عادت ملكية مدرسة الفرنسيسكان في حلب لرهبنة الآباء الفرنسيسكان المالكين الأصليين لها، بعد أن تم وضع اليد عليها منذ عقود طويلة.
وذلك بعد أن فرض قانون التأميم عام 1967 – 1968 في سوريا والذي يتضمن الاستيلاء على الملكيات الخاصة بما فيها الملكيات الكنسية.
ولا تزال بعض الأراضي والمدارس التي تتبع لطوائف مسيحية مختلفة، تعد من بين الأماكن المستولى عليها حتى الآن.
لكن الأمر اختلف بالنسبة للرهبنة الفرنسيسكانية فقد اختصروا الطريق حسب ما يقول الأب فراس لطفي، المسؤول الإقليمي للآباء الفرنسيسكان في سوريا ولبنان والأردن، لتلفزيون الخبر .
وفي حديث خاص لتلفزيون الخبر، قال لطفي: ” يعود الفضل لله الذي أعطانا الصبر والثبات الطويل، ولكن الفضل الأساسي في عودة الأراضي كاملة لكنف الرهبنة يعود إلى مكرمة السيد الرئيس الدكتور بشار حافظ الأسد مشكوراً، ولولا تدخله لكان الحال استمر لسنوات طويلة”.
مضيفاً “في لقائنا مع السيد الرئيس عام 2019 طلبنا منه استعادة الأراضي المستولى عليها لكنف الرهبنة والسيد الرئيس لبى مطلبنا بالتفاتة نبيلة أعطت للرهبنة الفرنسيسكانية أمل جديد لإعادة نشاطنا في سوريا، ولإعادة استكمال رسالتنا تجاه شرائح مختلفة من السوريين”.
وكشف الأب لطفي أن “سيادة الرئيس حملنا المسؤولية خلال لقائنا به تجاه أبناء بلدنا لإحياء الدور الرائد خصوصاً في المجال العلمي والتربوي والتثقيفي والحضاري”.
وتابع لطفي: “نوجه رسالة شكر عميقة مع الدعاء المستمر لرئيس البلاد على مكرمته وعنايته واهتمامه ورعايته فيما نتوجه بالشكر لقيادة حزب البعث العربي الاشتراكي الذي تعاون في إتمام الإجراءات”.
ماذا بعد المكرمة؟
يقول الأب فراس لطفي لتلفزيون الخبر: ” نقوم حالياً بدراسة الحالة الراهنة بكل أبعادها وقريباً جداً سنعيد دورنا التدريسي والعلمي والخيارات أمامنا كثيرة، قد تكون مدرسة ابتدائية وإعدادية وثانوية نموذجية رائدة ببرامجها وخططها وطريقة التعليم فيها، وقريباً ستصدر قرارات الرهبنة حيال هذا الموضوع”.
مضيفاً: “نصرة السيد الرئيس للرهبنة أعطتنا دافعاً للبقاء صامدين في وطننا، وسنبقى مع السيد الرئيس بشار الأسد نبني أجيالاً من العلم ومنارات للمستقبل، ونحن باقون لأننا متأصلين في هذه الأرض المقدسة ومنتمين لها، وباستعادة باقي المدارس المؤممة نأمل إعادة الأمل والنشاط لكل أبناء سوريا الذين غادروا البلاد في الظروف الصعبة التي مرت، وهي دعوة للعودة وليشهدوا أن سوريا هي الأم الحنون”.
وبالعودة إلى التاريخ..
لمدرسة الفرنسيسكان تاريخ عريق في مدينة حلب، حيث افتتحت عام 1948 كصرح علمي وذلك بعد إغلاق مدرسة الشيباني في حلب القديمة التي تخرج منها مئات الأدباء والمفكرين من مدينة حلب. وكانت مدرسة الشيباني تضم كوادر إدارية وتعليمية من آباء الرهبنة الفرنسيسكانية، في حين كان لهذه المدرسة دور في محاربة التتريك آنذاك.
وعند افتتاح قناة السويس في مصر كرست مدرسة الشيباني تدريس لغات أجنبية أخرى إلى جانب اللغة العربية كلغة أساسية، وذلك لمواكبة الحدث الكبير المتعلق بافتتاح قناة السويس للانفتاح على العالم ومواكبة ازدهار الحركة التجارية المقبلة.
وعند إغلاق مدرسة الشيباني في أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، فكر الآباء الفرنسيسكان بالتوجه إلى وسط المدينة ووقع الاختيار على منطقة الفرقان وذلك قبل افتتاح جامعة حلب العريقة، فتم شراء مساحة واسعة لبناء صرح علمي، وبذاك بنيت مدرسة الأرض المقدسة.
واستمرت المدرسة بالتعليم إلى أن جاء قانون تأميم المدارس الخاصة وهو قانون استيلاء على الملكيات الخاصة بما فيها الملكيات الكنسية، وذلك عام 1967 – 1968، فتوقف بذلك النشاط التعليمي وبدأت الرهبنة الفرنسيسكانية نشاطات من نوع آخر تعنى بصقل الجوانب الروحية والاجتماعية للأفراد، وذلك في دير الرهبنة المجاور للمدرسة المستولى عليها.
وخلال الحرب تركزت أعمال الرهبنة الفرنسيسكانية على الاهتمام بالصحة النفسية للأفراد المتضررين جراء الحرب، فأسست الرهبنة مركز الرعاية الفرنسيسكاني والذي يتمحور نشاطه حول الأطفال والعائلات المتضررين نفسياً من الحرب، وذلك عبر أنشطة تدريبية وتنموية بإشراف اختصاصيين في علم النفس وعلم الاجتماع.
كما اتجهت الرهبنة للاهتمام بأطفال الأحياء الشرقية في حلب والتي كانت من بين الناطق الأكثر تضرراً، حيث أنشأت مشروع تنموي يستهدف شريحة الأطفال.
وتعد الرهبنة الفرنسيسكانية من أوائل الذين تمكنوا من استعادة ملكية أراضيهم بعد طول انتظار فيما تفيد مصادر كنسية باستمرار محاولات بعض الطوائف المسيحية عبر قنوات خاصة للمطالبة باستعادة ملكية مدارسهم وأراضيهم المستولى عليها منذ أكثر من خمسين عام.
نغم قدسية – تلفزيون الخبر
اقرأ ايضاً: الجمارك تحجز على الأموال المنقولة وغير المنقولة لشركة تورد أجهزة طبية