الجمعة , نوفمبر 22 2024
الغش والتقليد يغزوان أسواقنا

الغش والتقليد يغزوان أسواقنا

تعتري الأسواق المحلّية حالياً، جملة مخاطر تتوزع بين ما هو صحّي يهدد حياة المستهلك، وبين ما هو مادي من الغش و التقليد كالسلع المقلدة أو منخفضة الجودة والمغشوشة، ذات كفاءة الأداء المتدنية والتي تستنزف مدخرات المستهلك ودخله.

فثمة عشوائية مفرطة في تداول السلع في أسواقنا، سببها الأول قلّة المعروض وصعوبة الاستيراد، ثم غياب ورش ومصانع الإنتاج المحلي بسبب التدمير الممنهج الذي جرى بحق المنشآت ومطارح الإنتاج، وتفضح الأسواق كثيراً هذه الأيام عمليات الاستيراد المشبوه والخالي من الجودة، حيث تظهر المؤشرات في بيع وتداول منتجات ومواد غير مطابقة ومغشوشة، وينمّ وجودها في الأسواق عن تجاوزات وتلاعب بالمواصفات، وهذا ما بدا جلياً بانتشار إكسسوارات لتمديدات صحية لزوم السكن وأعمال الإنشاء لا تصلح للاستخدام المتعلق بالمياه، ولاسيما أنها وبشهادة بعض التّجار أنفسهم تسبّب السرطانات.

وذكرت تقارير إعلامية أن ما نلمسه اليوم من سوء وعدم استمرارية لعمل التجهيزات الكهربائية المستوردة والإكسسوارات وقطع المواد الصحية وقطع السيارات يحمل قدراً من الخطورة على صحة وسلامة المواطن لا يمكن تجاهله ببساطة.. وبالمختصر، يمكن إطلاق وصف الجودة على المنتجات المستوردة، فيما لو حقّقت رضا العميل، أي أشبعت الحاجة التي اشتُريت من أجلها بما يتناسب مع قدرته الشرائية وبالشكل الذي يحقّق له المنافع المتوقعة من المنتج.

فما يحصل حقيقة في السوق المحلية من فلتان في عملية التسعير وعدم ضبط الجودة يضرب النظريات الاقتصادية بعرض الحائط، ويجعل منا مستهلكين مغبونين رافضين للنظريات الاقتصادية الموجودة في كتب الجامعات، كنظرية المستهلك الرشيد الموجودة في كتاب المدخل إلى الاقتصاد، والتي طالب بتغييرها، لأن نظرية المستهلك الرشيد الذي يقارن الأسعار ويفاضل بينها ويحصل على الأنسب والأكثر جودة أُهدرت عند عتبات المتاجر الخاصة بالمواد المستوردة، وأضحى المستهلك مغبوناً ومسلوب القرار باختيار الأجود والأنسب له.

وطالب مراقبون بوضع حدّ لحالة الهدر الحاصلة في عملية استيراد مواد لا تمتلك مقومات الجودة المطلوبة، فهناك مستوردات رديئة وأجهزة وقطع غيار لا يتجاوز عمرها الساعات في العمل، وما عبارة هذا العطل ناتج عن سوء الاستخدام إلا شماعة موجودة في كافة المتاجر، يمكن لك أن تعلق عليها شكواك وتسلم بضياع حقك في الصيانة أو الاستبدال أو التعويض، وبالتالي فإن مفهوم الربح طغى على مفهوم الجودة وباتت معادلة “استورد بمعايير أقل من اللازم لترفع من هامش ربحك”، وليطغى الطابع الاستهلاكي على الأسواق السورية “اشترِ وارمِ وكرر عملية الشراء” قاعدة يومية يتوجب قبولها مكرهاً.

كل ذلك يحصل على الرغم من القرار الصادر عن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بجواز استبدال القطع التي يشتريها المواطن خلال فترة زمنية محدّدة في حال لم يستخدمها وبتحديد هوامش الربح للمواد المستوردة، إلا أن واقع الحال لا يتحدث كذلك، حيث إن الاستبدال هو حلّ آني وهامش الربح غير معمول فيه!
لذا ثمة ضرورة حالياً للانتقال إلى حلول أكثر فاعلية بإعادة النظر بفاعلية المخابر التي تتحقّق من كفاءة هذه الأجهزة واستخدام لصاقات ذات حماية أمنية للدلالة على جودتها أسوة بلصاقة كفاءة استهلاك الطاقة، واعتماد مبدأ الاستيراد الأخضر، أي استيراد ما لا يلوث البيئة، ووضع معايير تقييم لمنتجات الشركات المستوردة وأولها معايير السلامة، بحيث يتمّ نشر نتائج التقييم دورياً، ليتمكن المستهلك من الاطلاع على التقييم والاتجاه إلى السلعة الأنسب، والتحقّق من فاعلية الكفالات الممنوحة، وكيفية تقديم خدمة الصيانة واستخدام الفاتورة كمرجع لعملية الشراء، مع الحفاظ على سمعة الأسواق من خلال وقف استيراد البضائع المقلدة أو ما يطلق عليه بالسوق نسخة مطابقة للأصل (copy one) لتأثيرها السلبي على سمعة الأسواق السورية نتيجة لبيعها منتجات مخالفة لمعايير حقوق الحماية المسجل وفقاً لها المنتج الأصلي، إضافة إلى تكثيف جولات مراقبي التموين لإيقاف بيع البضائع المقلدة على أنها أصلية.

في الختام تقول القاعدة الذهبية في أدبيات الاستهلاك: “لست غنياً لأشتري سلعاً رخيصة”..في إشارة إلى سعر السلع المرتبط ارتباطاً وثيقاً بجودتها وبكفاءتها..لكن لم يعد من متسع لتطبيقات هذه القاعدة في أسواقنا، بسبب العشوائية والارتباك الذي يعصف بها..وبات من الملحّ دخول الجهات الرقابية على خط الجودة والسلامة، كشروط أساسية في السلع المعروضة في الأسواق سواء ذات المنشأ المحلّي أو الأخرى المستوردة.

اقرأ أيضا: وزيرة الشؤون الاجتماعية: صرف 3.5 مليار ليرة منحة تعطل أثناء فرض حظر كورونا