ذكرت وكالة “سانا” السورية الرسمية بأن قسد استولت على أبنية ومقار المدارس السورية الثانوية وإغلاقها بشكل كامل في محافظة الحسكة السورية، بعد أن استولت على مقرات التعليم الأساسي سابقا، وفرضت مناهج مغايرة لمناهج وزارة التربية السورية.
وأشارت سانا إلى أن ميليشات قسد قد أبلغت الكوادر في المدارس السورية الحكومية بعد العودة إلى المدارس، وهددتهم بالخطف والاعتقال، كما أنها قامت بالاستيلاء على كافة محتويات المدارس من أثاث ووسائل تعليمية وغيرها.
ويؤكد المسؤولون عن العملية التعليمية في محافظة الحسكة وفقا لسانا، أن ممارسات قسد تؤدي إلى تراجع المستوى التعليمي وتشكل ضغطا كبيرا على المدارس الحكومية الباقية، بالإضافة إلى وجود رفض واستياء شعبي من هذا الإجراء بالإضافة إلى ما تقوم به قسد من تصرفات، ومحاولتها فرض كل شيء بقوة السلاح.
ممارسات قسد
تواصلت “سبوتنيك” مع أحد المدرسين في محافظة الحسكة للاطلاع على واقع الحال، وتقول المدرسة التي فضلت عدم الكشف عن اسمها خوفا من قوات سوريا الديمقراطية: تم إغلاق المدارس لكل المراحل التعليمية، وتم تعطيل العملية التعليمية بالعام ٢٠١٦، حيث أغلقت جميع المدارس الابتدائية في المناطق الخاضعة لسيطرة هذه القوات.
وتتابع المعلمة: لقد أصبحت المناهج بغير اللغة العربية، وأصبح الطالب مجبرا على أن يدرس باللغة الكردية، ومنعت قسد وهددت كل من يعمل بمدارس الدولة بدفع غرامات مادية باهظة، وأجبرت الطلاب على النزول من الباصات والسيارات التي تنقلهم إلى المدارس، وكل من يعمل لديها ويرسل أبناءه إلى المدارس الرسمية بغرامة مالية وصلت إلى مليون ليرة وفصله من العمل لديها.
وتضيف: حتى المدارس الخاصة والمعاهد والمخابر اللغوية الواقعة تحت سيطرتها أغلقتها إلى أن توصل رجال الدين المسيحي مع بعض القيادات إلى حل فتحت بموجبه المدارس وبقيت المعاهد والمخابر مغلقة علما أنهم أغلقوها بإشهار السلاح بوجه المدراء
كادر غير مؤهل
وتؤكد المدرسة السورية أن مستوى التعليم انحدر كثيرا بعد سيطرة قسد على تلك المنطقة، وتنوه إلى أن أغلب قياداتهم يدرسون لأولادهم بمدارس الدولة ويجبرون الفقراء والمعدمين على الدراسة في مدارسهم، وتتابع: تأثرت المستويات العلمية كثيرا عند الطلبة، فمن المدرسين في مدارس قسد من لا يتكلم العربية مطلقا ولا يكتب بها، وازاداد التخلف والأمية ازدادت بشكل كبير بين الأطفال، كما أن المدراس الخاضعة لسيطرتهم خالية من الطلاب إلا ما ندر.
وعن المدرسين تقول: “أغلب المعلمين لا يحملون أي شهادة تتيح لهم التعليم، فمنهم النجار وبائع الخضار، والمعلمة عندهم أما كوافيرة أو خياطة ولا تحمل أي مؤهل علمي، بل يخضع جميع المعلمين عندهم لدورة كردية، يمنحهونهم بعدها شهادة تؤهلهم للتدريس، ويتقاضون رواتب عالية جدا.
إغلاق المدراس لنشر الجهل
وصرح أحد المدرسين في المنطقة لـ”سبوتنيك”، وأيضا طلب عدم نشر اسمه خوفا من الاعتقال أو التنكيل، وتحدث عن واقع المدارس في محافظة الحسكة قائلا: “المدارس في محافظة الحسكة والتي تقع في المناطق الخارجة عن سيطرة الجيش السوري، تم احتلالها من قبل قسد ابتدائية كانت أو إعدادية أو ثانوية، وفي المدارس الإبتدائية تم تدريس منهاج كردي خلال السنوات الماضية.
ويتابع: “بعدها تم الانتقال إلى المرحلة الإعدادية، وخلال العام الماضي أخذوا صفي العاشر والحادي عشر، وسمحوا فقط لطلاب البكالوريا بالدراسة في مدارس الدولة السورية، وقبل يومين جاؤوا إلى الكوادر التدريسية في المدارس الخاضعة لسيطرتهم، وعددها 118 مدرسة، وبلغوهم بمغادرة المدارس وقاموا بإقفالها وأخبروهم بأنهم سيقومون بتدريس المنهاج الكردي فيها.
وعن عدد المدارس حاليا في المحافظة يقول المعلم: “عدد المدارس في محافظة الحسكة 143 مدرسة ثانوي، منها 118 تحت سيطرة قسد، والتي تم منع تدريس صفوف الثالث الثانوي فيها، و25 مدرسة تقع تحت سيطرة الحكومة السورية، وهي لا تكفي للأعداد الكبيرة الموجودة في مدرسة الحسكة، بالإضافة إلى الضغط الكبير في الإعدادي والابتدائي، وأرى أن الهدف الوحيد من هذه التحركات هي نشر الجهل”.
رد الإدارة الذاتية
ولعرض وجهة النظر الثانية تواصلت وكالة “سبوتنيك” مع الرئيس المشترك لهئية التربية والتعليم في الإدارة الذاتية محمد صالح، وبعد سؤالنا عن حقيقة إغلاق المدارس في محافظة الحسكة، أنكر الصالح جميع الاتهامات الموجهة لقوات سوريا الديمقراطية، وأوضح حقيقة الأمر بقوله: “الخبر غير دقيق وقوات سوريا الديمقراطية لا علاقة لها بالموضوع، لم تستولي قوات قسد على أي مدرسة، والذي حصل هو أنه هيئة التربية والتعليم عندما تدخل في مرحلة ينتهي تعليم الحكومة السورية فيها”.
ويكمل: مثلا كان في صف البكالوريا طلاب للحكومة السورية، ونحن لم يكن لدينا طلاب في هذا الصف في العام الماضي، أما الآن هذه المدرسة أصبحت للبكالوريا لطلاب الإدارة الذاتية، ولم تغلق أي مدرسة.
ويشير الرئيس المشترك إلى أن الإدارة الذاتية حاولت منذ البداية الاتفاق مع التربية السورية حول مناهج محددة، لكن وزارة التربية رفضت كل ذلك، وتابع بقوله: “قالوا جميع الكتب التي يجب أن تدخل إلى المدارس يجب أن تكون مطبوعة في مطابع مؤسسة الكتب المدرسية السورية، ونحن اضطررنا إلى وضع مناهج خاصة للإدارة الذاتية بثلاث لغات، هي العربية والكردية والسريانية، وهي تختلف جذريا، نحن في هيئة التربية والتعليم لدينا مؤسسة المناهج وهي تقوم بتأليف كتب الإدارة الذاتية.
الرفض الشعبي
وعن الرفض الشعبي للمناهج والمقررات الدراسية من قبل أولياء الطلاب والمعلمين في المنطقة، يقول محمد الصالح: هذا الكلام أيضا يحتاج إلى تدقيق، الأهالي لا يعارضون بل المعارضة من قبل الجهات السياسية فقط، لدينا أكثر من 18ألف معلم تابعين لهيئة التربية والتعليم في إقليم الجزيرة، والإدارة الذاتية تدفع رواتبهم بالكامل، بعد أن رفضت وزارة التربية التعامل معنا.
ويضيف: “الكادر لدينا مؤهل ودرب في معاهد إعداد المعلمين، وقسم كبير منهم من خريجي الجامعات السورية، وقسم منهم تخرج من جامعة روجافا التابعة لهئية التربية في الإدارة الذاتية، وهناك طلاب لا زالوا يدرسون في الجامعات السورية ويمارسون التدريس”.
جامعات الإدارة
ويشير الصالح إلى أنه لا يتم فرض لغة معينة على أي طالب، فالطالب الكردي يدرس بلغته الأم وكذلك العربي والسرياني، وهؤلاء بعد الدراسة يمكنهم الالتحاق بالجامعات هنا، كجامعة روجافا وكوباني أيضا.
ويتابع: في هذا العام تم تخريج 160 طالب من جامعة روجافا، منهم 65 مهندس بترول وبتروكيمياء، و35 مهندس زراعي، و35 من كلية العلوم التربوية من رياضيات وفيزياء وكيمياء ومعلم صف وغيرها، و18 طالب من الأدب الكردي و7 طلاب من قسم علم المرأة.
ويختم حديثه: “هذه الدفعة الأولى من المعلمين، وسنويا سيتم تخريج المزيد من الدفعات، ونستقبل أيضا طلاب الجامعات والمعاهد السورية ويعملون لدينا بصفة مدرسين، ومن إنشاء الإدارة الذاتية وحتى الآن بنينا هيكل كبير للتربية والتعليم في إقليم الجزيرة، وكنا نرغب بأن تتعاون معنا وزارة التربية السورية ولكن للأسف لم تتعاون، وهو ما اضطرنا إلى بناء نظامنا الخاص.
سبوتنيك
اقرأ أيضا: لاجئ سوري حديث الصحافة الألمانية بعد أن نصب على شركة التأمين!