هل يخرج الوضع عن السيطرة؟! وهل ينذر الاستهتار في “المواساة” بكارثة “كورونية”؟!
أكثر من ثلاثة أشهر ونصف مضت على فرض الإجراءات الاحترازية في سورية، ومن الطبيعي جداً أن تكون المشافي من أكثر الأماكن تقيداً بتلك الإجراءات، على الأقل لجهة توفير وسائل ومستلزمات الوقاية الخاصة بالكادر الطبي والتمريضي والإداري فيها لارتفاع احتمالات إصابتهم بوباء كورونا، ولكن ما حدث – كما يبدو – في مشفى المواساة، الذي يعتبر من أعرق المشافي وأهمها على مستوى القطر، كان عكس ذلك تماماً، ما تسبب بإصابة 11 طبيباً و3 ممرضات، إضافة إلى عاملة التعقيم، مع إمكانية ازدياد العدد جرّاء مخالطتهم لمريضة مصابة توفيت!!
حقيقة ما جرى
مصدر مطلع من داخل أروقة المشفى، فضل عدم ذكر اسمه أن سيدة سبعينية دخلت المشفى للاشتباه بظهور أعراض كورونا عليها! ولدى وفاتها أخذت المسحة لها، فكانت النتيجة إيجابية “أي مصابة بكورونا”.. بدايةً قامت إدارة المشفى بأخذ مسحات للأطباء الذين خالطوا السيدة المريضة فقط، وبعد عدة أيام تم أخذ مسحات للممرضات.. هنا، قد يتهيأ للبعض أن الوضع جيد، ولكن ما حدث أن إدارة المشفى طلبت من الكادر الطبي أن يحجروا أنفسهم في وقت كان من المفترض أن تقوم هي بعزلهم في مكان خاص ريثما يتم التأكد من عدم إصابتهم!
يضيف المصدر – المطلع على التفاصيل – أن طبيبة موجودة في سكن الممرضات لديها شريكتان في غرفتها ظهرت نتيجتها إيجابية، وطبيبة أخرى في سكن الطبيبات، في المواساة أيضاً، كانت نتيجتها إيجابية! وهنا نتحدث عن سكن فيه حمامات مشتركة، وعدد الشاغلين فيه كبير جداً، إضافةً إلى من تبقى من الأطباء الذين خالطوا زملاءهم في مطعم المشفى أو الأقسام الأخرى، حيث تابع البعض منهم عمله بشكل طبيعي بانتظار نتائج المسحات التي ظهرت فيما بعد، وللجميع “إيجابية”، ما أدى إلى وجود هذا العدد من الإصابات التي ربما قد تكون أكثر مما هو الآن نتيجة مخالطتهم لأعداد غير معروفة!!
كانت نتيجة هذا الاستهتار من قبل المعنيين في إدارة المشفى – حسب الشهادات الشفهية الموثقة لدينا – انتشاراً أكبر للعدوى حتى خارج المشفى، إذ ظهرت حالة إيجابية لممرضة في مشفى التوليد الجامعي، ليؤكد مصدر موثوق أنه خلال الشهرين الماضيين لم توزع إدارة المشفى كمامات N95، ولم تكن آنذاك الإصابات كبيرة، ولكن مع وصول السيدة المصابة، وتشخيص وضعها، كان من المفترض أن تتغير آلية التعامل، ويمكن القول أنه، ولغاية اليوم، لا يتم توزيع كمامات N95 إلا لأقسام العنايات، وبعدد أقل للإسعافات، مع العلم أن المتواجدين في مثل هذه الأقسام معرضون أكثر من غيرهم للإصابة لتماسهم المباشر مع المرضى! إضافةً للنقص في المعدات وأجهزة الضغط وقياس الأكسجة، وفوق كل هذا عدم وجود جهاز طبقي لأنه معطل، ما يضطرهم – أي الكادر الطبي – لنقل المريض إلى مشفى آخر.. والنقطة الأهم والأكثر حساسية هي التعقيم، فالمشفى بحاجة لتعقيم متواصل، حيث كان من المفترض أن يتم تعقيم القسم الذي تواجدت فيه السيدة السبعينية المتوفاة، لا بل إغلاقه ليتسنى القيام بعملية التعقيم على أكمل وجه، فأحد الأطباء المصابين لم يخالط أحداً وإنما تواجد لاحقاً في القسم نفسه!
وهنا، يرى الكثيرون ممن استطلعنا شهاداتهم من داخل المشفى، وطلبوا حجب هويتهم، ضرورة أخذ المسحات لكل الكادر وليس فقط لمن تظهر عليهم أعراض المرض، وتأمين وسائل الحماية لجميع الحالات، وليس للحالات الشديدة الخطورة، وهو ما يجب أن يحدث في المشفى، إضافةً إلى التعقيم بالشكل المطلوب والأمثل.
خلل وسوء إدارة
من يراجع مشفى المواساة، وخاصةً في الأيام الثلاثة الأخيرة، وعلى الرغم من ظهور الإصابات وسط الكادر الطبي وارتفاعه وانتقاله إلى مشفى التوليد الجامعي، سيلاحظ حجم الاستهتار، ذلك أن معظم الأطباء من دون كمامات أو كفوف، خاصة في قسم الإسعاف المركزي، حيث تغيب أبسط سبل الوقاية على الرغم من أن الكادر هناك على تماس مباشر مع أشخاص قد يكونون مصابين! حيث أكد عدد من الأطباء لـ “البعث” أن رؤساء الأقسام المقيمين وطلاب الدراسات طلبوا من إدارة المشفى، ومن المدير الطبي، تأمين سبل الوقاية اللازمة، ولكن لم يحصلوا على أي جواب!!
بطء في اتخاذ القرار
أحد الأطباء المقيمين في المواساة صرح لـ “البعث” أيضاً أنه كان من الأجدى، لا بل من البديهي، أن يتم تأمين طابق خاص لعزل الأطباء المخالطين للمريضة، ريثما تظهر النتائج حفاظاً على الطاقم الطبي، ولمنع انتشار المرض، ولربما فرض الحجر الكامل على المشفى مدة خمسة عشر يوماً لحصر الإصابات، لأن ما حصل من تسيب واستهتار وبطء باتخاذ الإجراءات المناسبة جعل كل من خالط السيدة التي توفيت بؤرة لانتشار الوباء بين زملائه على الأقل، وهو ما قد يتسبب بظهور نتائج إيجابية لكل الطاقم الطبي المخالط للمخالطين للسيدة المريضة المتوفاة، لأن كل شخص من الأشخاص المصابين كان على تماس مع عدد كبير من زملائه، وفي حال تم أخذ المسحات لهم فقد نفاجأ بالعدد الكبير للإصابات.. وهذا طبعاً ما لا نتمنى حدوثه!!
اقرأ ايضاً:الجمارك تصادر مواد ببيانات نظامية وتعاملها كالمهرّبات !
ما نحتاجه اليوم، كوننا نتحدث عن كارثة حقيقة قد تهدد، وقد تتفشى بأي لحظة، هو السرعة والحزم باتخاذ قرارات تمكن الجهات المعنية من حصر وتطويق الكارثة، وإلا سنكون أمام وضع صعب جداً، وقد يخرج الأمور عن السيطرة.
صحيفة البعث
للمزيد تابعوا صفحتنا على فيسبوك شام تايمزshamtimes.net