يعد لبنان من أكثر دول الشرق الأوسط – بل والعالم – تنوعاً من النواحي الحضارية والثقافية والدينية إذ يعيش فيه نحو 18 طائفة معترف بها من قبل الحكومة داخل مساحة لا تتخطى 10452 كلم مربع فقط.
إذ يرى كثيرون أن هذا التنوع الطائفي ساهم في إثراء الثقافة في لبنان، إلا أنه أدخل البلاد في دوامة مشاكل سياسيّة تسببت بحرب أهلية، وخلافات على المناصب أبقت كرسي رئاسة الجمهورية شاغراً لعامين ونصف العام.
ما هي هذه الطوائف، أين تتواجد، ماهي الأحزاب والتيارات التي تمثلها، وكيف تتم المحاصصة السياسيّة؟
الطوائف الدينية في لبنان
يبلغ عدد سكان لبنان بحسب إحصاء 2018 نحو 5.5 مليون نسمة، يتوزعون على 18 طائفة تتبع الديانتين الرئيسيتين في الدولة وهما الإسلام والمسيحية إضافة للدروز، كما توجد أقلية يهودية هاجر معظم أفرادها إذ يعيش حالياً من البلاد أقل من 100 شخص يهودي مقارنة مع أكثر من نحو 20 ألفاً كانوا يعيشون في لبنان قبل أن يهاجروا نحو فلسطين بعد تهجير عرب 1948.
توزّع الطوائف المسلمة في لبنان
بحسب الشركة الدولية للمعلومات، يشكل السنة نسبة 31.3% من السكان، ويعيشون في عدّة مناطق أهمها طرابلس، صيدا، غرب العاصمة بيروت، وعكار.
أمّا الشيعة، فيشكلون نسبة 31.6% من سكان لبنان ويتوزعون في عدّة مناطق، أهمها العاصمة بيروت وضاحيتها الجنوبيّة، سهل البقاع، بعلبك والهرمل والجنوب.
بالنسبة للعلويين فنسبتهم أقل من 1% من الشعب اللبناني، ويعيشون في أماكن محددة وشبه منغلقة على نفسها مثل جبل محسن في طرابلس، وعدّة قرى في عكار مثل تل حميرة، والمسعودية، وحكر الظاهري، والسماقية.
في حين هناك أقلية إسماعيلية ليس لها نسبة أو أماكن سكن محددة إذ يعيش أفرادها في مناطق متفرقة في لبنان.
توزّع الطوائف المسيحيّة في لبنان
أما الطوائف المسيحيّة فهي أكبر كثيراً من الطوائف المسلمة إذ يبلغ عددها 13 طائفة تتوزع على المناطق التالية:
الموارنة: الذين كانوا في أوائل تسعينيات القرن الماضي أكبر طائفة موجودة في لبنان، ولكنها حالياً تراجعت للمركز الثالث بعد الشيعة والسنة إذ يبلغ عددهم تقريباً 20% من الشعب اللبناني ويعيشون في بيروت وطرابلس والبترون وزحلة وصور وزغرتا، وجبيل والشوف.
الروم الأرثوذكس
الروم الأرثوذكس هم أبناء الكنيسة المشرقية، يبلغ عددهم تقريباً 7% من الشعب اللبناني ويعيشون في العديد من المناطق مثل منطقة الأشرفية في العاصمة بيروت، وطرابلس وصور والنبطية والكورة.
الروم الكاثوليك
الروم الكاثوليك هم أبناء الكنيسة الغربية، ويعرفون بالملكيين إذ يتبعون بطريرك انطاكية والمشرق غريغوريوس الثالث لحام ويشكلون نسبة 5% من الشعب اللبناني، ويعيشون في عدّة مناطق في بيروت وصيدا وصور وزحلة.
السريان الأرثوذكس والكاثوليك
تعدُّ طائفتا السريان الأرثوذكس والسريان الكاثوليك من الطوائف المسيحية القديمة التي سكنت لبنان ويبلغ تعداد الطائفتين 1% من الشعب اللبناني ويعيشون في مناطق متفرقة ببيروت وصيدا وزحلة.
الأرمن الأرثوذكس والكاثوليك
تبلغ نسبة اللبنانيين من الأرمن الأرثوذكس والكاثوليك نحو 2% ويعيش أفراد الطائفتين بشكل خاص في منطقة برج حمود ببيروت، وزحلة وعنجر.
الأقباط واللاتين والكلدان والإنجيليون والآشوريون
في العام 1996 اعترفت الحكومة اللبنانية بالأقباط بأنهم من الطوائف المسيحية الرسمية في البلاد، وتقدر نسبتهم مع بقية الطوائف الأخرى مثل اللاتين والكلدان والأنجيليين والآشوريين أقل من 1% ويعيشون بشكل متفرق في عموم محافظة جبل لبنان.
الدروز
لا توجد إحصائية رسمية تحدد نسبة السكان الدروز في لبنان ولكنه يعتقد أنها تترواح ما بين 3 إلى 5% من السكان، ويعيشون شرق وجنوب بيروت إضافة إلى قرى مرجعيون وحاصبيا والشوف وعالية وراشيا.
ما علاقة الأحزاب بالمحاصصة السياسية في لبنان؟
بعد استقلال لبنان عن فرنسا في 22 نوفمبر/تشرين الثاني 1943 والاعتراف بها كدولة مستقلة تم اللجوء إلى اتفاق الميثاق الوطني غير المكتوب الذي نظّم أسس الحكم في البلاد، وقد شارك في كتابته مجموعة محدودة من قادة الطوائف الثلاثة الأساسية في الدولة وهي المارونية والشيعيّة والسنية، وهذا الاتفاق لا يزال سارياً حتى يومنا هذا.
ويحدد الاتفاق بوجوب أن يكون رئيس الدولة مارونياً كونهم الأكثرية السكانيّة استناداً على إحصائية جرت في العام 1932.
وبموجب الاتفاق ذاته يجب أن يكون رئيس الوزراء من الطائفة السنيّة، ورئيس مجلس النواب شيعياً على أن تكون نسبة الأعضاء 6 إلى 5 لصالح المسيحيين.
أمّا نائب رئيس البرلمان يجب أن يكون من طائفة الروم الأرثوذكس، في حين يكون رئيس الأركان العامة من الطائفة الدرزية، وقيادة الجيش للموارنة.
وبما أنّ إحصائية 1932 التي استند إليها الميثاق الوطني أظهرت أنّ غالبية سكان الدولة هم مسيحيون، فقد سيطر الموارنة على الكثير من الصلاحيات حتى اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية والتي كان سببها الأساسي تغير ديموغرافية البلاد بقدوم اللاجئين الفلسطينيين، وانتهت باتفاق الطائف 1989 الذي وزع نسبة أعضاء مجلس النواب 64 للمسيحيين و64 للمسلمين.
أما توزيعها بالنسبة للطوائف فيتم وفقاً لما يلي:
64 مقعداً للطوائف المسيحية، يأخذ الموارنة منها 34 مقعداً والروم الأرثوذكس 14 مقعداً، والروم الكاثوليك 8 مقاعد، والأرمن الأرثوذكس 5 مقاعد، أما الأرمن الكاثوليك فيأخذون مقعداً واحداً ومثلهم الإنجيليون، أما بقية الأقليات المسيحية فيحق لها مقعد واحد أيضاً.
64 مقعداً للطوائف المسلمة، يأخذ السنة 27 مقعداً، والشيعة 27 مقعداً، أما الدروز 8 مقاعد، والعلويون مقعدين.
المسيحيون وأحزابهم السياسية
تتعدد الأحزاب والحركات السياسيّة المسيحيّة في لبنان، إذ يتجاوز عددها 18 حزباً، أكبرهم هو حزب القوات اللبنانية الذي أسسه بشير الجميّل 1976 يرأسه حالياً سمير جعجع، إضافة للتيار الوطني الحر المعروف بالتيار العوني كون مؤسسه هو ميشيل عون في حين يترأسه حالياً جبران باسيل.
كما يعدُّ حزب الكتائب اللبنانيّة الذي يترأسه بيار الجميل من أكبر الأحزاب المسيحية أيضاً رفقة حزب الوطنيين الأحرار الذي أسسه جده بيار جميل مع شارل حلو ويترأسه حالياً دوري شمعون.
ويبرز من الأحزاب والتيارات المسيحية الأخرى أيضاً تيار المردة الذي يترأسه سليمان فرنجية، والكتلة الوطنية التي يترأسها بيار عيسى، وحزب الوعد الذي أسسه إيلي حبيقة ويرأسه حالياً جو حبيقة.
ويوجد أيضاً الحزب الثوري الأرمني “الطاشناق” الذي يترأسه هوفيك مختاريان، وحزبي الهنشاك الإشتراكي الديمقراطي الأرمني والرامغافار الليبرالي الأرمني الديمقراطي.
السنة وأحزابهم السياسية
يعد تيار المستقبل الذي أسسه رفيق الحريري ويرأسه حالياً سعد الحريري من أبرز الأحزاب التي تمثل الطائفة السنية في لبنان، ويتبعه أحزاب أخرى مثل الجماعة الإسلامية الذي أسسه فتحي يكن ويشغل منصب الأمين العام حالياً إبراهيم المصري.
إضافة للتنظيم الشعبي الناصري، وحزب التحرر العربي، حزب التضامن، وحركة التوحيد الإسلامي.
الشيعة وأحزابهم السياسية
أما بالنسبة للطائفة الشيعيّة فيعد حزب الله الذي أسسه محمد حسين فضل الله، وراغب حرب، وعباس الموسوي، وصبحي الطفيلي، أبرز الأحزاب التي تمثلهم.
إضافة إلى حركة أمل التي أسسها موسى الصدر وحسين الحسيني، ويترأسها حالياً نبيه بري، وأيضاً التيار الشيعي الحر الذي يترأسه محمد الحاج حسن.
الدروز وأحزابهم السياسية
يعدّ الحزب التقدمي الاشتراكي الذي أسسه كمال بك جنبلاط ويترأسه حالياً وليد جنبلاط من أكبر الأحزاب الدرزية في لبنان إضافة إلى الحزب الديمقراطي اللبناني الذي يترأسه طلال أرسلان، وأيضاً حزب التوحيد العربي لوئام وهاب.
تحالفان كبيران تتوزع فيهما الأحزاب!
يبرز في خارطة الحياة السياسيّة اللبنانية تحالفان كبيران يضمان معظم هذه الأحزاب السياسية، وهما تحالف 14 آذار والذي يشكل تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي عموده الفقري، إضافة إلى تحالف 8 آذار ويعدّ حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر أقطابه الأساسية.
وتشكل تحالف 14 أذار بعد مظاهرة جرت في التاريخ نفسه، في العام 2005، وضمّ الحركات والأحزاب التي ثارت في وجه تواجد سوريا بلبنان بعد اغتيال رفيق الحريري ويرأسه سعد الحريري ووليد جنبلاط وسمير جعجع.
وهذه الأحزاب هي: (تيار المستقبل، الحزب التقدمي الاشتراكي، القوات اللبنانية، حزب الكتائب، حزب الوطنيين الأحرار، حركة الاستقلال، التكتل الطرابلسي، حركة التجدد الديمقراطي، الحزب الليبرالي الأرمني الديمقراطي الرامغافار، وحزب الهشناك الاشتراكي الديمقراطي الأرمني، وحزب الكتلة الوطنية، والجماعة الإسلامية، وحركة اللبنانيين الأرمن الأحرار، والتيار الشيعي الحر، وحزب الآشورية).
أمّا بالنسبة لتحالف 8 آذار فلا تعترف الأحزاب التي يتشكل هذا التحالف باسمه، ولكنه اسم أطلقه عليهم تحالف 14 آذار إضافة للإعلام اللبناني.
وأخذ هذا التحالف اسمه بعد خروج مناصري الأحزاب التي لها علاقة وثيقة مع النظام السوري في تظاهرة في تاريخ 8 مارس/آذار تشكر الحكومة السورية على الفترة التي تواجدت بها في الأراضي اللبنانية.
وأهم هذه الاحزاب هي: (حزب الله، حركة أمل، التيار الوطني الحر، تيار المردة، الحزب القومي السوري الاجتماعي، حزب البعث العربي الاشتراكي، حزب الكتائب، التكتل الشعبي، الحزب الثوري الأرمني “الطاشناق”، الحزب الجمهوري اللبناني، الحزب الشيوعي اللبناني، حزب التضامن، حركة الشباب العلوي).
إقرأ أيضاً: ميشيل حايك يثير ضجة مجدداً.. هذا ما توقعه عن الإمارات وإسرائيل!