جون بولتون: بوتين مثلنا لا يريد إيران في سوريا
في اللقاء الذي جمع جون بولتون مع الرئيس فلاديمير بوتين، تحضيراً للقمة المرتقبة بين الرئيس دونالد ترامب ونظيره الروسي، في هلسنكي في أيار / مايو 2018، تمحور جزء كبير من الحديث حول سوريا.
وعن هذا الموضوع، قال بولتون إنّ بوتين أشار إلى «رغبتنا في رؤية القوّات الإيرانية تنسحب (من سوريا)»، متسائلاً: «من سينجز ذلك؟».
«كانت هذه واحدة من تلك اللحظات التي توجّه فيها بوتين إليّ، وقال إنه يجب أن أخبر ترامب مباشرة بأنّ الروس ليسوا بحاجة إلى إيرانيين في سوريا، وبأنه لا توجد مصلحة لروسيا في وجودهم هناك»، أضاف بولتون، موضحاً أنّ إيران «كانت تتبع أجندتها الخاصة، بالنظر إلى أهدافها في لبنان ومع الشيعة، التي لا علاقة لها بالأهداف الروسية، والتي تخلق مشاكل لهم ».
بحسب ما نقله بولتون عن بوتين، فإنّ «هدف روسيا هو تعزيز الدولة السورية لمنع الفوضى، كما حصل في أفغانستان، في حين تمتلك إيران أهدافاً أوسع».
ولكن «بينما أرادت روسيا خروج إيران من سوريا، لم يعتقد بوتين بأنّه يمكنه ضمان حدوث الانسحاب الكامل، ولم يكن يريد أن تقدّم روسيا وعوداً لا يمكنها الوفاء بها».
الهاجس لدى بوتين، وفق بولتون، هو أنه «في حال جرى سحب الإيرانيين، فمن الذي سيدعم القوات السورية ضد عدوان واسع النطاق ؟، مفترضاً أنّ الرئيس الروسي «يعني المعارضة السورية وأنصارها الغربيين».
في هذا المجال، يوضح المستشار الأميركي السابق للأمن القومي أنّه «لم تكن لدى بوتين نية لاستبدال القوات الإيرانية بالقوات الروسية في الصراع السوري الداخلي…
أراد تفاهماً واضحاً مع الولايات المتحدة بشأن سوريا، ثم تطرّق إلى جوانب مختلفة من الترتيبات العسكرية الأميركية والروسية هناك، مع التركيز بشكل خاص على منطقة التنف».
بوتين ذهب أبعد من ذلك، «قائلاً بثقة، إنّ ما يصل إلى 5000 من السكان المحليين بالقرب من التنف كانوا، في الواقع، من مقاتلي داعش، الذين سيتبعون ظاهرياً التوجيهات الأميركية، لكنّهم يخونوننا عندما يناسبهم»، مشيراً إلى أنّ الرئيس الروسي شدّد على أنّ هؤلاء المعارضين«ليسوا حلفاء موثوقين لنا.
بدلاً من ذلك، حثّنا على دفع عملية السلام السورية إلى الأمام. ولكني قلت إن أولوياتنا هي تدمير داعش وإزالة جميع القوات الإيرانية. لم نكن نقاتل في الحرب الأهلية في سوريا، كانت أولويتنا إيران».
لم ينتهِ الحديث بين الرجلين عند هذا الحد، فبحسب بولتون «سخر بوتين من انسحابنا من الاتفاق النووي»، متسائلاً: «الآن، بعدما انسحبت الولايات المتحدة، ماذا سيحدث إذا انسحبت إيران؟».
وعلى حدّ تعبير بولتون، فقد اعتبر أنّ «إسرائيل لا تستطيع القيام بعمل عسكري ضد إيران وحدها، لأنها لا تملك الموارد أو القدرات، خاصة إذا اتحد العرب خلف إيران»، الأمر الذي عقّب عليه بولتون واصفاً إياه بأنه «سيكون منافياً للعقل».
على طريق زيارة ترامب إلى هلسنكي للقاء بوتين، كانت هناك محطّة في لندن، حيث التقى رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي التي تطرّقت إلى «كيفية التعامل مع الوجود الروسي في سوريا»، مؤكدة أنّ «بوتين يقدّر فقط القوة، على أمل واضح بأن ترامب سيولي الاهتمام».
بولتون، بدوره، شرح ما قاله له بوتين قبل بضعة أسابيع بشأن العمل لإخراج إيران من سوريا، «الأمر الذي كان البريطانيون متشكّكين فيه»، مضيفاً: «فقلت: أنا لا أشهد على مصداقية بوتين»، الأمر الذي ردّت عليه ماي قائلة: «حسناً، لم نتوقّع ذلك منك على وجه الخصوص، جون!»، ليسود الضحك بعد ذلك.
في هذا اللقاء، أظهر ترامب جزءاً من جهله، ذلك أنه جرى التطرّق إلى قضية ضابط الاستخبارات الروسية السابق سيرغي سكيبرال الذي لجأ إلى بريطانيا بعد انشقاقه، وتعرّض إلى ما قيل إنه «هجوم كيميائي»، وهو ما وُصف خلال اللقاء بـ«هجوم بالأسلحة الكيميائية على قوة نووية».
إلّا أنّ المثير للسخرية في هذا المجال، كان تعقيب ترامب الذي سأل: «أوه، هل أنتم قوة نووية؟»، وهو ما أشار إليه بولتون، قائلاً: «كنت أعرف أنه لم يكن يقصد أن تكون مزحة».
الحديث عن الوجود الإيراني في سوريا تكرّر في أكثر من محطّة، ويبدو أنه لم يكن هاجساً أميركياً، أو إسرائيلياً فقط، ولكن روسي أيضاً.
فبعد لندن، انتقل الوفد الأميركي إلى تورنبيري في أسكتلندا، حيث أجرى ترامب ومرافقوه مكالمات عدّة مع رئيس الورزاء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. «كان الموضوع الرئيسي، لقاء نتنياهو الأخير مع بوتين، وخصوصاً ما ناقشاه بشأن سوريا»، مضيفاً أنه «كما أشار في اجتماعه السابق معي، أخبر بوتين نتنياهو بأنّ إيران يجب أن تغادر سوريا، قائلاً إنه يشاركنا هدفنا، لكنّ الأسد يرفض الضغط على الإيرانيين».
ما هي هذه المشكلة؟ بحسب بولتون «كان الأسد يعتمد، بالطبع، على تحالفه مع ايران لإحراز تقدّم في إدلب ضد المعارضة السورية والعديد من الجماعات الإرهابية».
ولكن بالنسبة إلى المستشار السابق للأمن القومي «فقد كان التعامل مع موضوع إدلب أمر واحد، ولم يكن هناك عذر للأسد وراء استيراد أنظمة الأسلحة التي يمكن استخدامها فقط لتهديد إسرائيل».
«بدا بوتين متفهّماً لذلك»، وفق بولتون، ولكن أيضاً هذه المرة «لم يستطع تقديم أي وعود». فقد ضغط نتنياهو، خلال المكالمة على بوتين «من أجل حدود دائمة على مرتفعات الجولان، وهو هدفٌ إسرائيلي قديم، مع سوريا من جهة وإسرائيل من جهة أخرى». ولكن «هذا يعني القضاء على قوة فض الاشتباك التابعة للأمم المتحدة ومناطق الفصل، والعودة إلى ترسيم حدّ عادي».
أخيراً، حطّ الحديث عن الوجود الإيراني في سوريا رحاله في قمة ترامب ــــ بوتين في هلسنكي. عن هذا اللقاء الانفرادي بين الرئيسين والذي دام لحوالى الساعتين، يقول بولتون إنّ فريق ترامب تعرّق بانتظار انتهائه.
بعدها خرج الرئيس الأميركي وأطلع فريقه، ومن ضمنه بولتون، على فحوى اجتماعه مع بوتين.
«معظم المحادثة كانت عن سوريا، مع التركيز بشكل خاص على المساعدة الإنسانية وإعادة الإعمار (التي أرادت روسيا منا والغرب عموماً تمويلها)، وإخراج إيران».
وقال ترامب أيضاً إن «بوتين لا يبدو أنه يهتم كثيراً، بطريقة أو بأخرى، بانسحابنا من الاتفاق النووي الإيراني، على الرغم من أنه قال إن روسيا ستبقى».
لم ينته الأمر في قمّة الرئيسين، فقد عاد بوتين إلى وجود إيران في سوريا، في لقاء مع بولتون خلال المفاوضات التي سبقت إلغاء «معاهدة الصواريخ المتوسطة المدى»، وقال بولتون إن «بوتين شدّد على أنّ الروس ليسوا بحاجة إلى وجود إيراني في سوريا، وإنّ الشيء الصحيح الذي يجب أن يفعله كل منّا هو تحفيزهم على المغادرة».
وذكر أنه ناقش الموضوع مع نتنياهو. من جهة أخرى، أشار بولتون إلى أنه «بعد انسحابها من الاتفاق النووي الإيراني، كانت الولايات المتحدة تعيد فرض العقوبات على إيران، التي توقعنا أن تكون شديدة…».
على هذا ردّ بوتين بالقول إنه «يفهم منطقنا، واعترف بوجهة نظرنا بأنّ الشعب الإيراني قد تعب من النظام».
بل إنّ الرئيس الروسي «حذّر من أنه إذا أعلنّا الحرب الاقتصادية عليهم، فإنّ ذلك سيعزز دعم النظام»، وذلك بحسب ما نقله عنه بولتون، الذي شرح «لماذا لم ننظر إلى الأمر بهذه الطريقة، ولماذا ستقلّل العقوبات القوية من الدعم الذي يحظى به النظام، الذي كان بالفعل تحت ضغط هائل».
عندها، «اعترف بوتين أيضاً بأن لكلّ منّا وجهة نظره حول كيفية التعامل مع إيران، وسنرى أيهما تعمل».
إقرأ أيضاً: بولتون يكشف لماذا لم يرغب في ترك ترامب وحيدا مع بوتين
المصدر: الأخبار اللبنانية