السبت , نوفمبر 23 2024

غرفة عمليات “فاثبتوا” تعجز عن الثبات في وجه “تحرير الشام”

غرفة عمليات “فاثبتوا” تعجز عن الثبات في وجه “تحرير الشام”

بعد اعتقال هيئة تحرير الشام القيادي السابق لديها “جمال زينية”، المُلقب بـ”أبي مالك التلي”، عقب محاصرة منزله في إدلب، والناشط المحسوب على فصيل حراس الدين، “أبو صلاح الأوزبكي”، تصاعدت الخلافات بين الهيئة وغرفة عمليات فاثبتوا، ما أدى لاندلاع قتال بين الطرفين.

وغرفة عمليات “فاثبتوا” هي تحالف لعدة تنظيمات جهادية، منها “حراس الدين”، الذي يتألف من عدة تشكيلات عسكرية انشقت عن الهيئة؛ وفصيل “أنصار الدين”، الذي يضمّ عدد من المقاتلين الأجانب؛ إضافة إلى فصيل “أنصار الإسلام”، الذي يُقدّر عدد عناصره بأربعمئة مقاتل؛ وعدة كتائب من المقاتلين الأوزبك.

وبعد عدة أيام من المعارك، التي استخدمت فيها “هيئة تحرير الشام” السلاح الثقيل، استطاعت السيطرة على معاقل تنظيمي “حراس الدين” و”أنصار الإسلام”، في منطقة “عرب سعيد” بريف إدلب الغربي، ومنطقة “الحمامة” بريف جسر الشغور، وتمت مصادرة كمية من أسلحة التنظيمين، إضافة إلى اعتقال عدد من مقاتلي “حراس الدين”.

يقول مصدر في “هيئة تحرير الشام”: «في بداية الأمر قام فصيل “حراس الدين” بعمليات السرقة والاحتطاب لتمويل نشاطاته.

فقام “أبو عمر منهج”، المسؤول في “حراس الدين” بمنطقة “عرب سعيد”، بسرقة أسلحة لـ”تحرير الشام”، فردت الهيئة بشنّ حملة أمنية، استعادت خلالها الأسلحة المسروقة».

ويضيف: «قامت غرفة عمليات “فاثبتوا” أيضاً بضم أي مقاتل أو قيادي فار من القضاء، وخصوصاً الذين لديهم مشاكل أمنية، دون تسليمهم لـ”هيئة تحرير الشام”، إضافة إلى نصب حواجز لاعتقال مقاتلي الهيئة، رداً على اعتقال “التلي”، الذي تمّ بموجب مذكّرة قضائية، كما قامت بالتجييش الإعلامي ضد “تحرير الشام” على وسائل التواصل الاجتماعي».

وطالبت فصائل غرفة عمليات “فاثبتوا” “هيئة تحرير الشام” باللجوء إلى القضاء، و”التحاكم إلى الشرع”، لحلّ القضايا الخلافية، ولكن الهيئة رفضت هذه المطالب، بسبب ما سمته «تجاوزات فصيل “حراس الدين”، وعدم تسليم المطلوبين للقضاء، ومحاولة زعزعة الأمن، وقطع الطرقات على عناصر الهيئة، في المنطقة الممتدة من “عرب سعيد” إلى “بيرة أرمناز” بريف إدلب الشمالي».

من جهته يقول مصدر في تنظيم “حراس الدين”، رفض الكشف عن اسمه، لموقع «الحل»: «منذ ستة أشهر تحاول “تحرير الشام” التضييق على الفصائل التي لا تتبع لها، من خلال قطع التمويل عنها، وعدم تسليمها الأسلحة والذخيرة.

لذلك عانت الفصائل من ضائقة مالية، دفعتها للاعتماد على ما تغنمه من المعارك مع قوات الجيش السوري، وتجنّب قتال “تحرير الشام”في الوقت نفسه».

وحول أسباب اندلاع القتال مع الهيئة يضيف المصدر: «بعد قبول “تحرير الشام” بتسيير الدوريات الروسية وحمايتها، رفضت فصائل غرفة عمليات “فاثبتوا” هذا القرار، لذلك فإن “تحرير الشام” بدأت باختلاق ذرائع من أجل القضاء على الفصائل المعارضة لها، تارة بحجة الاحتطاب، وتارة أخرى بحجة حمايتها مطلوبين للقضاء. وكل تلك الروايات ملفّقة»، حسب تعبيره.

ويشير المصدر إلى أن «”تحرير الشام” اتبعت سياسة التغلّب وفرض الأمر الواقع، فقامت بإنهاء غرفة العمليات من خلال شنّ حملة عسكرية مدعومة بالأسلحة الثقيلة والدبابات. نحن تجنّبنا القتال حقناً للدماء. ومن الواضح أن قرار إنهاء “حراس الدين” أتى بأمر دولي للهيئة، التي تحرص على تسويق نفسها دولياً، لرفع صفة الإرهاب عنها».

وتعمل هيئة “تحرير الشام” على القيام بخطوات استباقيّة، لمنع التشكيلات الأخرى من التكتّل وتنمية قوّتها، كي لا تجد نفسها في موقفٍ محرجٍ أمام المجتمع الدوليّ، الذي تسعى لتسويق درجةٍ من القَبول لها فيه، بناءً على قدرتها في مواجهة الفصائل الجهادية الأكثر تشدداً.

يقول “ياسر العمر”، المختص في شؤون الجماعات الإسلامية: «بعد كل التنازلات التي قدمتها “تحرير الشام” لنيل قبول المجتمع الدولي، فُرضت عليها مهمة القضاء على الفصائل الأكثر تشدداً، وخصوصاً “حراس الدين”، الذي تسعى روسيا لوضعه على لائحة الإرهاب في مجلس الأمن، لذلك كان القضاء على هذا التنظيم خطوة استباقية، يبدو أنها جاءت بطلب دولي، لعدم إعطاء ذريعة للروس، تسمح لهم بالهجوم على إدلب من جديد».

ويضيف “العمر”، في حديثه لموقع «الحل»: «استطاعت الهيئة تقسيم فصائل “فاثبتوا” إلى تيارات مختلفة، وإجراء اتفاقيات مع كل تنظيم منها على حدة، وذلك بهدف خلخلة تماسك هذه الفصائل، ومنعها من اتخاذ قرار موحد بالقتال أو التسليم، وبهذا استطاعت السيطرة على مواقعها، وتجريدها من أسلحتها، واعتقال المطلوبين منها، فلم يعد بإمكان هذه الفصائل مقارعة الهيئة من جديد».

وحول الهدف من محاولة “تحرير الشام” القضاء على الفصائل الأكثر تشدداً يوضح “العمر”: «تستطيع الهيئة بعد هذه العملية ضد الفصائل، ضمان الاتفاق التركي-الروسي، وتسيير الدوريات المشتركة دون عائق، وذلك بعد عدة عمليات تفجير على الطرقات الدولية، يشتبه بقيام “حراس الدين” بتنفيذها. وهو ما يساعد “الهيئة” على الحصول على الشرعية الدولية، من خلال إثبات قدرتها على ضمان الاتفاقات بين الدول في إدلب».

الحل