لعله اختار خيرتهم وأكفأهم.. هكذا يمكن وصف مسيرة فيروس كورونا في سوريا عموماً وفي دمشق وريفها خصوصاً، عندما نرى أسماء أطباء من ذوي الخبرة عصف بهم الفيروس .. منهم من تغلب عليه ومنهم من كان الضحية.
فبعد أن قاوم الظروف المعيشية الصعبة وانحاز لصف المرضى ووضع مهمته الإنسانية أمام عينيه دون النظر للغاية والمردود المادي الكبير، يقاوم اليوم طبيب الفقراء الدكتور إحسان عز الدين وزوجته فيروس كورونا، وبوادر التغلب على الفيروس بدأت تظهر.
أصيب الدكتور إحسان عز الدين الملقب بـ”طبيب الفقراء” و”طبيب الإنسانية” وزوجته، بفيروس كورونا ووضعهما الصحي الآن بخير ويتماثلان للشفاء وهما في فترة الحجر الصحي المنزلي بانتظار زوال الأعراض، بحسب مصادر مقربة من الطبيب.
ماهي قيمة الـ100 ليرة اليوم؟
بهذه الكلمات يقول أحد المراجعين القدامى للطبيب عز الدين لتلفزيون الخبر، مضيفاً: “أي طبيب اليوم يتقاضى هكذا أجرة معاينة وتكفيه ليسد قوت يومه”؟
ويشيد بهذه الفكرة مراجع آخر ويضيف: “لعل دعوات المرضى هي من دعمت مناعة الطبيب عز الدين، فلم يتوان عن مساعدة أحد ولم يرد محتاج ومريض عن باب عيادته”.
واللافت أيضاً أن الطبيب عز الدين قبل أن يتقاضى مبلغ الـ100 ليرة كأجرة معاينة، كان يتقاضى لسنوات طويلة أجرة معاينة 50 ليرة سورية فقط.
إلا أن تبدلات الظروف النقدية وظروف الحرب القاسية، اضطرته لرفع أجرة المعاينة خاصة بعدما باتت فئة “الـ50 ليرة” نادرة الوجود خلال السنوات الأخيرة، بحيث يشعر أولئك الذين يتلقون العلاج بأنهم يدفعون ثمن الخدمة المقدمة لهم وأنها ليست بمثابة الصدقة.
وكما اعتاد أن يقول الطبيب (76 عاما) من مواليد محافظة السويداء: “لقد اخترت لنفسي أن أهتم بالشريحة المتوسطة والفقيرة، لأنني نشأت في هذه البيئة، ولامست الظروف التي يعيشها هؤلاء الناس عن قرب، فقررت أن أبذل جهدي قدر المستطاع لتقديم خدمة معقولة التكاليف لعدم إرهاقهم مادياً وأن أعتاش عليها في نفس الوقت”.
ولم يقف الأمر على أجرة المعاينة البسيطة، فبعد تقديم الاستشارة الطبية، يقدم الطبيب الأدوية اللازمة للمريض والتي يتلقاها بشكل رئيسي من شركات الأدوية، وبعض الزملاء، بحسب ما أفاد الطبيب عز الدين في حديث سابق.
“أبو الفقراء”
ذاع صيت الطبيب عز الدين على أنه “أبو الفقراء” الذي كان سبباً في شفاء حالات مستعصية عجز عنها الكثير من الأطباء مقابل مبالغ رمزية هدفها الأول رفع الحرج عن المريض الفقير.
ويجمع محبو الدكتور عز الدين على أن مجموع ما تقاضاه خلال علاجه لأكثر من 100 ألف مريض على مدى سنوات عمله الطويلة، لا يتجاوز الـ10 آلاف دولار أمريكي وهو أجر عمل جراحي متوسط في كثير من دول العالم.
والدكتور عزالدين هو خريج كلية الطب بجامعة دمشق-اختصاص داخلية وأطفال عام 1968 وافتتح عيادته بمنطقة جرمانا بريف دمشق، وبدأ عمله الانساني، وهو يوزع وقته بين علاج المرضى والإشراف على عمل “الجمعية الخيرية الاجتماعية” في جرمانا والتي تسعى منذ تأسيسها قبل 15 عاماً الى إعانة الفقراء واليتامى والأرامل والمحتاجين.
وكرمت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، الطبيب إحسان عزالدين إثر نيله لقب الوصيف في جائزة “نانسن للاجئ 2017” نظراً لجهوده الانسانية وتفانيه في خدمة المرضى على مدى خمسين عاماً، ولم يكن الطبيب إحسان عز الدين ليتوقف عند هذا الأمر بعد أن نذر حياته لخدمة المرضى قبل أن تبدأ الحرب في سوريا بزمن طويل.
وهنا عاد وأكد الدكتور عزالدين أن جائزته الأولى سعادة المرضى الذين يحتاجون أحياناً لدعم معنوي فقط وأنه سيواصل مهمته الإنسانية.
غنوة المنجد – تلفزيون الخبر- دمشق