كبار مربي الدواجن وعنهم حكمت حداد يقول: بدأت معاناة قطاع الدواجن من حوالي سنتين عندما أصبح هناك فائض انتاج مقارنة مع الطلب الموجود في السوق وانخفاض القوة الشرائية تزامناً مع ارتفاع سعر الصرف الأمر الذي أثر على المربين ، إضافة إلى زيادة أسعار الأعلاف بشكل جنوني حيث بدأ يقل الطلب على الصيصان من قبل المربين بسبب الخسائر الكبيرة التي لحقت بهم ، بينما القليل منهم استمر بالعمل على أمل أن يتحسن سعر الفروج والبيض وربما يستطيعون تعويض خسارتهم، لكن ما حدث كان العكس حيث ازدادت خسائر المربين ولم تعد لديهم القدرة على التربية ، فقد انخفض سعر الصوص بين 20- 50 ليرة رغم أن تكلفته كانت 300 ليرة ، إضافة إلى ذبح أفواج الأمات بأعداد كبيرة إلى أن خرج 70% منها من السوق ما رتب على المربين خسائر بمئات ملايين الليرات ، كاشفاً أنه منذ أواخر العام الماضي وحتى الشهر السابع من العام الحالي لم يبع أكثر من 10 % من كميات الصوص التي كانت تباع سابقاً ، وأن أكثر من 80% من المربين خرجوا من الخدمة .
وأوضح حداد أنه كان بإمكان البنك المركزي أن يصدر نشرة يذكر فيها أسماء التجار الذين استوردوا أعلافاً بدولار مدعوم ومعرفة الحكومة فيما إذا باع التجار فعلاً بسعر مدعوم ؟ إلا أن هؤلاء باعوا الأعلاف للمربين بسعر السوق السوداء ، ويتساءل: لماذا لا توجد متابعة لهؤلاء التجار ، منوهاً بأنّ الحكومة « تركت الحبل ع الغارب».
ويرى حداد أنه من الصعب انقاذ القطاع في الوقت الحالي حيث تأخرت الحكومة كثيراً في ايجاد حلول واقتصر دورها على عقد الاجتماعات مع الوعود المتكررة بمساعدة المربين لكنها على أرض الواقع لم تحرك ساكناً بهذا الشأن ، لافتاً إلى أنه إذا أرادت بشكل جدي مساعدة المربين يجب أن تدعم الأعلاف وتبيعها بنصف قيمتها للمربي أي أن التاجر يستورد ويسلم للمربي بحيث تعطيه الحكومة فرق الكلفة، بمعنى المزارع يدفع النصف والدولة تتكلف بالنصف الآخر .
الأعلاف متهمة بأنها كانت السبب الأساسي في خروج عدد كبير من المربين من الخدمة وكذلك ساهمت في ارتفاع منتجات الدواجن بشكل ملحوظ..
الخبير في الإنتاج الحيواني المهندس عبد الرحمن قرنفلة أشار إلى وجود أياد خفية تسعى إلى تدمير قطاع الدواجن بغية استيراد المجمد غايتها المزيد من الثراء الفاحش ، وأنّ اتساع رقعة الاتجار باللحوم عبر البحار يحمل مخاطر صحية جسيمة تتمثل بإمكانية نقل وتوطين أمراض مشتركة تصيب الانسان والحيوان معاً.. ، إضافة إلى سوء التخزين حيث تقوم الشركات بتجميد ذبائح الدجاج وفي مرحلة انتقالها للبائعين تفقد درجة البرودة الخاصة بها وهو ما يؤدي إلى تكوين بعض البكتيريا فيها، مشيراً إلى أن بعض الشركات تستخدم أسلوب درجة الحرارة العالية في التخزين وهو ما يفقد ذبائح الفروج قيمتها الغذائية ومن الممكن أن تتعرض للفساد الكلي، والأخطر من ذلك كله احتمال الاعتماد على الهرمونات في تغذية الدجاج المستورد حتى تنضج سريعاً ويتم ذبحها وبيعها بحجم كبير، مضيفاً: استيراد ذبائح لحم الفروج يعتبر كارثة اقتصادية تساهم بتدمير قطاع الدواجن الذي يعتبر أهم دعائم الاقتصاد الزراعي فضلاً عن حاجته لحجم كبير من القطع الأجنبي الذي تعتبر البلاد حالياً بأمس الحاجة له، علماً أنّ استيراد لحوم الفروج يساهم بتدمير مصادر رزق عشرات الآلاف من الأسر التي تعمل في قطاع تربية الفروج.
ولفت قرنفلة إلى غياب إستراتيجية وطنية لتنمية وتطوير قطاع الدواجن، كذلك لعبت فوضى الإنتاج وعدم تنظيم مهنة تربية الدواجن وغياب الرقابة على تطبيق إجراءات الأمن الحيوي في منشآت تربية الدواجن دوراً كبيراً في إلحاق الخسائر بالمنتجين نتيجة ارتفاع نسب النفوق والفاقد في الإنتاج، مشيراً أنّ سياسات التسعير القسري لمنتجات الدجاج من وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك من دون النظر إلى تكاليف الإنتاج الفعلية أدت إلى تعميق خسائر المربين وخروجهم من الخدمة، كما ساهمت سياسات التمويل التي يفرضها المصرف الزراعي التعاوني في عزوف المربين عن التعامل معه واللجوء إلى الممولين من القطاع الخاص الذين عمل بعضهم على فرض شروط إقراض أدت الى إفلاس كثير من المربين، إضافة إلى فتح مساحات واسعة للغش بالمواد العلفية ألحقت خسائر كبيرة بالمربين، وأيضاً ضعف الإرشاد والتوجيه الفني واستغلال بعض الأطباء البيطريين مهنتهم وتحول دورهم إلى تجار أدوية ومستحضرات طبية بيطرية ساهم برفع تكاليف الإنتاج وتراجع نسب ربح المربين.
تشرين
اقرا ايضا: حدائق الفقراء أبواب رزق فتحت لمن يهوى العمل