسمح بأي تفجير داخلي. اتصالات التنسيق «شغالة» بين الدول التي طاولتها العقوبات الأميركية. قبل أيام سألنا ما اذا كان حصار سوريا يفجر الشرق الأوسط. الآن حصار لبنان أيضاً. قانون قيصر اعلان حرب من الذين يخشون (أجل يخشون) التبعات المريعة للحرب.
ذاك كلام لا يقبل التأويل. ذاهبون الى الحرب أو الى حافة الحرب. الهدف… احداث تغييير عاصف في المشهد، أو في المسار، الاستراتيجي في الشرق الأوسط. بمعنى آخر لا لاستراتيجية وحيد القرن. الكلام الذي وصل الى ترامب، وصل الى نتنياهو. الاثنان يعلمان ما التبعات الكارثية للانفجار، وما هو مآلهما. بطبيعة الحال، مآل «صفقة القرن».
لا خيار آخر لوقف الاعصار الذي يجتاح لبنان، ويجتاح المنطقة. لن نكون سراويل للحاخامات، ولن نكون الا لبنانيين في الهوى، وفي الهوية. لندع الدجاج يتلقف التعليقات العمياء…
الديار